بعد الاحتجاجات - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:08 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بعد الاحتجاجات

نشر فى : السبت 5 أبريل 2014 - 8:20 ص | آخر تحديث : السبت 5 أبريل 2014 - 8:20 ص

كتبت زينب تفكسى مقالا بجريدة نيويورك تايمز تناولت فيه فكرة تأثير الإعلام الاجتماعى على النظام الحاكم وقدرته على حشد الجماهير. وخلال الشهر الماضى، تجمع أكثر من 100 ألف شخص فى إسطنبول لحضور جنازة تحولت إلى مظاهرة جماهيرية. لم تتول الدعوة منظمة رسمية. فقد جاء الخبر التالى على تويتر: توفى بيركين إيلفان ابن الخامسة عشرة. وكان قد أصابته قنبلة غاز مسيل للدموع فى رأسه وهو فى طريقة لشراء خبز أثناء احتجاجات جيزى فى شهر يونيو الماضى. وخلال 369 يوما ظل فى غيبوبة وأصبح وجه بيركين رمزا للمقاومة المدنية على الإعلام الاجتماعى من الفيسبوك إلى إنستاجرام، وكان الرد عفويا عندما غردت أسرته «لقد فقدنا ابننا» ثم موعد الجنازة.

•••

أشارت الكاتبة إلى أن الاحتجاجات مثل هذا الاحتجاج، التى يغذيها الإعلام الاجتماعى فتندلع لتصبح أحداثا جماهيرية ضخمة، تشبه بيانات المعارضة القوية ضد النظام. وسواء جرت تلك الاحتجاجات فى تركيا أو مصر أو أوكرانيا، غالبا ما يتنبأ النقاد بأن أيام الحزب الحاكم أو الحكومة، أو على الأقل سياستها التى لا تحظى بالقبول، لابد أنها باتت معدودة. ومع ذلك فغالبا ما ينتهى الحال بهذه التعبئة الضخمة للمواطنين إلى التآكل على نحو لا يمكن تفسيره دون أن يكون لها ذلك الأثر الذى يمكن توقعه نتيجة لحجمها. وهذا الأثر المكبوت ليس سببه أن الإعلام الاجتماعى لا يجيد ما يقوم به، بل لأنه بشكل ما يجيد ما يقوم به إلى حد كبير. فالأدوات الرقمية تجعل من الأسهل بكثير مراكمة التحركات بسرعة، وهى تقلل تكاليف التنسيق بشكل كبير. ويبدو هذا شيئا طيبا فى البداية، لكنه غالبا ما يسفر عن ضعف متوقع. ذلك أنه قبل الإنترنت كان العمل المضنى للتنظيم المطلوب للإلتفاف على الرقابة، أو لتنظيم احتجاج، يساعد كذلك فى خلق بنية تحتية لاتخاذ القرار وإستراتيجات الحفاظ على قوة الدفع. وفى الوقت الراهن يمكن للتحركات تجاوز هذه الخطوة، الأمر الذى غالبا ما يضرها.

•••

وتطرقت الكاتبة إلى إسبانيا، حيث احتل المحتجون الذين أطلقوا على أنفسهم Indignados (الغاضبون) الميادين العامة بأعداد كبيرة فى عام 2011، غير أن سياسات التقشف التى عارضوها مازالت سارية. واحتلت حركة «احتلوا وول ستريت» مانهاتن السفلى فى أكتوبر من عام 2011 مبلورة صورة الـ99 بالمائة مقابل 1 بالمائة المستخدمة فى الإعلام الاجتماعى للإستيلاء على انتباه العالم. وفى مصر، استخدم محتجو ميدان التحرير الإعلام الاجتماعى للاستيلاء على انتباه العالم. وفى وقت لاحق من ذلك العام، أثناء الإشتباكات التى شهدها الميدان، استخدم أربعة أشخاص فى العشرينيات من عمرهم صفحات جوجل واتصال التليفون المحمول وتويتر لتنسيق الواردات إلى 10 مستشفيات ميدانية اهتمت بالجرحى. لكن بعد ثلاث سنوات، عاد النظام العسكرى القمعى إلى السلطة.

كما ظهر آلاف الأشخاص فى إسطنبول فى يونيو الماضى لتحدى خطة الحكومة لإزالة منتزه جيزى، على الرغم من حقيقة أن وسائل الإعلام الجماهيرية التى تخضع لرقابة شديدة تجاهلت تقريبا الاحتجاجات الأولية وأذاعت أفلاما وثائقية عن طائر البطريق بدلا من الخبر. ونظم أربعة من الطلاب الجامعيين شبكة صحافة للمواطنين استطاعت اختراق الرقابة بمقدار 140 حرفا فى كل مرة.

•••

استطردت تفكسى، مع اقتراب الإنتخابات المحلية، من المتوقع أن يستعيد الحزب الحاكم سيطرته. وبمقارنة ذلك بما جرى لإنتاج وتوزيع المنشورات التى أعلنت مقاطعة ركوب الحافلات فى مونتجومرى عام 1955. فقد تسللت جو آن روبنسون الأستاذة فى كلية ولاية ألاباما ومعها بضعة طلاب إلى غرفة طباعة الستنسل وعملوا طوال الليل فى السر لطبع 52 ألف منشور لتوزيعها باليد بمساعدة 68 من المنظمات السياسية والدينية والتعليمية والعمالية الإفريقية الأمريكية فى أنحاء المدينة. وحتى الأعمال اليومية كتنسيق تجمعات السيارات (فى حقبة سابقة على وجود جدول البيانات الرقمي) كانت تتطلب ساعات لا تنتحى من العمل التعاونى.

فى الوقت الذى واجهت فيه حكومة الولايات المتحدة المسيرة إلى واشنطن فى عام 1963، لم يبلغ حجم الإحتجاج 300 ألف متظاهر فحسب، بل كانت هناك الشراكات الملتزمة واللوجستيات المطلوبة لتوصيلهم جميعا إلى هناك ولاستدامة الحركة لسنوات فى مواجهة قوانين جيم كرو المنفذة بوحشية. وكانت لتلك الحركة القدرة على زيادة المقاطعات والإضرابات والمظاهرات لدفع قضيتها قُدُما. والمسيرات الأخيرة فى واشنطن ذات الأحجام المشابهة، بما فى ذلك مسيرة الذكرى الخمسين فى العام الماضى، كانت تعلن كذلك عن السخط والرغبة فى التغيير، لكنها لم تكن تمثل الخطر ذاته على السلطات.

•••

وترى تفكسى أن الإعلام الاجتماعى يوفر ميزة هائلة فى تجميع القوة من الأعداد والحركات التى تعتمد عليه. وتلك اللايكات على الفيسبوك، التى يسمونها ساخرين slacktivism أو clicktivism، يمكن أن يكون لها نتائج طويلة المدى من خلال تحديد أى الآراء «طبيعى» أو «واضح» وربما تكون من بين أهم رافعات التغيير. وهذا أحد أسباب النجاح الكبير الذى حققته حركة زواج الجنس الواحد، التى تستخدم الوضوح كإستراتيجية رئيسية، وهذا هو السبب كذلك فى محاولة الحكومات السلطوية حظر الإعلام الاجتماعى.

خلال احتجاجات جيزى، وصف رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان تويتر وغيره من وسائل الإعلام الاجتماعى بأنها «تهديد للمجتمع». ومؤخرا وافق البرلمان التركى على قانون يزيد قدرة الحكومة إلى حد كبير على فرض رقابة على محتوى الإنترنت وتوسيع المراقبة، وقال السيد أردوغان إنه سوف يفكر فى منع الوصول إلى الفيسبوك واليوتيوب. والكاشف كذلك أن إحدى خطوات الرئيس فلاديمير بوتين الأولى قبل ضم القرم كانت إغلاق المواقع الإلكترونية الخاصة بالمعارضين داخل روسيا.

•••

واختتمت الكاتبة مقالها مشيرة إلى قدرة الإعلام الموجود فى أيدى المواطنين على أن يحرج الأنظمة الحاكمة. وهو يزيد إلى حد كبير من صعوبة قدرة الحكام على الحفاظ على المشروعية بالتحكم فى المجال العام. لكن الناشطين، الذين قاموا بذلك الإستخدام الفعال للتكنولوجيا لتجميع المؤيدين، مازال يتعين عليهم تحديد كيفية تحويل الطاقة إلى أثر أكبر. وليس المهم هو تحدى السلطة، بل تغييرها.

التعليقات