للكتابة بحبر «أحلامك أوامر» آداب وقواعد يراعيها الذى يعرفها جيدا، لأنه يعرف بأنها طريقه الوحيد ليعلو شأنه إلى مزيد أو على الأقل ليستمر حاله على ما هو عليه، إذا لم يقل لنفسه دائما: هل من مزيد؟
والقاعدة الأولى التى يستند إليها «حزب الكتابة بحبر أحلامك أوامر» أن يعرف جيدا مصادر القوة التى تملك المنح والمنع، ويضع رأسه تحتها، يترصد انفعالاتها، فيرضى كتابيا، بالنيابة عن صاحب القوة، عن شخص يعجب به صاحب القوة، مثلما يعلنها حربا على آخر، إذا ما قيل له إنه يستحق الرد على تطاوله، وربما يذهب الكاتب إلى أبعد من ذلك، فيبلغ ترصده لانفعالات صاحب القوة مدى أبعد، حيث لا ينتظر منه إعلانا عن انفعالاته بشكل واضح وصريح، بل يعلن حربه واستحسانه الكتابى وفقا لما يتخيله من مصدر لرضاه أو غضبه، ولربما مرت الأيام ودالت الظروف لصاحب القوة، فوثق علاقته بأحد بعد خلاف، ولم تسنح الفرصة لكاتبه بالمعرفة، فيعلن الحرب «على قديمه» فلا يجنى الرضا بل الغضب من حماقته واندفاعه.
والتجربة تثبت أن الكتاب من حزب «أحلامك أوامر» يملأون كل عصر وحين، تتغير الوسيلة أمامهم فقط، فمرة تكون مطبوعة كالجريدة أو المجلة أو حتى البحث العلمى، مثلما تكون برنامجا فى قناة فضائية أو إذاعة مسموعة، كلهم لا يخجلون من الحبر الذى يسفحونه أو ورق المطبعة الذى حمل كلامهم أو القارئ الذى اشترى مطبوعتهم أو شاهد قناتهم عابرا فى مروره الكريم بالريموت عليها، فهل يمكن أن ننتظر من أحدهم أن يخجل يوما مما يكتب أو يقول؟!
نعرف فى كل تاريخ أن هؤلاء هم المتحلقون حول السلطان أو الخليفة أو الملك أو الرئيس لكن شبكة المصالح تعقدت الآن فى زماننا بتعقد شبكاته فأصبحت القوة فى رأس المال، مما استتبع معه أن يتغير مفهوم القوة، ليصبح صاحب رأس المال مضافا إلى الذين يتحلق حولهم حزب الكتابة بحبر أحلامك أوامر، ويجد المتابع المدقق لمطبوعات وفضائيات متنوعة مدافعين عن كثيرين، بل يمكن أن نرصد اتجاه مصلحة فلان أو علان بمتابعة من يكتبون نيابة عنه.
ويحفظ لنا التاريخ أن الشاعر القديم وصاحب المعلقة، زهير بن أبى سلمى، كان يمدح السيدين هرم وسنان فى أشعاره، فيغدقان عليه ويكفلان حياته، وقت أن كان الشعر هو الجريدة والفضائية، مثلما يحفظ هذا التاريخ كلمة لابنة أحدهما تدين فيها لبنت زهير بالفضل عندما قالت: «لقد منحنا أبوكم ما يبقى، فى حين أعطيناه ما يفنى»، فهل يدرك هؤلاء المتهافتون أنهم بدفاعهم وكتاباتهم يعطون صاحب القوة ما يبقى ويستمر، فى حين يحصلون منه على ما يفنى؟!