قال الكاتب أحمد عبد المنعم رمضان الفائز بجائزة إدوار الخراط للإبداع الأدبى إنه قبل ثلاثين عاما تقريبا، التقى بالروائى الكبير إدوار الخراط للمرة الوحيدة، وكان طفلا، فى العاشرة من عمره، يومها ذهب والده ليلتقى بأصدقائه فى منطقة الحسين واصطحبه معه، وكان إدوار ضمن المجموعة التى سيلتقيها، ويتابع عبد المنعم أنه كان أصغر من أن يفهم من هؤلاء مدى قيمتهم الأدبية والفنية، غير أنه شعر أنه لقاء مهم، يجمع فنانين وروائيين وشعراء، فتقمص دور المثقف الواعى الفاهم لما يدور بينهم، وراقبت حواراتهم منتبها أو محاولا الانتباه.
وتابع أنه مازال يحتفظ بصورة من هذا اليوم حيث يقف فيها بين أبيه وإدوار الخراط، ويرى عبد المنعم أنه من غرابة القدر، أن ثمة صورة أخرى له الآن، واقعية أو تعبيرية، وهو يقف فخورا وسعيدا فى ظل صورة أكبر لإدوار الخراط.
ووجه أحمد عبد المنعم الشكر للقائمين على الجائزة للعمل على الإضافة للمشهد الأدبى بطريقة مغايرة عن المعتاد، عن طريق تدشين جائزة للأدب بشكل عام، دون تحديد لون معين أو طول محدد أو أطر مسبقة، مما يسمح لكل ألوان الكتابة النثرية الأدبية بالمشاركة فى التنافس عليها دون الاحتياج إلى لافتة تنضوى تحتها.
وبارك عبد المنعم للقائمين على الجائزة إتمام دورتها الأولى بهذا الشكل المميز، كما بارك لزملائه من الكتاب والكاتبات المميزين المرشحين فى القائمة القصيرة، حيث أكد تشرفه بمجاوارة اسمه لأسمائهم.
ووجه الشكر أيضا للجنة التحكيم على اختيارها لمجموعته، وعلى قراءتها النقدية التى عبرت عنها من خلال الكلمة التى ألقاها دكتور خيرى دومة فى الحفل، كما وجه الشكر لدار الشروق على حماسها للعمل، وتبنيها له واهتمامها بإخراجه فى أفضل صورة.
واختتم أنه كان قد كتب فى تصدير المجموعة القصصية : «إهداء إلى أمى فى مكانها الجديد البعيد القريب، ولذا فقد أكد أن الجائزة أيضا مهداة إلى روحها بالتبعية، روحها القريبة دائما، وإلى والده بالتأكيد، فكل شىء طيب يفعله بالحياة كل خطوة إيجابية أو نجاح، كل شىء محمود كبر أو صغر، هو مدين به لهما، ودونهما لما كان.
يذكر أنه أقيم يوم الثلاثاء الماضى حفل إعلان الفائز بجائزة إدوار الخراط للإبداع الأدبى فى دورتها الأولى، التى فاز أحمد عبد المنعم رمضان بها عن مجموعته القصصية «قطط تعوى وكلاب تموء».

حضر الحفل المرشحون فى القائمة القصيرة، والكاتبة والروائية مى التلمسانى رئيسة مجلس أمناء الجائزة، والدكتور إيهاب الخراط نجل إدوار الخراط وعضو مجلس أمناء الجائزة، وأحمد بدير مدير عام دار الشروق ونائب رئيس اتحاد الناشرين المصريين، الإعلامى حمدى رزق، وحضر أيضا الكاتبة والنائبة ضحى عاصى عضو مجلس أمناء الجائزة، الكاتب محمد شعير عضو مجلس أمناء الجائزة، الدكتور خيرى دومة رئيس لجنة تحكيم الجائزة، الدكتورة هالة كمال عضو لجنة تحكيم الجائزة، الكاتب الجزائرى أحمد طيباوى، نانسى حبيب مسئول النشر بدار الشروق، وعمرو عز الدين مسئول النشر بدار الشروق.
وتضم لجنة أمناء الجائزة أيضا الإعلامى أحمد المسلمانى رئيس الهيئة الوطنية للإعلام والمستشار الإعلامى الأسبق لرئيس الجمهورية، والكاتب إيهاب الملاح.
ولجنة التحكيم هذا العام تتكون من كل من: الدكتور خيرى دومة، الدكتورة هالة كمال، والكاتب كمال الرياحى، الكاتبة ميرال الطحاوى، والكاتب ياسر عبد اللطيف.
وقالت الكاتبة مى التلمسانى أن الجائزة تتبنى الكتابة عابرة النوعية، بحيث لا تغلق الأمر على الرواية فقط أو القصة فقط، ولكن تتجاوزهما لكل إبداع ممكن.
وأكملت أن الجائزة تهدف لتجاوز النوع، وتجاوز التصنيف، وتشجع الكتاب على عدم الخوف من تجاوز النوع، وأيضا تدفع دور النشر هى الأخرى لتجاوز النوع.
وقال الدكتور إيهاب الخراط إن الجائزة هى استمرار لعمل الخراط فى تشجيع الكتاب الشباب، وأنها استشراف مستمر لحساسية جديدة على خطى إدوار الخراط نفسه، وتابع أن الأعمال الخمسة تتميز بالمغامرة والجدة والحساسية الجديدة.
وقال الإعلامى خالد منصور إن الجائزة التى تحمل اسم ادوار الخراط تهدف إلى تشجيع الكتاب الشباب فى مصر والوطن العربى على التجريب فى الكتابة الطليعية.
وأكد الدكتور خيرى دومة أنهم تلقوا فى لجنة التحكيم خمسين عملا بين الرواية والقصة، وأن المجموعات القصصية المقدمة، والتى وصلت بعد ذلك للقائمة القصيرة ليست مجموعات تقليدية، بل تشبه المتوالية القصصية أو الكتاب القصصى الأشبه بالنص الروائى.
ووصف دومة مجموعة «قطط تعوى وكلاب تموء»، بأنها أشبه بالعالم الروائى الواحد، فهى أقرب للمتوالية القصصية من المجموعة القصصية التقليدية.
وتابع دومة أن المجموعة بها حس كفاكاوى، وأنها بها الكثير من الثنائيات عن البشر والحيوانات، الأحياء والموتى، الأرض والسماء، وغير ذلك، كما أكمل أن حضور الحيوانات مع البشر فى المدينة هو التيمة الأساسية فى المجموعة، كما أن وراء القصص جميعا راويا واحدا.
وتضم المجموعة الفائزة سبع عشرة قصة قصيرة، مقسمين إلى جزأين، الأول بعنوان «حيوانات المدينة» والثانى تحت اسم (تائه فى الغابة، حيث لعبت تلك العناوين دورا فى توليد الرغبة المستمرة لدى القارئ، لمعرفة ما سوف تئول إليه الأحداث، حيث نزعة ملحوظة لدى الكاتب أحمد عبدالمنعم رمضان إلى تحويل الوجود من حوله بإحساس مطلق بالحرية لتشكيل العالم كما يشاء ويصوغ ما يشاء خارج عن المعتاد والمألوف.
الجزء الأول من المجموعة، حمل عنوان «حيوانات المدينة»، ضم قصصا منها: حريق القاهرة، قطط فى الحى الهادئ، أنوف الخنازير، تلصص، ثور ضخم بقرن وحيد، عقل متخم بالأفكار، حب القردة، لماذا صمت الببغاء، أما فى الجزء الثانى المعنون بـ«تائه فى الغابة»، فإنه قد اختار مجموعة من العناوين المميزة للقصص، منها: درس تشريح، مشنقتان لملاكين، اخفض صوت الكلاكس من فضلك، البحث عن ثمرة مانجو، حادث قتل جماعى.
تتضمن تلك القصص اللافتة هموما واحدة وأنساقا مشتركة، فى سعى بدا ملحوظا من جانب الكتاب لتشكيل صورة غرائبية لعالم واحد، تدور قصصه فى مدينة تشبه الغابة، فى عالم قاسٍ ممتلئ بالحيوانات، قرود تتقافز فى طرقاته، وقطط تغزو شوارعه، أسود وخنازير هنا وهناك، وببغاءات تفقد قدرتها على الكلام، والكاتب أو الراوى تائه وسط هذا العالم، لا يكاد يميز الواقع من الحلم، أو الحقيقة من الكابوس. تبدو القصص خارج الواقع ومنغمسة فيه فى آن واحد.