نصيب الحضارة الغربية من التطرف - نادر بكار - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 1:47 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نصيب الحضارة الغربية من التطرف

نشر فى : الإثنين 4 أبريل 2016 - 10:00 م | آخر تحديث : الإثنين 4 أبريل 2016 - 10:00 م
أسهم متطرفى أوروبا والولايات المتحدة آخذة فى الصعود هذه الأيام كما هو متوقع فى أعقاب عامين من الكابوس (الداعشى) أحدهما ملىء بسلسلة انفجارات دامية فى قلب أوروبا.. شعبية التطرف المضاد تتصاعد بين أوساط الغربيين؛ والخلط بين الإسلام والإرهاب وبين المسلمين والإرهابيين يتصاعد عن عمد فى كثير من الأحيان وعن جهل فى أحيان أخرى.. المدهش أنه وعلى الرغم من استنكار كل مسلم عاقل لجرائم (داعش) وتكرار إدانة أغلب المسلمين لكل اعتداء ارهابى يحدث سواء على أرضهم ــ وهو الأغلب ــ أو فى أى مكان آخر؛ مازالت أصابع الاتهام الغربية تشير إلى الإسلام المتطرف Radical Islam على أنه منبع الشرور فى الأرض.

والحقيقة أن مجموع فظاعات (داعش) مضافا إليها كل جريمة ارتكبتها أى منظمة أخرى تلصق نفسها بالإسلام لا يمكن بحال أن يقارن بجرائم الحضارة الغربية خلال القرن العشرين وحده.. فهل قلنا يوما المسيحية المتطرفة؟ الإرهاب اليهودى؟ الوحشية البوذية؟

نظام (ستالين) اليسارى الشيوعى قتل أكثر من عشرين مليونا من مواطنيه السوفييت إما مباشرة أو من جراء النفى إلى سيبيريا.. الحرب العالمية الأولى أسفرت عن مقتل أكثر من عشرين مليونا آخرين.. وأما الحرب الثانية فالعدد يتجاوز الثمانين مليونا.. كل هؤلاء قتلى من المدنيين.. أرقام لا تشتمل على عسكريين ولا على جرحى أو مفقودين.

الولايات المتحدة أصرت على إلقاء قنبلة ذرية قتلت فى الحال تسعين ألفا من النساء والأطفال والعمال فى هيروشيما رغم أن انتهاء الحرب كان مسألة وقت؛ ورغم ابداء اليابان عن طريق السوڤييت رغبتها فى الاستسلام.. وبعد ذلك بثلاثة أيام فحسب وبعدما رأى العالم كله صور الدمار وبشاعة ما لحق بالمدنيين من تشوه وما ألقى فى قلوبهم من رعب، تسحق الولايات المتحدة مدينة ثانية ليس فيها إلا المدنيين أيضا ليكتمل نصاب ضحايا المذبحة النووية بما يقارب ربع المليون نسمة.

وفى فيتنام، كانت الطائرات الأمريكية تصب جحيما حقيقيا على رءوس الشعب الأعزل.. ولاتزال ذاكرة التاريخ تحمل صورة الفتاة الصغيرة الصارخة من الألم المهرولة فى الطريق على غير هدى إلا الفرار من النيران التى أتت على ملابسها وأكلت من جسدها الصغير.. والعالم اكتفى بالمشاهدة!.. كان إرهابا حقيقيا لا يميز بين صغير وكبير.. والغريب أن بعض المعلقين الأمريكيين استخدم هذا التعبير تحديدا لوصف المأساة قبل عقود من إعادة صك المصطلح وإلصاقه بالإسلام Nonselective terrorism

أما عن اغتصاب النساء، فلقد علق المؤرخ الإنجليزى Antony Beevor على ما حدث أثناء احتلال الحلفاء لألمانيا عقب سقوط النازى بأنه أكبر ظاهرة اغتصاب جماعى فى التاريخ. صحيفة الجارديان البريطانية أكدت أنه ما من امرأة ألمانية واحدة بين سن الثامنة وحتى الثمانين إلا وتعرضت للاغتصاب إما على يد الروس أو على يد الأمريكيين.. اغتصبت مائة ألف امرأة فى برلين وحدها، ومات أكثر من مائتى ألف سيدة من آثار مباشرة للاغتصاب الوحشى بعد ذلك.

حتى قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة لم تبيض صفحتها من جرائم كهذه، فبحسب الواشنطن بوست، جرائم الاغتصاب وانتهاك الأعراض تلاحق هذه القوات تقريبا فى أغلب أماكن العالم التى خدموا بها.. وعلى رأسها إفريقيا بكل تأكيد.

وفى الألفية الجديدة؛ وتحديدا فى العام ٢٠١٣ وصف تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن جرائم الاتجار بالبشر؛ فرنسا بمحطة استقبال Destination Country لرجال ونساء وأطفال يتم استجلابهم من شرق أوربا وغرب إفريقيا والبرازيل وبعض دول آسيا ثم إجبارهم على ممارسة الدعارة تحت التهديد المستمر.. والبعض يستعبد حرفيا فى أعمال سُخرة أغلبها فى المزارع الفرنسية.. العبودية فى أحط صورها مزدهرة فى فرنسا عاصمة الحضارة الغربية، التى ترفض إلى اليوم مجرد الاعتذار عن فترات احتلالها الدموى للجزائر ولدول الغرب الإفريقى!

ضربت الذكر صفحا عن ما حدث فى العراق وأفغانستان والصومال وعن مذابح المسلمين فى بورما وعن القتل الجماعى والاغتصاب فى البوسنة وكسوفو وعن جرائم الاحتلال الإسرائيلى طوال عقود وعن جوانتانامو وأبو غريب.. وعن منظمة KKK المسيحية المتطرفة.. وعن حرق الرُضع فى الضفة الغربية بيد متطرفين يهود.. وعن غير ذلك كثير.

الإرهاب لا دين له.. أما إن أصررتم فلن يكون دينه الإسلام بكل تأكيد.. واسألوا الأرقام تخبركم.