الإصلاح التشريعى الواجب - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 1:07 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإصلاح التشريعى الواجب

نشر فى : الأربعاء 4 مايو 2022 - 7:35 م | آخر تحديث : الخميس 5 مايو 2022 - 2:01 م

المفترض أن تكون الدعوة الرئاسية المقدرة لعقد حوار وطنى شامل حول التحديات التى تواجه الدولة المصرية، مؤشرا على تحول إيجابى وبناء فى نمط تفكير القائمين على أمر الحكم فى البلاد، والانتقال من مرحلة تعزيز قبضة السلطة على كل شىء تقريبا، بحثا عن الاستقرار المنشود، إلى مرحلة الاستقرار الفعلى والبحث عن شراكة أوسع فى مواجهة هذه التحديات.

وإذا كان الأمر كذلك، فإن البلاد تحتاج إلى إعادة نظر واسعة فى غابة التشريعات التى نمت وتشابكت موادها وقوانينها الصادرة خلال المرحلة الاستثنائية التى مرت بها البلاد فى السنوات الأولى لثورة 30 يونيو 2013 وتضمنت فرض قيود عديدة، سواء على ممارسة الإعلام والحق فى التعبير أو ممارسة العمل السياسى، وحتى الاقتصادى والاجتماعى.
وربما كان تمرير هذه القوانين والنظم غير الطبيعية مقبولا ومبررا فى تلك السنوات رغم تأثيراتها السلبية على المناخ السياسى والاجتماعى والاقتصادى، لكن إعادة النظر فى الكثير منها أصبح واجبا الآن إذا كانت الحكومة جادة فى السعى إلى إعادة الروح للحياة السياسية فى البلاد وضخ دماء جديدة فى شرايين الاقتصاد.

فالحياة السياسية لا تزدهر فى ظل قوانين صدرت وقواعد وضعت أثناء مجابهة خطر الإرهاب الذى انحسر بشدة بعد سنوات من المعاناة. والمستثمرون الأجانب وحتى المحليين لا يضخون استثمارات جديدة فى ظل قوانين توسع سلطة المصادرة أو الملاحقة، والتى ربما كانت مطلوبة فى مرحلة ما لتجفيف منابع تمويل الإرهاب والأنشطة المعادية للبلاد.

والمجتمع المدنى لن يتحرك إلى الأمام ولن يشارك بفعالية فى حركة التنمية المنشودة، إذا استمرت قبضة السلطة على مؤسساته الفاعلة بدءا من النقابات المهنية وحتى الجمعيات الخيرية.
المفارقة أنه فى الوقت الذى أطلق فيه رئيس الجمهورية دعوته إلى الحوار الوطنى الشامل، وتسعى فيه الدولة إلى جذب الاستثمارات التى تحتاجها بشدة، يخرج علينا مجلس الوزراء قبل أيام ويوافق على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون مكافحة غسل الأموال الصادر بالقانون رقم 80 لسنة 2002. لينص التعديل على «أنه لا يشترط صدور حكم بالإدانة فى الجريمة الأصلية، لإثبات المصدر غير المشروع لمتحصلات الجريمة» وهو تعديل غريب بالفعل لأنه يعنى ببساطة أن حصول المواطن على حكم بالبراءة من جريمة تجارة المخدرات أو تمويل الإرهاب أو أى نشاط غير قانونى لا يكفى لحماية أمواله الخاصة التى يمكن مصادرتها باعتبارها أموالا غير مشروعة، رغم عدم إدانة صاحب الأموال بارتكاب أى جريمة.

وربما كان مثل هذا التفكير الذى يتوسع فى منح السلطة التنفيذية صلاحيات غير معتادة، مقبولا فى فترة الحرب ضد الإرهاب، لكنه لا يمكن أن يكون مقبولا ونحن نقول إننا نتحرك نحو بناء جمهورية جديدة قوامها الشرعية الدستورية والعدالة التشريعية، وصيانة الحقوق والحريات.

لذلك نأمل ألا يمرر البرلمان هذا التعديل الذى وافقت عليه الحكومة لما به من عوار دستورى واضح، وإهدار لحجية حكم القضاء باعتباره عنوان الحقيقة.
وإذا كان هذا النص التشريعى المعيب الذى مازال فى مرحلة المسودة، ويمكن التراجع عنه، فهناك الكثير من النصوص المماثلة التى تحتاج إلى الإلغاء أو التعديل لما تمثله من قيود وربما عدوان على الكثير من الحقوق والحريات فى مجالات عديدة.

التعليقات