عمان رأس حربة مقاومة «صفقة القرن».. وضحيتها - مواقع عربية - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 5:51 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عمان رأس حربة مقاومة «صفقة القرن».. وضحيتها

نشر فى : الإثنين 1 أبريل 2019 - 10:50 م | آخر تحديث : الإثنين 1 أبريل 2019 - 10:50 م

نشر موقع درج مقالا للكاتب اللبنانى «حازم الأمين» عن موقف الأردن من صفقة القرن والتحديات التى تواجهها.
عندما قرر الملك الأردنى عبدالله الثانى أن يقول شيئا عن مباشرته انعطافه فى موقع المملكة التقليدى، اختار مدينة الزرقاء الأردنية، استعار الرجل صوت والده «الحسين»، وقال إنه لن يساوم على «الوصاية الهاشمية على المسجد الأقصى»، مشيرا إلى ضغوط يتعرض لها، أكد أنه سيقاومها طالما أن الأردنيين مجمعون على الوقوف وراءه فى مواجهتها. الزرقاء مدينة «بنى حسن» أكبر عشائر شرق الأردن، إلا أنها أيضا مدينة سكانها أردنيون بغالبيتهم، من أصل فلسطينى. ولالتقاء طرفى الهوية الأردنية فى تلك المدينة دور فى اختيار الملك لها، منبرا لخطابه حول الوصاية الهاشمية على المسجد الأقصى.
عمان تغلى على وقع ما تسميه «صفعة القرن». تشعر للمرة الأولى فى تاريخها بأنها فقدت جزءا من موقعها عند الولايات المتحدة الأمريكية، وأن دول الخليج غير متمسكة باستقرارها، وأن هدايا الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لبنيامين نتنياهو فى القدس وفى الجولان، ستهز كيان المملكة، ويبدو أن عمان قررت أن تتحرك، وما يحمله كلام الملك فى الزرقاء يؤشر إلى ذلك.
علاقات الأردن مع دول الخليج تمر بأكثر المراحل برودة. ذروة الصقيع فى هذه العلاقات هى مع الرياض، تليها أبو ظبى التى تعتقد عمان أنها لا تستطيع الخروج عن الموقف السعودى.
موقع عمان لا يساعدها على التحرك السريع لبناء خط دفاع بديل. الخروج من المظلة الخليجية مكلف بالنسبة إليها. ثمة أكثر من 500 ألف أردنى يعملون فى السعودية، ونحو 200 ألف فى الإمارات العربية المتحدة. وهؤلاء يشكلون رافدا رئيسيا لاقتصاد المملكة، ولاستقرارها. لكن فى مقابل ذلك، أوقفت الرياض ومنذ وقت مساعداتها للأردن، وهذا ما خلف اختناقا اقتصاديا فى المملكة، ظهرت صوره فى احتجاجات قام بها أبناء الجنوب، الذين لطالما كانوا عصب الحكم الهاشمى فى المملكة.
عمان تشعر بأن وقف المساعدات الخليجية هو جزء من الضغوط التى تمارس عليها للقبول بـ”صفقة القرن». والعرض المقدم إليها من قبل ترامب ودول الخليج مجحف فعلا، وهو إما القبول بالقدس عاصمة لإسرائيل أو تجويع المملكة وهز الاستقرار الاجتماعى فيها. فى المقابل تبدو خيارات مقاومة هذا الخيار ضيقة فى وجه العاهل الأردنى. ذاك أن الصدام مع الخليج مكلف، وفى المقابل يبدو القبول مستحيلا. السيادة الإسرائيلية على القدس ستكون مقدمة لتوطين «مجانى» لنحو 5 ملايين فلسطينى فى الأردن، وتعنى أيضا نزع الوصاية الأردنية عن المسجد الأقصى، وما يحمله ذلك من ارتدادات معنوية على المملكة. الثمن كبير جدا ومجحف جدا وينطوى على قدر من العجرفة ولى ذراع لم يسبق أن اختبرته عمان.
والحال أن شعور عمان بخذلان واشنطن ودول الخليج كبير جدا على ما يبدو، وهى إذ تعرف أنها حياله مكبلة اليدين، شرعت بمحاولات «غير متسرعة» لامتصاص بعض تبعاته. قبل مدة ليست بعيدة زار الملك بغداد، وترافق ذلك مع اتفاقات اقتصادية بين الحكومتين الأردنية والعراقية، أبدت فيها بغداد رغبة فى مساعدة عمان، وانفتاحا على مزيد من الاتفاقات. فى بغداد، ثمة من يعتقد أن ذلك ما كان ليحصل لو أن هذا الانفتاح كان سيستفز طهران، لكن عمان تدرك أن الاقتراب من طهران سيطيح ما تبقى من علاقات مع الخليج، ولهذا فهى تلعب بحذر شديد على خط العلاقة مع بغداد.
فى موازاة ذلك، شهدت العلاقات بين عمان وأنقرة انفراجات توجت بزيارة للملك وبعلاقة دافئة بينه وبين رجب طيب أردوغان. حساسية الرياض حيال هذا الانفتاح أقل من حساسية أبو ظبى، وتبقى للعاهل الأردنى حساباته فى عدم الإطاحة بالعلاقة مع الإمارات.
الاقتراب من الدوحة ليس بالمهمة السهلة. الأخيرة مستعدة وراغبة، لكن كل ما يمكن أن تفعله عمان هو أن تشعرها بأنها خارج منظومة الحصار، من دون أن يعنى ذلك عودة للعلاقات الطبيعية بينها وبين الدوحة.
موقع الأردن الإقليمى اليوم، إذا ما نظر إليه من مسافة بعيدة من المفترض أن يكون أقرب إلى المحاور البعيدة من محور واشنطن ــ الرياض. ذروة الصدام مع الإدارة الأمريكية، وبرودة فى العلاقات غير مسبوقة مع دول الخليج، وشبه صدام مع تل أبيب. يمكن لمن لم يقرأ اسم الأردن فى هذه الخارطة أن يعتقد أنها طهران أو دمشق.
لم يسبق لعمان أن اختبرت هذا الموقع، ولم تكن يوما فى مواجهته على هذا النحو، ثم أن أحدا من «الحلفاء التقليديين» مكترث لحساسية موقعها، وهذا ما يشعرها باحتمال اهتزاز هذا الموقع. عندما غزا صدام حسين الكويت وجدت عمان نفسها فى موقع مشابه، فلم يكن باستطاعتها أن تكون جزءا من التحالف الدولى ضد صدام، ولا تستطيع أن تكون فى تحالف مع صدام. الملك حسين فى حينها نأى بنفسه، وتفهمت واشنطن هذا النأى ولاحقا تفهم الخليج. موقع الأردن اليوم أشد تعقيدا. إنها القدس وليس مصير صدام حسين. وفى مقابل ذلك إنه دونالد ترامب وليس جورج بوش (الأب)، وهو الأمير محمد بن سلمان، وليس الملك فهد.
واليوم أضاف ترامب بعدا جديدا إلى هذه التراجيديا. إنها الجولان، الهدية المجانية لتل أبيب. إذا المملكة أمام معضلة تتمثل فى رجل يشعر بأنه غير معنى بأى التزام بتوازن، لطالما حصن المملكة من الحروب التى تحاصرها فى فلسطين ثم فى العراق، والآن فى سوريا.
النص الأصلى
https://bit.ly/2OF8NpT

التعليقات