لماذا فاز خالد البلشى بمنصب نقيب الصحفيين المصريين متفوقًا بفارق ٧٨٤ صوتًا على منافسه الرئيسى عبدالمحسن سلامة؟
لو سألت هذا السؤال لعدد كبير من الصحفيين الذين تابعوا انتخابات نقابة الصحفيين يوم الجمعة الماضى، فسوف تتلقى إجابات متباينة بحسب قائلها وموفقه، وبالتالى يصعب الوصول لإجابات دقيقة.
يقول البعض إن غالبية أعضاء الجمعية العمومية اختاروا خالد البلشى، لأنه معارض، ضد سلامة القريب من الحكومة والدولة.
وظنى أن هذا سبب غير دقيق، فالجميع أبناء الدولة التى تضم المؤيد والمعارض وما بينهما.
وثانيًا: إذا كان هذا السبب صحيحًا فلماذا اختار الناخبون أربعة من الزملاء القريبين تمامًا من موقف عبدالمحسن سلامة السياسى فى مجلس النقابة وهو ما أعاد التوازن إلى المجلس مرة أخرى؟!
يقول البعض الآخر، إن أحد أسباب عدم توفيق عبدالمحسن سلامة. هو المشاكل الضخمة التى تعانى منها الصحف القومية، وأهمها توقف التعيينات منذ عام ٢٠١٣، وهذا تفسير غير كافٍ أيضًا، لأن هناك ثلاثة من الناجحين من أعضاء مجلس النقابة ينتمون للمؤسسات القومية، وهم: محمد شبانة وحسين الزناتى من «الأهرام» وأيمن عبدالمجيد من «روزاليوسف».
يقول البعض الثالث: إن عدم توفيق سلامة يعود إلى أنه ركز فى خطابه الانتخابى على تقديم الخدمات من شقق وأراضٍ وبدل نقدى فقط فى حين أن البلشى ركز على خطاب الحريات والمهنة، ورغم أن هذا كلام يبدو معقولًا، لكن كيف يمكن أن نفسر نجاح عبدالمحسن سلامة قبل ذلك فى منصب النقيب بنفس مضمون البرنامج الانتخابى الخدمى فى الأساس؟ وكيف يمكن أن نفسر نجاح العديد من النقباء السابقين، وكانوا قريبين من الحكومة وجوهر برنامجهم خدمى من الأساس مع استثناءات قليلة؟!
يقول البعض الرابع إن المؤسسات القومية لم تساند سلامة بصورة قوية، وهذا أمر لا يمكن تأكيده، أو نفيه لحين توافر بيانات توضح كيفية تصويت كل مؤسسة قومية على حدة للبلشى أو سلامة.
هذه هى الأسباب الأربعة التى سمعتها وقرأتها لزملاء مختلفين عن تحليلهم لنتيجة الانتخابات، وفى ظنى أنها ربما تتضمن بعض الأسباب وليس كلها.
وفى تقديرى أن هناك عوامل أخرى مهمة لا يمكن إغفالها لتفسير نتيجة يوم الجمعة الماضى.
السبب الأول أن خالد البلشى نقيب حالى، وفرص فوز أى نقيب حالى كبيرة فى غالبية انتخابات النقابة خصوصًا أن فترة العامين الأولى للبلشى لم تتضمن مشاكل ضخمة، وكانت علاقته بمختلف مؤسسات الدولة طيبة إلى حد كبير.
السبب الثانى: ونتيجة للسبب الأول فإن البلشى دخل السباق متفوقًا بنقاط كثيرة، ويحسب لعبدالمحسن سلامة أنه ظل يضيق الفارق الكبير بجهد خرافى، حتى تمكن من تحقيق نحو ٤٥٪ من الأصوات، وهو جهد كبير بالنظر إلى ظروف المعركة الانتخابية. وبالنظر أيضًا إلى عامل مهم جدًا وهو عدم خروج أى مسئول حكومى ليعلن رسميًا أنه يؤيد هذا المرشح أو ذاك، أو أنه سيعطية «مكافأة البدل» التى يعتبرها كثيرون عاملًا حاسمًا فى مرات كثيرة، وهو أمر يحسب للحكومة بعدم انحيازها بصورة سافرة.
السبب الثالث: إن هناك تغيرًا حاسمًا فى تركيبة الأصوات، فلم تعد الصحف والمؤسسات القومية تمثل أكثرية الأصوات، كما كان الأمر سابقًا، وصارت المؤسسات غير القومية تمثل الأغلبية، بسبب كثرتها، ولتوقف التعيينات داخل المؤسسات القومية منذ عام ٢٠١٣ تقريبًا.
السبب الرابع: إنه ثبت يقينًا عدم قدرة رؤساء التحرير ورؤساء مجالس الإدارة على حشد المحررين خلف مرشح معين، فقد تمتلئ قاعات الصحف بالمحررين خلف مرشح بعينه، وقد يأتون فى أفواج يوم التصويت، لكن فى لحظة التصويت يكون الأمر لرغبة وضمير ومزاج وتفضيلات كل صحفى على حدة. وأظن أن تجربة الانتخابات الأخيرة وما قبلها تجعل الجميع يتوقف عن التعامل بهذه الطريقة التى صارت مستهجنة.
السبب الخامس: إن هناك تغيرًا مهمًا فى مزاج وقيم وسلوك الأجيال الجديدة من الصحفيين، وينبغى على أى مرشح أن يفهم هذه الأمور ويتعامل معها بصورة صحيحة. هو قد يهتم بالبدل والخدمات، لكنه يهتم أيضًا بطريقة التعامل معه، حتى لو كان فى صحف قومية، وأظن أن التصويت على أساس الانتماء للمؤسسة يشهد تراجعًا ملحوظًا فى كل انتخابات، وهذا تطور مهم ينبغى دراسته.
السبب السادس: هو دخول وسائل التواصل الاجتماعى كعنصر حاسم فى العملية الانتخابية على حساب الوسائل التقليدية، فصورة أو فيديو أو حكاية أو منشور يمكن أن يغير بعض الاتجاهات.
كل التوفيق لخالد البلشى وكل التمنيات الطيبة لعبدالمحسن سلامة على جهده، وكل التوفيق للمجلس الجديد فى تشكيله الجديد.