أفلام «برلين السينمائى الـ68».. تحديات سياسية وفنية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:29 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أفلام «برلين السينمائى الـ68».. تحديات سياسية وفنية

رسالة برلين: خالد محمود
نشر في: الأحد 18 فبراير 2018 - 10:22 ص | آخر تحديث: الأحد 18 فبراير 2018 - 10:22 ص

• كشفت عن شعوب تفضل التمسك بظلال الماضى بدلا من تبنى المستقبل.. والقصة لا تزال مستمرة
• Heiresses.. رائعة باراجواى السينمائية يركز على السجون التى نبنيها لأنفسنا.. ويدعو لاستقلال المشاعر فى زمن فقدان الرومانسية

تكشف شاشة مهرجان برلين السينمائى فى دورته الـ 68، عن ان السينما تمر الان بمرحلة تغير كبيرة، فقد اصبحت اكثر اخلاصا ووفاء لواقع الشعوب اجتماعيا وسياسيا، ابداعها بات يتنفس لحظات آلامها وبهجتها، مشاهدها تنبض تارة بالتمرد وتارة بالرضا.. باختصار أصبح المخرجون يرضخون لرغبة الانسان فى النهج الذى يريد ان يعيش به حياته وهم يصورون حكاياته وقصصه، فاليوم لا فارق بين شريط الفيلم على الشاشة وشريط الحياة.. فهل هذا هو الفن الثامن؟!

عرض المهرجان فى اطار مسابقته الرسمية The Heiresses واحدا من اعظم الافلام التى تؤرخ لهذا المنظور الجديد للسينما، وحظيت بأعجاب كبير من الجمهور والنقاد، ومن المتوقع ان يحصل على نصيب من الجوائز، فالفيلم الذى ينتمى انتاجيا إلى باراجواى بمشاركة من اورجواى وألمانيا والنرويج والبرازيل وفرنسا، واخراج مارسيلو مارتينزى، يرمز للشعور بالخسارة والكآبة عندما تؤجل لحظاتك المبهجة لوقت آخر من الحياة، هو قصة عن فقدان الرومانسية واختيار الاستقلال فى المشاعر بدلا منها، كما يكشف السيناريو الذى كتبه مارتينيزى ايضا عن الهوية وكسر الوطن من خلال العبور على العديد من الانقسامات بين الأجيال من مختلف الطبقات.

فبطلتنا هى تشيلا (آنا برون) التى تذيبنا فى حكايتها هى وصديقتها تشيكيتا (مارجريتا إيرون)، وهما من كبار السن وينحدران إلى اسر ثرية، وقد استقرت حياتهن فى شىء من الروتين، قبل ان تتدهور حياتهن المالية، تشيلا تحاول ان تختبئ من العالم بين العظمة الفخمة للمنزل الذى ورثته من عائلتها، بدأ يتلاشى الماضى الذى تتشبث به، بينما الحاضر الذى ترغبه غير مؤكد، فتشيلا تكافح من اجل ترك منزل ينتمى إلى حقبة زمنية مختلفة عن حياتها اليوم رغم انتمائها.

لمفرداته والتمسك بذكريات الماضى، وهناك كثيرون غيرها، وعندما يتم إرسال تشيكيتا إلى السجن بسبب الاحتيال، يصبح منزلها صالة للعب للنساء الأثرياء، ومع تتابع الاحداث اضطرت تشيلا لبيع قطع الأثاث العتيقة والفضيات التى تركتها عائلتها لدفع ديون تشيكيتا، بل وتعمل كسائقة بالاجرة لمجموعة من السيدات الاثرياء بسيارتها المرسيدس وتبدأ شيلا فى تجربة العالم الخارجى، وهنا تلتقى أنجى (آنا إيفانوفا)، فتاة شابة ومبهجة لكن صداقتهما لم تستمر. بدون شك خطط مارتينيزى لثورة شخصية لبطلته الرئيسية تشيلا عن طريق السماح للكاميرا بمراعاتها بعناية، ونسج صورة معقدة لرغباتها نجحت فى تجسيدها آنا برون ببراعة واساس عميق، الفيلم بأكمله يعتمد على ضبط النفس، فى الوقت الذى يكشف فيه المخرج جزءا كبيرا من مجتمع البراجواى الذى يفضل التمسك بظلال ماضيه، عن تبنى المستقبل. وكذلك فى الخلفية السياسية والاضطرابات والفساد والمشكلات الاقتصادية المزمنة التى ابتليت بها البلد وعاشت عهدا من ديكتاتورية ٣٥ عاما، مارتينيزى يستخدم صراعات السلطة وعلاقتها بقمع الثقافة البرجوازية لإشراك الجمهور فى هذا العالم. فالفيلم الذى يمكن ان نظلق على عنوانه «الوريثة» هو عن السجون التى نخلقها لأنفسنا، ونحن غالبا ما نخاف جدا من المغادرة، وكان خلق بطلتنا حكاية لتحرير حبسها فقط محاولة لتحقيق الذات والهروب، وهو ما أشير إليه فى المشهد الأخير للفيلم.. والقصة لاتزال مستمرة بحسب تعبير منتج العمل.

مهرجان برلين الذى يعد من افضل التظاهرات السينمائية فى العالم، يعيش تحديات فنية وسياسية هذا العام، فهو يتغير عمقا على مستوى الشكل، حيث يسعى القائمون عليه وفى مقدمتهم ديتر كوسليك مدير المهرجان إلى ان يغير فى سياسة المهرجان، على مستوى الاختيار، وقد اختار هذا العام فيلم رسوم متحركة ليعرض فى الافتتاح لأول مرة وهو «جزيرة الكلاب»، للمخرج الكبير ويس أندرسون، وهى تجربة مثيرة وجديدة.

وقال أندرسون إن تجربته فى هذا الفيلم هى تجربة خاصة جدا، حاول أن يصنع خلالها فيلم رسوم متحركة على غير الأمريكية المعتادة، مؤكدا أن الفيلم هو مزيج من أفلام كوروساواو ميازاكى، وهما مدرستان كبيرتان فى الرسوم المتحركة، فأحدهما يهتم بالتفاصيل والآخر يعتمد على الصمت ويرصد حالة الطبيعة بسلام، وبين المدرستين حاولت أن أصنع فيلما مختلفا.

وأضاف: حاولت تحقيق نتائجى المرجوة من خلال العمل على موسيقى الفيلم التى تعد أحد العناصر المهمة فى هذه النوعية من الأفلام، ولكن بعد العمل كثيرا وجدت أنه يجب أن يتم سحب الموسيقى التى قدمها الفرنسى الكسندر ديسبلات فى مناطق عدة، ليخرج الفيلم هادئا من وجهة نظرى ليكون أقرب إلى طريقة ميازاكى».

ويقول أندرسون إنه فكر فى البداية فى أنه يريد أن يصنع فيلما عن الكلاب ويدمج ذلك بحبه لليابان، وإن فكرة الإسقاط السياسى والخيال العلمى لم تبدأ فى التطور فى ذهنه بشأن مدينة ميجاساكى الخيالية إلا لاحقا.

وأضاف أندرسون «كانت السياسة فى هذا المكان المختلق فى اليابان من نسج خيالنا.. لكن بسبب عملنا فى هذا الفيلم مدة طويلة.. بدأ العالم يتغير.. وفجأة بدا أنه مناسب لهذا التوقيت».

و«ربما استوحينا فى الفيلم أفكارا جديدة من الحياة الواقعية من أماكن صغيرة على الطريق لكنها.. قصة شعرنا أنها قد تحدث فى أى وقت وأى مكان».

كما أشار ابطال الفيلم إدوارد نورتون وليف شرايبر وبيل مورى وتيلدا سوينتون ويوكو أونو. عبر مؤتمر صحفى اقيم عقب العرض، إلى صعوبة العمل ومتعته أيضا، مؤكدين أن تركيب الأصوات وسط ضجيج الكلاب كانت عملية مرهقة.

وتدور أحداث الفيلم حول طفل يسافر فى رحلة يجوب بها اليابان، بحثا عن كلبه الذى فقده، ذلك هو المنظور الاول للقصة، لكن فى المنظور السياسى الذى قصده أندرسون هو ان المدينة اليابانية متمثلة فى شخصية الحاكم المستبد كوباياشى، قررت نفى كل الكلاب فيها إلى جزيرة تستخدمها السلطات مكبا للنفايات بحجة تفش لمرض فى المدينة. هم يحملون فيروسه القاتل وانه يمكنهم ان ينقلونه إلى البشر، ثم يتتبع الفيلم المغامرات التى يخوضها الطفل «أتارى» الذى يقود طائرة ليصل إلى الجزيرة بحثا عن كلبه الأليف «سبوتس» المولود فى ناكازاكى والذى تحول بعد ذلك إلى عض اخرين، فى ظل مخاطر، حيث نرى شخصية الحاكم المستبد الشرير كوباياشى، الذى يصدر قرارا بتدمير الجزيرة وإبادة الكلاب، بل يرسل من يغتال البروفيسور واتانابى الذى اخترع مصلا يمكنه أن يحصن جميع الكلاب من الإصابة به.

والواقع ان التجربة مهمة بثراء فنياتها، بدأ من الصورة السينمائية الممتعة بصريا، والحبكة الدرامية المميزة، وحوار الكلاب وعالمهم الذى يشبه فى تصرفاته وتنوعه بخيره وشره وطيبته ودهائه وكأننا امام بشر، وبجانب الموسيقى التصويرية المصاحبة للفيلم التى لعبت دورا مهما بإتاحتها مساحات للصمت، الذى لا يقل اهمية عن الحوار، كما يعد الاداء الصوتى لنجوم التمثيل الذين قدموا أصوات الكلاب الخمسة الرئيسية هم الابطال الحقيقيون للعمل.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك