الحلقة المفرغة للقمم العربية - أحمد يوسف أحمد - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 4:09 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الحلقة المفرغة للقمم العربية

نشر فى : الخميس 3 أبريل 2014 - 8:25 ص | آخر تحديث : الخميس 3 أبريل 2014 - 8:25 ص

من الصعوبة بمكان أن يحدد أحد التاريخ الدقيق لبدء دوران القمم العربية فى حلقة مفرغة. قد يكون التوصل إلى القرار الخاص بدورية القمة فى قمة القاهرة 2000 هو ذلك التاريخ مع أن المخلصين لقضية تعزيز النظام العربى وتفعيله رأوا فى ذلك القرار فى حينه نقطة انطلاق جديدة لمسيرة القمم العربية بعد أن أصبحت مؤسسة رسمية من مؤسسات النظام العربى تعقد اجتماعا على الأقل فى مارس من كل عام للنظر فى شأن المخاطر والتحديات التى تواجه النظام من داخله أو خارجه بعيدا عن شعار «الإعداد الجيد للقمة» الذى كان يباعد بين القمة العربية والقمة التى تليها عديد من السنوات فى أحيان كثيرة. لكن القمم أخذت تنعقد فى انتظام تام دون أن يكون لها مردود يذكر، فالقرارات تتخذ لكنها عادة لا تنفذ أو لا تفضى إلى أى تقدم فى الوضع العربى فى مشكلة ما، وأحيانا ما تكون تمهيدا لتنازلات عربية جماعية جديدة فى قضايا عربية كبرى أو على الأقل مسوغة لتنازل من قبل هذه الدولة أو تلك، ونسب حضور القادة العرب مؤتمرات القمة آخذة فى التدنى تفاديا للإحراج أو لاعتبارات أمنية مبالغ فيها أو تقدم عدد من الحكام فى السن نظرا لطول مدة استمرارهم فى الحكم، والقرارات تتكرر على نحو حرفى عاما بعد عام بشأن قضية ما مما يعنى عجزا عن تنفيذها. وقد يكون دوران القمم العربية فى الحلقة المفرغة من العجز قد بدأ مع واقعة الغزو الأمريكى للعراق فى 2003 التى كشفت عجز النظام العربى عن حماية إحدى وحداته الرئيسية.

•••

لم تخب قمة الكويت توقعات من رفضوا الرهان عليها فى مواجهة مشكلات العرب الكبرى، ففى مجال القضية الفلسطينية التى تتعرض فى المرحلة الراهنة إلى خطر التصفية والتى يصر العرب على تسميتها بقضية العرب الأولى، مع أنها لم تعد أولى ولا أخيرة، لم تستطع قمة الكويت أن تخرج على مألوف القرارات التى تبنتها القمم السابقة على الأقل منذ القمة الدورية الأولى فى عمان 2001، فقد ثابرت قرارات القمة فى هذا الصدد على التمسك بمواقف سليمة كذلك الموقف الخاص بإقامة دولة فلسطينية على الأراضى الفلسطينية التى احتلتها إسرائيل فى عدوان 1967 وعاصمتها القدس الشرقية دون ملاحظة أن هذا القرار لم يتقدم تنفيذه قيد أنملة عبر سنين طويلة، ذلك أن العجز عن التنفيذ يعنى أنه مطلوب عربيا تبنى سياسة جديدة لوضع هذا الهدف موضع التنفيذ، كذلك ثابرت قرارات قمة الكويت على تحميل إسرائيل المسئولية عما جرى ويجرى فى الصراع العربى ــ الإسرائيلى وهو اكتشاف قديم قدم القمم العربية لم يترتب عليه أى شىء عبر الزمن، ولم يفت قمة الكويت كما فعلت القمم السابقة عليها منذ سنوات طويلة أن تضع العالم (وليس العرب) أمام مسئولياته فهو المسئول عن حل مشاكلنا، ولم تتوقف القمة لحظة أمام النهج العربى والفلسطينى تجاه استعادة الحقوق العربية والفلسطينية وما إذا كان هذا النهج يحتاج إلى إعادة نظر أو حتى تغيير جذرى. كنا منذ سنوات نسعد كثيرا بعبارة أن المبادرة العربية» لن تبقى على المائدة طويلا «لكن الواضح الآن أنها ستبقى حتى تتم تصفية القضية الفلسطينية طالما بقى حالنا على ما هو عليه».

•••

أما المعضلة السورية فقد اكتشفت الجامعة العربية أن القرار الخاص بتسليم الائتلاف السورى مقعد سوريا فى الجامعة كان متسرعا لعدم وجود إجماع داخل فصائل المعارضة السورية على ذلك، فخفضت القمة تمثيله من مستوى القمة إلى المستوى الوزارى، وهو تطور إيجابى فى تقديرى، غير أن العجز العربى عن إيجاد حل للمعضلة السورية قد استمر، وامتد منطق تحميل العالم ومجلس الأمن مسئولية إيجاد حلول للمعضلة السورية مع أن ثمة دورا مهما للأطراف العربية مازال بمقدورها أن تلعبه بل وقد تكون هذه الأطراف هى وحدها القادرة على الاضطلاع به. وبخصوص الخلافات العربية – العربية لم تنجز القمة بشأنها شيئا يُذكر، وقد تكفل الجزء المتعلق بمصر فى كلمة أمير دولة قطر فى الجلسة الافتتاحية بزيادة استفزاز الشعب المصرى، ذلك أنه وإن حملت كلمته تلميحات إيجابية عن العلاقات بين البلدين إلا أن جوهرها كان نقدا غير مباشر وغير موضوعى لأداء الحكم فى مصر فيما يتعلق بالصراع مع الإخوان المسلمين مطالبا الحكم بالحوار وعدم الاستبعاد ومتناسيا ما يقوم به خصومه من أعمال عنف لا يستقيم معها أى حوار أو مصالحة، أما الخلاف الأخير داخل مجلس التعاون الخليجى فلم تبحثه القمة أصلا، وربما يكون هذا خيرا لأن تناوله داخل القمة كان من شأنه تعميق الخلاف طالما بقيت السياسة القطرية على ما هى عليه.

تضمنت القمة دون شك قرارات إيجابية كذلك القرار الخاص بالالتزام بتوفير الدعم للدول الشقيقة التى شهدت عمليات الانتقال السياسى والتحول الاجتماعى من أجل إعادة بناء الدولة ومؤسساتها، لكن السؤال: هل يتم تنفيذ قرار كهذا وكيف؟ وقد نذكر أن قرارات عديدة اتخذتها قمم سابقة فيما يتعلق بدعم مالى سخى للفلسطينيين لكن قلة من الدول كانت هى التى تلتزم، والواقع أن دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ودولة الكويت قد نفذت هذا القرار قبل صدوره بدليل مساعداتها السخية لمصر وبالذات بعد 30 يونيو، ناهيك عن الدعم المعنوى الذى يتمثل فى تبنى السعودية والإمارات الموقف نفسه من خصوم النظام المصرى الذين يعيثون فى مصر عنفا وإرهابا.

•••

مازال العرب إذن يحتاجون إعادة نظر واسعة وربما جذرية فى آليات تضامنهم فى مواجهة المخاطر التى تحيط بهم من كل اتجاه وإلا فإن قممهم سوف تبقى حالة روتينية أكثر منها آلية أساسية فى هذه المواجهة وقد يأمل المرء خيرا فى انعقاد القمة القادمة بمصر إذا استعادت استقرارها وبدأت انطلاقها نحو تنمية مستدامة واستعادة دورها الخارجى وبالذات على الصعيد العربى.

أحمد يوسف أحمد أستاذ العلوم السياسية بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وعميد معهد الدراسات العربية