رحلة عبر تاريخ المطاف الشريف.. من البدايات إلى التوسعة الكبرى - بوابة الشروق
الجمعة 30 مايو 2025 10:33 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

رحلة عبر تاريخ المطاف الشريف.. من البدايات إلى التوسعة الكبرى

أدهم السيد
نشر في: الخميس 29 مايو 2025 - 2:11 م | آخر تحديث: الخميس 29 مايو 2025 - 2:11 م

يمتلئ صحن الطواف بالحجاج والمعتمرين، منهم من يطوف بالكعبة المشرفة، وآخرون يقيمون الصلاة أو يرفعون أيديهم بالدعاء، وعشرات الآلاف يحتشدون في هذا المكان الطاهر، قبلة المشتاقين لحج بيت الله الحرام. لكن وراء توسعة وتهيئة المطاف لاستقبال تلك الأعداد الكبيرة، يقف تاريخ طويل لرجال أفذاذ بذلوا جهودًا مخلصة في عمارة المطاف وتجهيزه بأبهى صورة، منذ عهد الخلفاء الراشدين وحتى الدولة السعودية.

وتسرد جريدة الشروق، نقلًا عن كتب الدرر النافعة وأخبار مكة وغرام المشتاق والتاريخ القويم لمكة، أهم الأوصاف والمراحل التاريخية لتوسعة وتزيين مطاف الكعبة المشرفة، منذ عصور ما قبل الإسلام وحتى العصر الحديث.

وصف المطاف قديمًا

اختلف شكل الصحن الشريف قبل نصف قرن عمّا هو عليه اليوم؛ فقد كان المطاف بيضاويًا، بمساحة أصغر، يضم نحو خمس قباب كبيرة، وباب بني شيبة الذي كان يدخل منه النبي ﷺ، بارتفاع يبلغ 8 أمتار. كما كانت فوهة بئر زمزم ظاهرة داخل الصحن، ومعها بعض المشايات، والأعمدة الخضراء المعروفة بـ"الأساطين"، فضلًا عن منبر عثماني بديع من الرخام الأبيض قرب البئر. وقد تغير شكل الصحن بعد ثلاث مراحل توسعة بدأت عام 1378هـ، ليصبح دائريًا منتظمًا، بمساحة أكبر تستوعب 107,000 شخص في وقت واحد، بعد إزالة القباب والمنبر وفوهة البئر.

بين عهد قريش وعصر النبوة

اهتمت قريش في العصر الجاهلي بمكانة المطاف الذي كان مقصدًا للعرب من شتى أنحاء الجزيرة، لكن الصحن لم يسلم من مظاهر الوثنية، إذ أدخل رجل من خزاعة يُدعى عمرو بن لُحي عادة عبادة الأصنام، فامتلأ الصحن بـ360 صنمًا يتبرك بها العرب أثناء الطواف. وفي بداية بعثة النبي ﷺ، منع المشركون إقامة الصلاة أو تلاوة القرآن في المطاف، واعتدوا على من يخالفهم.

ومع فتح مكة، دخل النبي ﷺ المطاف وهدم الأصنام أمام أعين قريش، وأُقيمت الصلوات حول الكعبة. وفي حجة الوداع، طاف النبي ﷺ مع أكثر من 100 ألف من الصحابة والمسلمين بالصحن الشريف.

عمر بن الخطاب أول من وسّع المطاف

ظل شكل المطاف كما هو في العهد النبوي وخلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، حيث كانت الكعبة تتوسطه وتحيط به بيوت متلاصقة، تفصلها ممرات ضيقة. ومع تزايد عدد الحجاج، اشترى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه البيوت المحيطة لتوسعة المطاف، وبنى جدارًا قصيرًا لتحديد حدوده، وكان المطاف في ذلك الحين يُعد جزءًا من المسجد الحرام.

ثم تابع الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه شراء مزيد من البيوت المحيطة، فتم بناء المسجد الحرام بالأروقة التي باتت تميّز معالمه.

ابن الزبير فرش الأرض بالرمل لتخفيف الحر

كان عبد الله بن الزبير رضي الله عنه أول من فرش أرضية المطاف، وذلك بعد بنائه للكعبة عام 60هـ، حيث استخدم الحجارة الزائدة من البناء، ثم غطّى الأرض بالرمل المعروف بـ"كثيب الرمضاء" لتخفيف حرارة الأرض على أقدام الحجاج. وكان يُصب ماء زمزم على الرمل لتبريده، ويتم تغييره باستمرار كلما تصلب.

الأساطين الخضر أضاءت المطاف

في العصور الإسلامية الأولى، وُضعت الأعمدة الخضراء حول المطاف، وعلّقت عليها المصابيح التي أضاءت الصحن ليلًا. وفي عهد الوليد بن عبد الملك الأموي، جُلبت أعمدة رخامية من مصر، نُقلت على عجلات خاصة، وثُبّتت بالحرم الشريف.

أرضية المطاف بين عناية الأمويين واهتمام العثمانيين

سعى الخلفاء إلى تجميل أرضية المطاف؛ فكان عبد الملك بن مروان الأموي أول من فرشه بالرخام، ثم جاء السلطان العثماني محمد خان، ففرشه بالرخام الأبيض الناصع. واستخدم العثمانيون في عام 1006هـ حجارة المرمر الثمينة، بينما ساهم السلطان المملوكي لاجين المنصوري في فرش جزء من الأرضية، وظل اسمه محفورًا في المكان لفترة طويلة. كما اهتم بعض السلاطين بتثبيت الحجارة بالرصاص المصبوب لضمان تماسكها.

عهد التوسعات الكبرى

ظل عرض المطاف لا يتجاوز 5 أمتار منذ التوسعة العمرية، إلى أن صدر قرار عام 1378هـ بتنفيذ مشروع توسعة كبرى لإخلاء المطاف من المباني، وتوفير مساحة أوسع للحجاج. نُفذ المشروع على ثلاث مراحل، تضاعفت خلالها المساحة لتتسع لـ107,000 حاج في وقت واحد.

بصمات مصرية

يشير المؤرخ محمد طاهر كردي إلى أن المهندسين المصريين هم من تولوا توسعة المطاف، حيث أُزيلت المقامات الأربعة، وحُفرت الأرضية وسُويت بالإسمنت، ثم غُطيت برخام خاص يخفف من حرارة الأرض. كما تم تعديل شكل المطاف ليصبح مستديرًا بالكامل، بمساحة تتجاوز 8 كيلومترات مربعة.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك