هل سيغير غزو أوكرانيا علاقات روسيا مع أفريقيا؟ - بوابة الشروق
السبت 10 مايو 2025 2:36 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

هل سيغير غزو أوكرانيا علاقات روسيا مع أفريقيا؟

د ب أ
نشر في: الجمعة 28 أبريل 2023 - 10:22 ص | آخر تحديث: الجمعة 28 أبريل 2023 - 10:22 ص

يرى المحلل السياسي والاقتصادي روناك جوبالداس أنه من المرجح أن يتقلص نفوذ روسيا في أفريقيا بسبب أي نتيجة للحرب في أوكرانيا. وسوف يتعين على الحكومات الغربية أن تجعل أفريقيا محل ثقتها فيما يتعلق بالأمور الجيوسياسية بدلا من انتقاد المواقف السيادية للدول الأفريقية التي تشعر أن الحكومات الغربية لا تراها ولا تهتم بها.

ويقول جوبالداس خبير الشؤون الأفريقية، مدير شركة “سيجنال ريسك” الاستشارية لإدارة المخاطر السياسية والأمنية ، في تقرير نشرته مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، إنه نظرا لأن العلاقات بين روسيا وأفريقيا ترسخت في ظل العهد السوفيتي، تحظى روسيا تاريخيا بعلاقات دافئة مع كثير من الدول الأفريقية، حيث غالبا ما تتواءم معا طموحاتهما الاقتصادية والأيدولوجية، كما أن عدم ثقتهما المشتركة في الغرب تعزز علاقاتهما.

ومع ذلك، فإن ما حدث بالنسبة لتصويت دول أفريقيا على قرارات الأمم المتحدة لإدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، يوضح ثلاثة أمور مهمة: أولها أن كثيرا من الدول الأفريقية يتم تجاذبها في اتجاهات متنافسة بسبب أوضاع جيوسياسية عالمية أوسع نطاقا- وكان الامتناع عن التصويت هو الخيار العقلاني للكثير منها. الأمر الثاني هو أن دعم روسيا في القارة قد يكون مبالغا فيه وهو ليس غير مشروط. وأخيرا، فإن النفوذ الروسي غالبا ما يقيده مدى قدرة روسيا على التأثير على النخبة السياسية لدولة أفريقية ما .

ويعتبر الانقسام في الطريقة التي صوتت بها الدول الأفريقية لإدانة التصرفات الروسية تحولا مهما بالنسبة لبحث الطابع المتغير لعلاقات أفريقيا مع روسيا. وهناك تفسيرات متعددة لعمليات التصويت، يركز معظمها على فشل الدول الأفريقية في إدانة الغزو.

ويتساءل قليل من الباحثين عما إذا كانت مواقف عدم الانحياز لهذه الدول كانت رفضا ضمنيا يستخدم كأدوات مساعدة في عمليات العرض العلني للإدانة من جانب الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، لصرف الأنظار عن عدم القدرة على توفير دعم سياسي أو عسكري متميز. وما زال عدد أقل من الباحثين يستكشف ما إذا كانت مواقف عدم الانحياز دلالة على ضعف النفوذ الروسي في قارة كانت تعتمد عليها روسيا دائما للحصول على دعمها.

وسيكون سعى روسيا جاهدة لتأكيد هيمنتها في أوكرانيا، حيث تم صدها حتى الآن على يد جيش أصغر كثيرا للغاية من جيشها أمرا يثير قلق القادة الأفارقة. فقد وضع هؤلاء القادة أساسا كل بيضهم في السلة الروسية، لذلك فإن العقوبات الخاصة بالتجارة والأسلحة التي فرضت على روسيا يمكن أن تؤدي إلى خسارة رهانهم.

ومن المؤكد أن شركاء روسيا العسكريين في أفريقيا سيدركون أن روسيا فقدت تفوقها العسكري في أوكرانيا، وقد تضطر لتركيز مواردها المالية والعسكرية وغيرهما على الحرب في أوكرانيا، مما سيؤدي إلى عدم قدرتها عل الوفاء بالتزاماتها تجاه الدول الأفريقية.

وفي حقيقة الأمر، فإنه في حالة خسارة روسيا الحرب في أوكرانيا ، قد تضطر في نهاية المطاف إلى التقهقر ، وإعادة التجمع، وتعزيز قوتها، والانسحاب من أفريقيا. وهذا من شأنه أن يتسبب في انكشاف الكثير من نظم الحكم في القارة لتحديات من منافسيها، وقد تصبح في نهاية الأمر في حالة أكبر من عدم الاستقرار بالنسبة للمواطنين في هذه الدول. ويتعين على الغرب تذكر أن الدول الأفريقية لن تقبل أن يحدد لها أحد مع من يمكنها أن تتعاون أو أن لا تتعاون.

ويرى جوبالداس أنه سوف يتعين على الحكومات الغربية أن تجعل أفريقيا محل ثقتها فيما يتعلق بالأمور الجيوسياسية بدلا من أن تنتقد المواقف السيادية للدول الأفريقية التي تشعر أن الغرب لا يراها ويتجاهلها.

ويضيف جوبالداس إنه لا يمكن إغفال حقيقة أن الدول الأفريقية أكثر عرضة للخضوع للدعاية الروسية، وفي الوقت نفسه لا يمكن نسيان أن الأفارقة يشعرون بأن الغرب يتجاهلهم. ومنذ فترة طويلة تعاني الدول الأفريقية من التهميش الاقتصادي والسياسي في المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة. وليس للقارة مقعد دائم في مجموعة العشرين أو في مجلس الأمن الدولي، ولكن ربما يتغير ذلك في ظل الدعم الأخير من جانب وزيرتي خارجية ألمانيا و فرنسا لتخصيص مقعدين دائمين للدول الأفريقية في مجلس الأمن الدولي، ومن جانب الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي دعم مطلب أفريقيا بأن يكون لها مقعد دائم في المجلس ، مع عدم تمتعها بحق الاعتراض.

ويرى جوبالداس أنه بالإضافة للشعور بالتجاهل، يواجه الأفارقة الذين يعيشون في الغرب العنصرية وكراهية الأجانب. واستغلت روسيا بفعالية هذا الاتجاه، ووفرت للمواطنين الأفارقة إحساسا بأهميتهم، حتى لو كانت أفريقيا تمثل أهمية أقل بالنسبة لها في لعبة القوة العالمية الأوسع نطاقا.

فأفريقيا بالنسبة لروسيا مسرح مفيد؛ تشتت فيه اهتمامات الغرب بعيدا عن طموحاتها الإقليمية وترغم فيه الدول الغربية على استنزاف مواردها المالية والدبلوماسية والعسكرية للحد من مخاوف التواجد المتزايد لروسيا في القارة.

واختتم جوبالداس تقريره بأنه من المهم عدم مبالغة الغرب في تقديره لدور روسيا في أفريقيا وأن يدرك بدلا من ذلك أن تواجدها في القارة دافعه انتهاز الفرص. فالقارة أقل أهمية من الناحيتين الاستراتيجية والجيوسياسية مما يريد القادة الروس أن يعتقده المسؤولون الأفارقة. وفي حالة ما إذا فاقت المخاطر المكاسب، قد تترك روسيا فراغا يمكن أن يتسبب في زعزعة الاستقرار أكثر مما لو كانت متواجدة.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك