مصر بين عالمين - محمد مكى - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 12:14 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصر بين عالمين

نشر فى : السبت 3 أغسطس 2019 - 7:50 م | آخر تحديث : السبت 3 أغسطس 2019 - 7:50 م

المصادفة وحدها جعلتنا نرى مشهدين مختلفين من الواقع المصرى خلال الأسبوع الماضى، الأول من العاصمة الإدارية الجديدة ومؤتمر الشباب، حيث مصر التى يحب الجميع أن يعيش فيها من رفاهية ورقى، والثانى من جهاز الإحصاء الحكومى الذى قدَّر معدلات الفقر المصرى بزيادة تقترب من 5%، وهو ما يعنى انضمام نحو 5 مليون مواطن جديد إلى دائرة الفقر والعوز، وسط أفراح لا تنتهى عن بيانات تتحدث عن نمو وارتفاع وتنفيذ إصلاحات هيكلية، ولا تذكر بأن المصريين فى أزمة مالية أعمق رغم تنفيذ برنامج صندوق النقد الدولى الذى رفع أسعار وتكلفة مجمل السلع والخدمات على البيوت المصرية.
شيء من المشهدين السابقين تحدث عنهم المرحوم أحمد خالد توفيق فى روايته «يوتوبيا» حيث طبقتان، الأولى بالغة الثراء والرفاهية، وهى المدينة المحاطة بسور ويحرسها جنود، والثانية فقر مدقع وتعيش فى عشوائيات ويتقاتلون من أجل الطعام، وهو ما لا نتمنى أن تصل مصرنا الحبيبة إليه، وإن كان بعضها على الحافة، حيث أكدت المؤشرات الرسمية أن عدد الفقراء ارتفع إلى 32% بدل 27%»، حسب جهة حكومية لا يمكن أن توصف بالأخونة ولا العمالة.
ومن الإنصاف عدم تحميل من يدير فى الوقت الحالى فقط مشكلة زيادة معدلات الفقر، حيث إنها تراكم فترات طويلة من تخبط وارتباك وفساد أيضا، وإن كانت السنوات الأخيرة شديدة الوطأة على عموم المصريين، مع شعور البعض أن الدولة بوصلتها فى اتجاه آخر، وأن برنامج «تكافل وكرامة» وغيره لن يخرج المصريين من دائرة العوز، وأن مصر التى أصبحت نموذج نجاح لكل العالم فى الإصلاح الاقتصادى حسب رواية القائمين على البرنامج، الفقراء يزيدون فيها، مع تآكل الدخل الحقيقى للفرد بعد تنفيذ برنامج إعادة الهيكلة المالية فى السنوات الثلاث الماضية.
الدولة تعترف أنها وحدها لن تستطيع أن تنتشل القرى الأكثر فقرا وعمل جميع المرافق والخدمات، وهو ما يعنى استعدادها للتعاون مع القطاع الخاص والمدنى، لكنها فى الوقت نفسه لا تساعد فى عمل ذلك القطاع، فقد لاحظ صندوق النقد عدم كفاءة الآليات الحكومية لتشجيع القطاع الخاص للتوسع، ومن الخطأ أن نسلم أن التدابير التى اتخذتها الحكومة لتعزيز الانفاق الاجتماعى وحدها هى ما سوف تقلص معدلات الفقر، ففى دولة معدلات الاستثمار المباشر فيها ينخفض، والمديونيات الخارجية المستحقة عليها اقتربت من 100 مليار دولار لن يقف مع الفقراء فيها قاطنو ناطحات السحاب.
لا تختلف روشتة الخروج من الفقر فى كثير من البلدان فتنحصر فى قيام حكومات الدول النامية بواجباتها من خلال وضع خطط وطنية لمعالجة الفقر، بحيث يجب عليهم وضع خطط استراتيجية يتم من خلالها تحديد كيفية التعامل مع موارد القطاع العام والخاص، بالإضافة إلى تحديد كيفية استخدام المساعدات للحد من الفقر المدقع. الحصول على بيانات دقيقة حول الفقر، وضع صندوق لجمع الصدقات أو الزكاة، لكن الحكمة تقول إن الوقاية خير من العلاج، فالصدمات الاقتصادية التى عاشها المصريون خلال السنوات الماضية حرمتهم من مكاسب حققوها بشق الأنفس، وأرغمتهم على العودة إلى دائرة الفقر.
يقولون إن الفقر فى الوطن غربة، والغنى فى الغربة وطن.. حفظ الله الأوطان.

التعليقات