كمال رمزى: ما تعرض له صناع المسلسل محاولة لتكسير المجاديف وغلق الباب أمام أى أفكار مختلفة
ماجدة موريس: محمد هنيدى حقق نجاحًا فى «أرض النفاق» رغم المقارنات المبكرة بينه ويبن فؤاد المهندس
أثار الإعلان عن خروج مسلسل «حتى لا يطير الدخان» من الماراثون الرمضانى علامات استفهام عديدة، خاصة أن المسلسل واجه هجوما شديدا فور الإعلان عن تعاقد الجهة المنتجة «العدل جروب» مع الفنان مصطفى شعبان للعب دور بطولة المسلسل المأخوذ عن رواية إحسان عبدالقدوس، سيناريو وحوار مدحت العدل، وذلك لأن هذه الرواية تم تناولها من قبل فى فيلم سينمائى عام 1984، ولعب بطولته الفنان الكبير عادل إمام وكتب السيناريو والحوار السيناريست مصطفى محرم.
ورغم تصريحات مدحت العدل أن سبب الخروج من الماراثون هو تأخره فى الانتهاء من كتابة الحلقات مما تسبب فى تعذر بدء التصوير فى وقت مناسب للحاق بالموسم الرمضانى، الا أن هذا الخروج غير المتوقع دفع البعض للاعتقاد أن الهجوم الذى تعرض له المسلسل عبر مواقع التواصل الاجتماعى كان له تأثير سلبى على صناع العمل، وزادت الأمور تعقيدا بعد أن انضم المؤلف مصطفى محرم، كاتب سيناريو وحوار الفيلم، لصفوف المهاجمين ليشعل الأجواء، بعد ان وجه سهام نقده للفنان مصطفى شعبان ووصفه بأنه ممثل «غير قوى»، لا يستطيع تقديم دور البطولة فى الرواية كما نجح فى تقديمها عادل إمام، وأن «شعبان» ظلم نفسه بقبول هذا الدور، ليتولى مؤلف المسلسل، مدحت العدل، مهمة الرد عليه فى لقاء تليفزيونى، ويطالبه بالانتظار حتى يشاهد المسلسل ثم يحكم عليه كما يشاء، ودافع «العدل» عن بطل مسلسله واصفا مصطفى شعبان بأنه يمتلك موهبة كبيرة، وأنه كتب السيناريو بطريقة تتناسب مع شخصية «شعبان» رافضا عقد أى مقارنة بينه وبين عادل إمام.
مصطفى شعبان أيضا رفض الحديث عن سبب قبوله دور سبق أن قدمه عادل إمام، وذلك خلال ندوته التى أقيمت الشهر الماضى بمعرض الكتاب، وطلب من الجميع تأجيل الحكم عليه حتى يعرض المسلسل.
الناقد كمال رمزى أبدى رأيه فى هذا الموضوع وقال فى تصريحات خاصة لـ«الشروق»، أن صناع مسلسل «حتى لا يطير الدخان» اذا لم يكن لديهم الثقة الكاملة فى القدرة على تقديم عمل جيد من شانه أن يعرضهم لمقارنات مسبقة، ومحاولة تصيد أى أخطاء، لما وافقوا على دخول التجربة، وعليه فانا على قناعة ان فريق العمل فكر فى كل شىء قبل اعلانهم عنه، وبالتالى على الجميع احترام هذه التجربة، بل وتشجيعها ودعمها، فهذه ليست المرة الأولى من نوعها، أو أمر دخيل على الدراما المصرية والعالمية، فكم من الاعمال الدرامية والمسرحيات والأفلام والشخصيات تم تناولها اكثر من مرة بأكثر من أسلوب وطريقة فى مصر وخارجها، فهو أمر محمود ومطلوب، ومن حق كل جيل ان يقوم بعمل تدوير للأعمال الادبية بالشكل الذى يراه مناسبا له ولزمنه، وعلينا ان ننتظر لمشاهدة العمل ثم الحكم عليه.
وتابع «رمزى»: لكن للأسف فى مصر يتعرض صناع هذه النوعية من المسلسلات لحصار شديد، ومحاولات «تكسير مجاديف» لمجرد أنهم تجرأوا، وسعوا لخوض تجربة مختلفة، والتى بالمناسبة تحتمل النجاح أو الفشل، فكما أن هناك اعمال حققت نجاحا كبيرا هناك اعمال فشلت، وربما عددها يفوق عدد الاعمال التى جذبت الإنتباه، لكن هذا ليس بذريعة للهجوم على العمل، كما لا يجب ترهيب الفنان ومحاولة زعزعة ثقته فى نفسه وترديد جملة «كيف يلعب دور سبق ولعبه فنان كبير»، أو جمل مثل «أنه دخل اختبار كبير» أو» هل بلغت به الجرأة لهذا الحد»، وكل هذه الأشياء التى لا تجوز اطلاقا، فنحن امام عمل مستقل بذاته وعلينا التعامل معه من هذا المنظور.
وقال الناقد كمال رمزى: عن نفسى أرحب دوما بإعادة تقديم كل الكلاسيكيات، وهذه الرواية تحديدا تعد من الكلاسيكيات، وأذكر أن الفيلم استفزنى بشدة وكتبت عنه فى حينها، وأشدت به فى كثير من النواحى الفنية، وكان لدى اعتراضا وحيدا خاص بنهايته حيث رفضت فكرة الإنتقام الإلهى ووفاة البطل متأثرا بمرضه، ورأيت ان الواقع يقول عكس ذلك فمن اعتاد السرقة والنصب اذا اصابه مرض يسافر للدول المتقدمة بأمواله الحرام للحصول على العلاج اللازم ويعود ليواصل سرقته، اما دون ذلك فالموضوع مهم وقابل للتدوير فى هذا الزمن وبشكل مختلف فى عمل درامى كبير.
وتضامنت الناقدة ماجدة موريس مع رأى الناقد كمال رمزى قائلة: أندهش لإطلاق البعض احكاما على عمل لم يرى النور بعد، وتزداد دهشتى حينما أسمع أحد يصف هذا الموضوع بانه إفلاس، فأى إفلاس هذا يتحدثون عنه، ألا يدرك هؤلاء أن من أهم عيوب الدراما المصرية لسنوات أنها تتجاهل الإبداع الروائى المصرى، رغم أن مصر غنية جدا فى هذا المجال، وأنه حينما نرصد اهم عمل درامى خلال السنوات الخمس الماضية تتفق الأراء على أنه مسلسل «أفراح القبة» المأخوذ عن رواية نجيب محفوظ.
واكملت«موريس»: حينما قدم هنيدى رواية «أرض النفاق» تعرض لهجوم شديد ولكنه بعد العرض حقق نسبة مشاهدة كبيرة، وذلك لأن شئنا أم أبينا فالفيلم لا يخدم الرواية بشكل كبير، فهو فى النهاية محدد بساعة ونصف أو ساعتين على أقصى تقدير، أما المسلسل فقادر على التعمق بشكل كبير فى الرواية، بشخصياتها وشوارعها وعمقها، ومن هنا يكتشف المشاهد أن هناك فارق كبير بين المسلسل والفيلم، وبمرور الوقت ينسى المشاهد الفيلم ويتعمق فى المسلسل خاصة اذا كان جيدا.
وتطرقت ماجدة موريس للمقارنة بين عادل إمام ومصطفى شعبان وقالت: أما فيما يخص المقارنة بين بطلين العملين، فبداية أرفض صنع الالهة، فرغم اننى من أكثر الناس حبا للفنان عادل أمام، لكن أرفض المقارنة بينه وبين مصطفى شعبان لأن عادل قدم لنا «شغله» وشاهدنا كيف تعامل مع الشخصية، أما مصطفى فلم نشاهد منه شيئا بعد، اضافة إلى أن الاخير نجح فى تصحيح مساره السنوات الأخيرة، وخرج من عباءة الرجل المزواج الذى يحب النساء ويطاردهم أو يطاردونه، وقدم لنا موضوعات تستحق المشاهدة وبأداء اهله لكى يستحق هذه الفرصة وعلينا ان نشجعه ونسانده ليقدم لنا أحسن ما عنده، وان نقول له أن هذا العمل كان تحديا كبيرا لعادل إمام منذ أكثر من 30 عاما، بعد أن فاجأ جمهوره بنوعية مختلفة عن الأدوار التى قدمها من قبل، وأنه الفيلم الوحيد الذى مات فى نهايته، ونجح عادل إمام بقوة، ويمر الزمن ويواجه مصطفى شعبان نفس التحدى مع نفس العمل، وعليه أن يثبت كفاءته خاصة وهو يتعاون مع مؤلف كبير بحجم مدحت العدل، فهو رجل مثقف ويفهم جيدا فى صناعة الدراما ويدرك أهمية المشروع الذى يخوضه ووجوده يطمئننى كناقدة ويبشرنى أننى سأشاهد عملا جيدا.