استجابت سفينة تابعة للبحرية الأمريكية لنداء استغاثة من ناقلة الكيماويات "سنترال بارك"، المملوكة لرجل الأعمال الإسرائيلي إيال عوفر، وتأكدت من أنها آمنة وتتحرك بحرية بعد تأمينها، بحسب صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية.
وهذه ليست المرة الأولى التي تتصدر فيها أخبار سفن إسرائيلية الأخبار العالمية، فقد أصبح وضع السفن التابعة لجنسيات إسرائيلية محط استهداف في البحر الأحمر، حيث تعرضت سفينة حاويات مملوكة لملياردير إسرائيلي لهجوم بطائرة مسيرة في المحيط الهندي، يوم الجمعة الماضي، وكان الهجوم على سفينة الحاويات "سي.إم.إيه سي.جي.إم سيمي"، وهي شركة شحن كبرى مقرها في مرسيليا بفرنسا، ويعتقد أن إيران تقف ورا الحادث.
كما أعلن الحوثيون الأسبوع الماضي، خطف "سفينة شحن إسرائيلية" في البحر الأحمر ونقلها، في حين نفت تل أبيب أن تكون السفينة إسرائيلية.
وهذا الشد والجذب بين الأطراف المتصارعة في البحر الأحمر، والهجمات المتكررة، لم يبدأ مع حرب إسرائيل على غزة وإنما له جذور أبعد من ذلك بكثير
- ما أهمية البحر الأحمر لإسرائيل؟
في بحث منشور مؤخراً، للباحث أحمد الديب، جاء فيها بعض المعلومات عن الوضع المائي للبحر الأحمر، وخاصة بعد سيطرة الحوثيين على جزء منه بعد صعودهم في اليوم، و"يعد الممر المائي بمثابة الشريان الرئيسي للتجارة بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي، والتي تقدر قيمتها بحوالي 700 مليار دولار أمريكي سنويًا، ويمر نحو 4 ملايين برميل من النفط عبر مضيق باب المندب يوميا في طريقها إلى أوروبا، ونحو 25 ألف سفينة، أو 7% من التجارة البحرية العالمية"، بحسب مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية.
ونتيجة لهذا الحجم الهائل من التجارة الذي يتحرك في مياه البحر الأحمر، "أصبحت سيطرة الحوثيين على أجزاء من البحر الأحمر موضع قلق دولي، بما في ذلك إسرائيل"، حيث " تمثل الواردات والصادرات الآسيوية حوالي ربع إجمالي التجارة الخارجية لإسرائيل، وتمر بشكل رئيسي عبر طرق البحر الأحمر، مما يجعل سلامة الممر المائي قضية أمن قومي" بالنسبة للاحتلال.
- ماذا فعل الحوثيون في البحر الأحمر؟
بحسب ما ورد في بحث مركز صنعاء للدراسات، فقد "زرعت حركة الحوثيين ألغاما تهدد الملاحة البحرية واستخدمت قوارب الصيد لتسهيل تهريب الأسلحة ومراقبة حركة السفن الأمريكية وغيرها في البحر الأحمر".
لم تصمت إسرائيل حيال تحركات الحوثيون في البحر الأحمر، و"رداً على ذلك، ضغطت إسرائيل على حلفائها الدوليين لحماية مضيق باب المندب، وتحسين العلاقات الإقليمية، ولا سيما مع اتفاقيات إبراهيم، الموقعة عام 2020 مع الإمارات والبحرين، وقد شاركت في مناورات بحرية في البحر الأحمر إلى جانب الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة والبحرين".
كما "بدأت إسرائيل في إقامة علاقات وثيقة مع الإمارات العربية المتحدة على وجه الخصوص بالنظر إلى شبكة الأمن البحري الخاصة بها، والتي تشمل جيبوتي، وإريتريا، وأرض الصومال، وجزيرة بريم اليمنية، وأرخبيل سقطرى".
وذكر الديب، أنه " من غير المرجح أن ينتهي القلق الإسرائيلي بشأن التهديد الناشئ من اليمن مع وقف الأعمال العدائية".
- الصراع على البحر الأحمر منذ ظهور إسرائيل
في الجزء التاريخي التنافسي حول البحر الأحمر، ذكر البحث أن التنافس "بين إسرائيل والدول العربية على السيطرة على البحر الأحمر إلى مارس 1949، عندما احتلت إسرائيل قرية أم الرشراش، وأقامت وجودًا لها على خليج العقبة".
لذلك "تعاونت مصر والسعودية عام 1950 لمواجهة الوضع القائم بعد تحركات الاحتلال الإسرائيلي، ثم اتخذت مصر سلسلة من الإجراءات في أوائل الخمسينيات لتقييد الشحن الإسرائيلي عبر الخليج"، وفق ما ذكر في كتاب "البحر الأحمر والصراع العربي الإسرائيلي: التنافس بين استراتيجيتين".
وأدت إجراءات مصر إلى قطع روابط إسرائيل مع الأسواق الآسيوية والإفريقية، ودفع إسرائيل إلى تحركاتها في حرب عام 1956 التي لم تنجح، ثم لاحقًا عام 1967، والذي شمل أيضًا السيطرة على شرم الشيخ المطلة على مضيق تيران.
وتعد عمليات الهجوم على سفن إسرائيلية ليس أمراً جديداً، ففي يونيو 1971، أطلق مقاتلون يساريون من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين النار على ناقلة نفط استأجرتها إسرائيل بالقرب من جزيرة بريم.
- الدور اليمني في البحر الأحمر حاضر منذ عقود
أثناء حرب أكتوبر، نسقت مصر مع اليمن الشمالي، وأغلق اليمن الجنوبي مضيق باب المندب أمام الشحن الإسرائيلي، كما ورد في البحث وفقا لمراجع تاريخية، كما أرسل اليمن الشمالي قوات إلى بعض جزر البحر الأحمر في محاولة لمنع إسرائيل من احتلالها.
"على الرغم من عدم وجود حوادث صراع معروفة مع السفن الإسرائيلية خلال تلك الفترة، مع ذلك استمرت السعي الإسرائيلي على الممر المائي، وفي أكتوبر 1977، أرسل اليمن الشمالي مذكرة سرية إلى جامعة الدول العربية تؤكد زيادة الوجود العسكري الإسرائيلي والإثيوبي على الساحل المواجه لباب المندب، فيما يعرف الآن بإريتريا".
ومن وجهة النظر الإسرائيلية، ترتكز السياسة الإيرانية في اليمن على 3 ركائز أساسية: تقديم الدعم للحوثيين، الإضرار بمصالح الدول العربية السنية، وتحديداً المملكة العربية السعودية، والسيطرة على الوصول إلى مضيق باب المندب قدر الإمكان، والحرس الثوري الإيراني هو الهيئة التنفيذية المكلفة بتنفيذ هذه السياسات من خلال تمويل وتسليح وتدريب الحوثيين، وقد ورد ذلك في أكثر من سياق بحثي وصحفي، ومنها تقرير نشر في رويترز عام 2017 عن الدعم الإيراني للحوثيين في اليمن.
كما ترى إسرائيل في اليمن ساحة اختبار إيرانية للأسلحة والتكتيكات التي يمكن استخدامها ضدها في المستقبل، واستخدم الحوثيون الصواريخ الباليستية بعيدة المدى والقوارب الصغيرة المحملة بالمتفجرات خلال الحرب، ويمكن استخدامها لمهاجمة السفن الإسرائيلية التي تتحرك عبر مضيق باب المندب
"وزرعت قوات الحوثيين العديد من الألغام في البحر الأحمر، وخلال عام 2017، تم تسجيل 15 حادثة زراعة ألغام مختلفة منسوبة للحوثيين على طول شريط ساحلي يبلغ طوله 100 كيلومتر بين مينائي ميدي والمخا؛ وقال التحالف الذي تقوده السعودية إنه اكتشف ودمر 171 لغماً بحرياً زرعها الحوثيون في البحر الأحمر".
وفي عام 2018، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن إسرائيل ستكون جزءًا من أي تحرك دولي لمنع إيران من إغلاق طرق الشحن في البحر الأحمر، بحسب صحيفة هارتس الإسرائيلية.
وزعم محللون عسكريون إسرائيليون، أن هناك قوارب صيد إيرانية مزودة بأجهزة اتصالات عبر الأقمار الصناعية في المياه الإقليمية اليمنية تعمل مع سلطات الحوثيين على تهريب الأسلحة ومراقبة السفن في بحر العرب وخليج عمان والبحر الأحمر.7