رفقة النبات.. والائتناس بالزهر - ليلى إبراهيم شلبي - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 8:16 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رفقة النبات.. والائتناس بالزهر

نشر فى : الجمعة 1 نوفمبر 2024 - 6:40 م | آخر تحديث : الجمعة 1 نوفمبر 2024 - 9:34 م

من منا احتفظ بهواية يمارسها بانتظام منذ الصغر حتى الآن.. وهل منا من يذكر هواياته الصغيرة التى اعتاد أن يهرب إليها متى داهمه الملل وتاقت نفسه إلى تغيير روتين الحياة اليومى الذى تعوده واعتاد عليه!
الواقع أن من الهوايات ما يطلق النفس من إسارها ويعيد الإنسان على احتمال الحياة بضغوطها ومشاكلها بل وعذابها وإحباطاتها فى أحيان كثيرة.
أهدتنى ابنتى هذا الأسبوع فكرة المقال بأن أرسلت لى مقالا طالعته على شبكة bbc يتحدث عن أهمية هواية الزراعة بل ويحمل بشارة لمن يمارسونها بأنهم أكثر الناس قدرة على مواجهة الضغوط النفسية بل وأن أعمارهم قد تمتد إلى المائة عام! هى تعرف أنى من هواة الزراعة والزرع.
المقال يحكى عن نتائج دراسة أجراها صحفى متخصص Dam Buetlen والذى زار خمسة أماكن متفرقة من العالم يطلق عليها المناطق الزرقاء Blue zones، يتشارك سكانها فى خصائص تجمعهم رغم بعد المسافات بينهم: طول العمر حتى إنهم يتعدون دائما الثمانين من أعمارهم إلى التسعين وربما المائة. إلى جانب نمط من الحياة يعتمد على الحركة بانتظام وتناول أطعمة متنوعة من أصول نباتية كالخضراوات والفواكه الطازجة وفقا لمحاصيل أراضيهم. وتجمعهم هواية الزراعة التى يمارسونها بانتظام وحب ورغبة مستمرة فى الحياة فى انطلاق وهواء نقى وشمس مشرقة.
أوكيناوا فى اليابان، بنكويا من كوستاريكا، أكاريا من اليونان، لوما ليندا فى كاليفورنيا وأخيرا ساردينيا فى إيطاليا. تلك هى المناطق التى يطلق عليها الزرقاء فى العالم يتمتع سكانها بطول العمر وصفاء العيش فى الخلاء وإن كانوا أيضا يكونون مجتمعات متماسكة دافئة عائليا فهم كما جاء فى وصف الصحفى الذى أمضى وقتا طويلا بينهم يحرصون على تناول عشائهم بصحبة أولادهم وأحفادهم كما لو كان كل مساء احتفالا بعيد ما أو مناسبة غالية».
يا ألله.. هل ما زال على كوكب الأرض من يعتنق الطبيعة مذهبا ويعيش أيامه يتنفس نسيم الصباح ويعيش لحظات الصفاء والهدوء يحاور النبات ويغازل الزهور؟! شردت وأنا أتخيل أننى انتقلت للحياة فى إحدى تلك المناطق الزرقاء ورأيت نفسى أشذب أشجار الورد التى زرعتها بنفسى وحولى أحفادى يلهون تحت شمس نهار من نهارات الشتاء يحاكون الزهور فى تفتحها وألوانها. سرعان ما استرددت نفسى وحمدت الله كثيرا على ما أنا فيه فلدى حديقة صغيرة وعدد لا نهائى من الأصص بدأت براعم اتصال الشتاء تطل منها واعدة بألوان من البهجة أنتظرها بشغف.
ليس من الضرورى أن ننتقل للحياة فى المناطق الزرقاء إذا كنا بالفعل قادرين على إحياء تلك الروح فى مناطق تحيط بنا ولو كانت متناهية الصغر.
الواقع أننى أؤمن بالفعل أن رفقة النبات والائتناس بالزهر إنما هو عالم آخر مواز لوقائع عالم فرض علينا أن نعيشه قصير النهارات صاحب الإيقاع شديد الزحام لم يعد على الإطلاق بيئة صالحة لازدهار الأمانى أو تحقيق الأحلام!
بكل الصدق أدعو كل من يقرأ كلماتى اليوم أن يبدأ فى إعداد ولو إصيصا واحدا لنمو نبات أخضر أيا كان على أن يفتح له قلبه وعقله وأن يعتنى به ويرصد نموه فى كل صباح حتى وأن يتعلم كيف يعتنى به لتبدأ معه تجربة خاصة أبدا لن تؤدى لندم بل إلى بهجة تمتص ضغوط النفس وقسوة النهارات.
نعم: هى نصيحة صديق لكنها أيضا نصيحة طبيب يعلم جيدا أن صحة البدن لا تستقيم إلا باتساق مع صحة النفس.
المحرر
مقالى هذا الأسبوع مهدى لأصدقائى أعضاء الجمعية المصرية للبساتين.. أصحاب الفكر الأخضر

التعليقات