نعي الدكتور محمود محيي الدين، المدير التنفيذي بصندوق النقد، ممثلا لمصر والمجموعة العربية، محمود العربي رجل الأعمال الشهير ورئيس مجلس إدارة مجموعة العربي.
وقال محيي الدين، خلال مقال بعنوان «العربي وتوطين التنمية»، «رحم الله الحاج محمود العربي وجعل من دروس حياته وأعمال مؤسساته ما يفيد عموم الناس».
وتابع أن مسيرة العربي يملؤها الكفاح والإيمان بتوفيق الله للمجتهد المثابر، تفتحت بها أبواب الرزق لمن حسبهم عن حق شركاء في العمل والنجاح، هي مسيرة بناء وإنتاج وتوطين لم تحفل بصفقات محدودة ولقطات موقوتة، مسيرة جعلت المسئولية الاجتماعية في قلب منظومة العمل وليس مجرد إدارة مهمشة تستدعى في مناسبات معينة.
وأضاف «كانت لي فرص في التعرف عن قرب بهذه الشخصية ذات الذكاء والفراسة الاستثنائية، التي صقلتها تجارب الحياة، ففي سبتمبر 1997 سعدت بصحبة العربي ضمن وفد رسمي إلى فيتنام، وما أذكره في هذه مهمة فضلا عن تواضعه وبساطته واستعداده الدائم للانخراط في الحديث ناقلاً للخبرة أو متسائلاً عما هو جديد، تعليقاته على الأزمة الآسيوية، بأن الأزمات تصقل المعادن وتخلصها من الشوائب الدخيلة ومن يصمد فيها يخرج أكثر وعياً وصلابة، كما أنها تأتي دائما بالجديد بعدها".
وأوضح «تكشفت فى هذه الزيارة ما يجب أن يتحلي به رجل الصناعة والتجارة من الشغف واضطلاع على الجديد في العالم مع إدراك كامل لمعطيات بيئته المحلية، ففي حديث بين أحد أعضاء الوفد بشأن الكمبيوتر المحمول ماركة توشيبا، وكان السؤال للحاج محمود متى سيدخل هذا الكمبيوتر المحمول الأسواق المصرية فكان رده بأن السوق المصرية لم تتهيأ بعد ولكننا نجهزها، وما هو إلا عام ونيف يمر بعد هذه الزيارة وإعلانات توشيبا العربي تملأ الميادين بأن الكمبيوتر المحمول متاح في الأسواق المصرية».
وأضاف «تعرفت على ملكات العربي في الاستشراف واستعانته بفهمه للناس وطبائعهم وأحوال الاقتصاد والأسواق، حيث شاركنا توقعاته بأن يكون للاقتصاد الفيتنامي شأن في المستقبل، وأن راكبي الدراجات الهوائية النشيطين والمبتسمين دائماً سيملكون في يوم قريب سياراتهم الخاصة، وهو ما رأيته متحققاً في زياراتي المتعاقبة لهذا البلد».
وتابع محي الدين، «ظللت على تواصل مع العربي بعد هذه الزيارة التي رسخت في ذهني أبعاد شخصية هذا العصامي الريفي المكافح، الذي ارتبط اسمه مع أبناء جيلي بتجارته الأولي للأدوات المكتبية وإعلاناته في الإذاعة والتليفزيون تردد «العربي في الموسكي»، فتتطور بفعل المثابرة والاجتهاد وبتوفيق الله إلى أربعة مراكز صناعية ضخمة في القليوبية والمنوفية وبني سويف، تضم عشرات الآلاف من العمال والمهندسين والإداريين والخبراء، يخرجون للأسواق المحلية والدولية منتجات مصرية بمشاركات عالمية تحمل شعاراً مستحقاً (صناع الثقة)».
وأشار إلى أن ما قام به العربي هو تجسيد لما يقصده الخبراء بالإسهام في توطين التنمية، فهذه المصانع والمتاجر التي تتوسط مراكز التجمع السكاني جاذبة أمهر الأيدي العاملة المصرية مع تطويع التكنولوجيا العالمية للاحتياجات المحلية والبناء عليها ابتكاراً وزيادة للقيمة المضافة، هي قلب التنمية المستدامة وتوطينها لتحقيق أهم أهدافها وهي التشغيل، والتصنيع والابتكار، ومكافحة الفقر، قائلا "من يريد التعرف على توطين التنمية فعليه أن يزور هذه المصانع المتداخلة بانسجام وتناغم مع نسيج دلتا مصر وصعيدها" .