تسببت عبارة "حماية اسلوب الحياة الأوروبي"، المكونة من ست كلمات، في إطلاق سيل من الاسئلة والانتقادات، بعد أن اقترحتها الأسبوع الماضي الرئيسة الجديدة للمفوضية الأوروبية، أورزولا فون دير لاين، لتكون المسمى الوظيفي لمنصب جديد في المفوضية.
وقد دعت أصوات من كتل الليبراليين والخضر والاشتراكيين، إلى توضيح بشأن الاختصاص الجديد، الذي من شأنه الإشراف على مجموعة متنوعة من القضايا – تتضمن الهجرة والأمن والتعليم والاندماج – والذي سيتولاه اليوناني، مارجريتيس شيناس، في حال تم تأكيد ذلك.
وكانت زعيمة المجموعة البرلمانية للخضر، سكا كيلر، كتبت على "تويتر" الأسبوع الماضي: "نأمل ألا ترى (فون دير لين)... تناقضا بين دعم اللاجئين والقيم الأوروبية".
من ناحية أخرى، قال جاي فيرهوفشتات، البرلماني البارز في الاتحاد الأوروبي، يوم الاثنين الماضي، إن جماعة "كتلة تجديد أوروبا" الليبرالية، جادة بهذا الشأن: "إما أن يتغير لقب شيناس، أو يذهب اختصاصه في الهجرة"، مهددا باستخدام حق النقض (الفيتو).
ومن المقرر أن يقوما إلى جانب برلمانيين أوروبيين آخرين، بالتصويت في أكتوبر المقبل، بشأن ما إذا كانوا سيعطون فون دير لاين الضوء الأخضر بشأن المجموعة المكونة من 27 مفوضا، لبدء العمل في نوفمبر.
وتجدر الاشارة إلى أن أشد المنتقدين قسوة لتحديد فون دير لاين للمنصب الجديد، يتهمونها بتبني روايات يمينية متطرفة كثيرة حول الهجرة.
وقال أندرو شترويلاين، المسؤول في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إن المسمى الوظيفي للاختصاص يمثل "الديماجوجية النموذجية لفكرة /نحن ضد هم/، وشيطنة جماعات الأقليات التي نراها في خُطَب جميع الجماعات اليمينية المتطرفة بأوروبا".
وترى فون دير لاين الأمور بصورة مختلفة، حيث كتبت في مقال رأي - نشرته العديد من وسائل الإعلام الأوروبية يوم الاثنين الماضي - للدفاع عن الاختصاص الجديد: "الحرية والمساواة والديمقراطية واحترام الكرامة الإنسانية... إنها (كلمات) تحدد ما يدور حوله اتحادنا."
ولكن بالنسبة لخبير الأجناس، يوهانس موزير، من جامعة لودفيج ماكسيميليان في ميونخ، تُعتبر أوروبا غير متجانسة بصورة عميقة، سواء كقارة من ناحية، أو داخل دولها القومية من ناحية أخرى.
وعلى الرغم من أن القيم التي أدرجتها فون دير لاين، قد توحد الكثير من الدول الأوروبية، ينطبق نفس الامر أيضا على العديد من الدول الأخرى الأعضاء في الأمم المتحدة.
ويضيف قائلا: "لا يمكنني أن أرى أي شيء ينطبق على أوروبا بصورة حصرية"، مما يثير شكوكا حول تعريف فون دير لاين للمصطلح الخاص بها.
ويبدو أن الخلاف هو أول عثرة كبرى في طريق فون دير لاين منذ أن انتخبها البرلمان بفارق ضئيل لمنصبها الجديد، في يوليو الماضي.
إلا أن موضوع الهجرة ليس مفاجئا، بالنظر إلى المواجهات الحادة بين الدول الأعضاء حول كيفية الرد على تدفق مئات الآلاف من طالبي اللجوء الذين يصلون إلى الاتحاد الأوروبي منذ عام 2015.
إذن، ممن تريد فون دير لاين "حماية اسلوب الحياة في أوروبا؟" من المهاجرين؟ أم من الشعبويين؟ أم من كلاهما؟
بعبارات سياسة محددة، تقول وزيرة الدفاع الألمانية السابقة، إنها تريد "بداية جديدة" للهجرة، من خلال إعادة إطلاق جهود طويلة الأمد، للوصول إلى إجماع بشأن توزيع طالبي اللجوء في الاتحاد الأوروبي.
كما ترغب في أن ترى لدى الوكالة الاوروبية لمراقبة وحماية الحدود الخارجية (فرونتكس)، 10 آلاف من موظفي العمليات بحلول عام 2024 على أبعد تقدير، وذلك في وقت أقرب من الهدف الموضوع حاليا، وهو عام 2027.
ومن المقرر أن يكون جزء من الدور المخطط لشيناس، هو الإشراف على هذه التغييرات، على الرغم من أن المقترحات الخاصة بإصلاح الهجرة واللجوء يجب أن تأتي فعليا من جانب السويدية إيلفا جوهانسون، المفوضة المكلفة بالشؤون الداخلية.
وتواجه فون دير لاين عملية موازنة صعبة في البرلمان، بعد أن تركت انتخابات الاتحاد الأوروبي التي جرت في مايو الماضي، المشهد السياسي للقارة منقسما بشكل متزايد، على ما يبدو.
وكان التأكيد الضيق على توليها المنصب يعتمد على الدعم من جانب الجماعات المحافظة والليبرالية والاشتراكية، وأيضا على بعض أصوات الشعوبيين اليمينيين.
ويواجه مرشحو فون دير لاين أسابيع صعبة ، في جلسات الاستماع في البرلمان.