فى عالم يتغيّر، لم يعُد الذكاء الاصطناعى مجرد خيال علمى نسمع عنه فى الكتب، بل أصبح واقعا حقيقيا ومؤثرا على حياتنا، وفى أعمالنا وجميع شئوننا. والذكاء الاصطناعى قادم ليجعل العالم يسير بصورة أسرع من المتوقع، وفى الوقت نفسه سيكون أذكى، وأكثر كفاءة فى إنجاز الأعمال، وسيساعد الأطباء على إنقاذ أرواح بشرية، ويمنح الطلاب تعليما يناسب قدراتهم، وستتغير المدارس بشكلها الحالى تدريجيا، وسيفتح آفاقا جديدة فى الاقتصاد والإبداع والمجالات كافة.
وستدخل تطبيقات الذكاء الاصطناعى فى المجال التعليمى، حيث سيوفر الذكاء الاصطناعى تجارب تعليمية مخصصة تُلبى احتياجات كل طالب وعلى حسب الفروقات الفردية بينهم، حيث من خلال تحليل أنماط التعلم وأداء الطلاب، يمكن للأنظمة الذكية توفير مواد تعليمية مخصصة لكل طالب على حدة، وتقديم توصيات إضافية كذلك للمعلمين حول كيفية تحسين أساليب التدريس بما يعود بالنفع على الطلاب ويرفع من مستواهم التحصيلى.
أما عن الأعمال والوظائف فسنشاهد دخول الذكاء الاصطناعى بقوة وبسرعة، مما سيساعد على تقليل أو تلاشى الأعمال الروتينية مثل إدخال البيانات، والسكرتارية، وبعض الأعمال الإدارية، وفى المقابل ستظهر وظائف جديدة مثل، مبرمجى AI، محللى البيانات، ومشرفى أنظمة ذكية، وكذلك بيئات العمل ستعتمد على المساعدات الذكية للتخطيط، الكتابة، واتخاذ القرار، والتى أصبحنا نراه اليوم فعلا.
لذلك من المتوقع أن تنمو وظائف أخرى متعلقة بالذكاء الاصطناعى بصورة أكبر من الموجود حاليا، مثل البرمجة، وعلماء البيانات، مطورى الأنظمة الذكية، وأمن المعلومات والتى تختص فى حماية البيانات والشبكات، وتحليل البيانات حيث تحويل الأرقام الضخمة إلى قرارات، إضافة إلى المجالات الإبداعية مثل تصميم، تسويق رقمى، إنتاج محتوى.
وشكل الوظائف سيتغير، وسيزيد العمل عن بُعد حيث سيكون أساس كثير من الأعمال بدل طريقة العمل الحالية التى تعتمد على البصمة ومواعيد الحضور والانصراف، وفرق العمل فى المؤسسات والشركات ستعتمد على المهارات لا الموقع، والتركيز على النتائج لا عدد ساعات العمل، والمهارات المطلوبة هى التفكير النقدى، والإبداع، وكيفية العمل مع الأنظمة الذكية، والتعلم المستمر والمرونة، وأمثلة على وظائف مستقبلية، مدرب روبوتات، وهندسة البيانات، وستعتمد على التكنولوجيا المتقدمة والتحوّل الرقمى والاستدامة.
من المهم تعليم الأطفال على تقنيات الذكاء الاصطناعى من الآن، حيث إنه سيصبح جزءا لا يتجزأ من المستقبل، لأن كل ما يحيط بنا فى قادم الأيام سيعمل بالذكاء الاصطناعى، من التطبيقات الذكية إلى الروبوتات المتقدمة والتى تستطيع إجراء عمليات عبر القارات.
الذكاء الاصطناعى يحيط بنا من كل جانب، لذا، أصبح من الضرورى تعليم الأطفال هذا العلم المتقدم لتمكينهم من مواكبة التطورات التكنولوجية وإعطائهم المفاتيح للاستفادة منها.
لماذا يجب تعليم الأطفال الذكاء الاصطناعى؟
لأنه يساعد الأطفال على تطوير مهارات التفكير النقدى والتحليلى، حيث يتعلمون كيفية التعامل مع البيانات وتحليلها لاتخاذ قرارات مدروسة، وتعزيز الابتكار والإبداع، حيث يمكن للأطفال تطوير أفكار مبتكرة وحلول جديدة للمشكلات التى تواجههم فى حياتهم اليومية من خلال الأدوات التى يمتلكونها ويتعاملون معها.
وسيساعد الأطفال على فهم كيفية عمل التكنولوجيا التى يستخدمونها يوميا، مما يمكنهم من استخدامها بشكل أكثر فعالية. إضافة إلى توفير فرص وظيفية مستقبلية مع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا فى مختلف القطاعات، سيكون للأطفال الذين يتقنون الذكاء الاصطناعى فرص وظيفية أوسع فى المستقبل.
نحن أمام تحوّلات كبيرة مقبلة وبقوة والخلاصة هى أن التكنولوجيا لم تعد مجرد أدوات أو منصات مساعدة نستأنس بها فى أوقات الفراغ، بل ستصبح بيئةً كلية نعيش فيها وفى مختلف المجالات فى الحياة فى التعليم والصحة والوظائف ومختلف نواحى الحياة.
عبدالعزيز الكندرى
جريدة الرأى الكويتية
النص الأصلى:
https://tinyurl.com/nfv9hucv