الأردن استقبل كوشنر وتنفس الصعداء - مواقع عربية - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 1:20 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأردن استقبل كوشنر وتنفس الصعداء

نشر فى : الثلاثاء 4 يونيو 2019 - 9:50 م | آخر تحديث : الثلاثاء 4 يونيو 2019 - 9:54 م

نشر موقع درج مقالا للكاتبة رنا الصباغ مقالًا جاء فيه الآتى:

تنفس الملك عبدالله الثانى، والأردنيون معه، الصعداء ــ ولو مرحليا ــ بعد فشل رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو فى إعادة تشكيل حكومة جديدة، ما قد يؤخر فرض «صفقة القرن» لتسوية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار.
إلا أن هذه المفاجأة السارة لا تعفى الملك وحكومته من معضلة اتخاذ قرار سيادى حول مشاركة الأردن من عدمها فى «مؤتمر سلام» اقتصادى تستضيفه المنامة فى 25 ــ 26 يونيو؛ استباقا للشق السياسى من الصفقة المزعومة لتصفية القضية الفلسطينية.

ذلك أن ديبلوماسية الرقص على الحافة ــ التى تنتهجها القيادة الأردنية وسط إقليم ملتهب ــ لن تحميها من استحقاقات حتمية على جبهتى القضية الفلسطينية وإيران، وسط غضب شعبى بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية وكبت الحريات السياسية. إذ ينتظر أن يتواصل الاحتقان فى صيف ساخن، بانتظار إجراء الانتخابات الإسرائيلية فى موعدها المبدئى يوم 17 سبتمبر واحتمال محاكمة نتنياهو بتهم فساد، حتى لو كسب الانتخابات.

وثمة خشية فى عمان من أن تقنص واشنطن ــ المحرجة من رد فعل معظم الدول الغربية والعربية على صفقة القرن والمشاركة فى مؤتمر البحرين ــ فرصة جديدة لفرض تسوية عرجاء فى مصلحة إسرائيل قبل انطلاق عربة الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى 2020، بما فى ذلك السماح لإسرائيل بضم المستوطنات فى مناطق (ج)، أى 42 فى المئة من الضفة الغربية.

لكن يمكن القول اليوم إن عمان نجت مرحليا من سيناريو مرعب؛ يتمثل فى إعلان صفقة ترامب لوأد حلم الفلسطينيين بإقامة دولتهم على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان حق عودة اللاجئين بموجب القرار رقم 191 مع ترسيم نهائى للحدود، مدعومة بترتيبات أمنية لحمايتها.

على الرغم من ذلك، على عمان التعامل مع استحقاق حضور مؤتمر المنامة المرفوض شعبيا وفلسطينيا وفى معظم الدول العربية، ما عدا السعودية والإمارات وقطر، أقله من زاوية عدم غلق الباب فى وجه ترامب، بينما تواصل رهانها على عامل الوقت والمعارضة الأممية لإجهاض الصفقة. ويبقى الأردن فى «بوز المدفع» مقارنة مع موقف السلطة الفلسطينية، التى أعلنت بوضوح مقاطعتها المؤتمر. صحيح أن عمان ليست السلطة، لكنها تتشارك مع الفلسطينيين فى حلم حل القضية الفلسطينية بعدالة، وفق قرارات الشرعية الدولية. وهناك مبادئ مهمة لا تستطيع عمان القفز عليها، مقارنة مع دول الخليج؛ مثل الوضع النهائى للقدس، وضمان دور الهاشميين فى رعاية المقدسات الإسلامية، وحق العودة والتعويض للاجئين وللدول المستضيفة وترسيم الحدود وغيرها من الترتيبات النهائية.

***
الفلسطينيون مكون رئيسى فى النسيج الأردنى لا يمكن تجاوزه أو إغضابه. سمعة الأردن وصدقية خطابه السياسى باتتا على المحك داخليا وخارجيا. ذلك أن الملك استعاد ثقة الشارع المحتقن حين أعلن قبل أسابيع لاءاته الثلاث المتصلة بالتوطين والوطن البديل والقدس. وبالتالى فإن قرار المشاركة قد يؤطر بتهم الخيانة للأردن، ما قد يضع الخط الرسمى فى موقع صعب أمام محاولة إقناع الأردنيين والفلسطينيين بمبررات المشاركة من دون إحباطهم.

تحاول عمان خلق توازن بين استمرار التواصل مع إدارة ترامب من دون أن يعنى ذلك موافقتها المعلنة على السياسات الأمريكية، لأن ذلك سيضعها فى مأزق مع الرأى العام. ثمة خشية فى أوساط دبلوماسيين غربيين بأن جزءا من الشارع الأردنى بات يقود وجهة الموقف السياسى صوب مقاطعة المنامة من دون أن يدرك كلفة الغياب. وثمة حاجة لموقف قيادى واضح يأخذ زمام المبادرة لحماية مصالح الدولة الاستراتيجية، ضمن حد أدنى من التوافق الوطنى. تلك مهمة شبه مستحيلة لكنها مطلوبة لحماية المصالح الأردنية فى ظل محدودية الخيارات، بحسب ساسة ودبلوماسيين. ثمة صداقة وطيدة بين ملكى الأردن والبحرين، وبالتالى تتوقع أوساط ديبلوماسية مشاركة أردنية على المستوى الوزارى الرئيسى أو الثانوى، لأن غيابه كليا وهو مكشوف الظهر أمريكيا وعربيا، يشبه الانتحار السياسى.

المخرج من متاهة غياب القرار، بحسب الرواية الرسمية، يكمن فى أن يتحدث الأردن عن موقفه الثابت تجاه القضية الفلسطينية خلال المؤتمر والسعى للحصول فى المنامة على صورة واضحة حيال الأفكار المطروحة لتنمية البنى التحتية فى الضفة الغربية وقطاع غزة والاردن ومصر ولبنان، من دون إغفال مواصلة حشد الموقف الدولى لحل الدولتين والرهان على إهمال الخطة التى ولدت ميتة أصلا.

عمان ستخسر كثيرا إذا قاطعت ملتقى المنامة، إذ إنها تعتمد على واشنطن لتوفير 1.5 مليار من المساعدات المالية السنوية، من دون احتساب المساعدات العسكرية، وذلك بعد ثلاث سنوات على نضوب المساعدات الخليجية المباشرة للخزينة. تأتى المساعدات الأمريكية مقابل تحالف استراتيجى تعززت أواصره اقتصاديا وأمنيا وعسكريا، خلال العقدين الماضيين. وتأمل عمان بأن تساعدها واشنطن فى تحديث أسطول مقاتلاتها النفاثة، ومواصلة تمويل برامج تنموية حيوية، بما فى ذلك السماح للمصدرين الأردنيين بدخول السوق السورية بقائمة سلع أوسع، لا تتعارض مع المقاطعة الاقتصادية الأميركية لسوريا.

***
يقف الأردن وحيدا فى الإقليم فى ظل انهيار النظام العربى وانحسار نفوذ العراق وسوريا وانغماس مصر فى قضايا داخلية، وكذلك تراجع نفوذ أوروبا السياسى والاقتصادى. الوضع الحالى يشبه العزلة التى غلفت الأردن فى النصف الأول من تسعينات القرن الماضى، حين وقف الراحل الحسين بن طلال على الحياد خلال غزو العراق الكويت.

ويتوقع أن تماطل عمان فى إعلان قرارها النهائى، على رغم الضغوط الداخلية والخارجية. وثمة رهان بموت صفقة القرن سريريا بسبب غياب مصادر تمويل خليجية كافية لتمويلها على خلفية تراجع أسعار النفط وكلفة تمويل الحرب المستعرة فى اليمن منذ 2015.

فى أى حال، تبقى إسرائيل المستفيد الأكبر سواء فرضت الصفقة أم طويت. فهى ماضية فى مخططها لقضم ما تبقى من الأراضى الفلسطينية، توسيع المستوطنات وتهويد القدس بمباركة أمريكية غير مسبوقة. حل الدولتين مات منذ سنوات، بسبب الوقائع التى تفرضها إسرائيل على الأرض منذ اتفاق أوسلو عام 1993. وعلى الرغم من تمسك قادة الدول الإسلامية المشاركين فى أعمال قمة الدول الإسلامية الـ14 فى مكة بحل الدولتين نظريا، ورفضهم أى إجراء يمس الوضع التاريخى والقانونى للقدس، إلا أنهم مضطرون لأن يدعموا أجندة السعودية فى تصعيدها ضد إيران، والتى باتت فى عيون الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائها فى الخليج، السبب الرئيسى لحال عدم الاستقرار فى المنطقة بدلا من الصراع التاريخى بين العرب وإسرائيل.

النص الأصلي

التعليقات