«من البيئة وللحفاظ على البيئة»، بإيجاز هذا هو مفهوم الاقتصاد الأزرق الذى تعمل فيه أجهزة الدولة فى أكثر من وزارة من أجل إيجاد فرص عمل جديدة أمام الشباب، وبغرض واحد فقط هو الحفاظ على البيئة والنظام الإيكولوجى، بأقل الخامات المرتبطة بالطبيعة، ودون نقل أى رءوس أموال أو مواد مصنعة من مناطق بعيدة.
بعبارة أخرى، يهدف الاقتصاد الأزرق إلى المحافظة على البيئة من البيئة، من خلال مواجهة التغيرات المناخية التى تؤثر سلبا على الطبيعة المحلية، وبما يسهم فى رفعة المنطقة أو الجهة المعنية زراعيا وسياحيا وصناعيا.
وعلى الرغم من أن مشروع الاقتصاد الأزرق من المشروعات التى بدأت الدولة تفكر فيها بجدية، وأنها تقتصر الآن على 5 محافظات ساحلية هى بورسعيد ودمياط والدقهلية وكفر الشيخ والبحيرة، إلا أن هناك الكثير والكثير من المناطق الساحلية الواعدة التى يمكن من خلالها أن يتفاعل الاقتصاد الأزرق، فيجلب المزيد من التنمية، وكل ذلك من الممكن أن يسير وفق خطة التنمية المستدامة التى أقرتها هيئة الأمم المتحدة ضمن الهدف الرابع عشر للتنمية لعام 2030.
محافظات مطروح والبحر الأحمر والسويس والإسماعيلية وشمال وجنوب سيناء هى المحافظات الساحلية المصرية المتبقية، والتى من خلالها يمكن أن يتفاعل الاقتصاد الأزرق ويؤتى أكله. وبالطبع لكل من تلك المحافظات ثروات طبيعية وخامات يمكن استغلالها بشكل جيد بغية الحفاظ على البيئة وجلب فرص عمل، بما يحقق التنمية السياحية والأمن الغذائى ويساهم فى القضاء على الفقر وتحسين مستوى المعيشة ورفع الدخل للسكان فى تلك المناطق. وكما هو واضح فإن بعض تلك المناطق ينتمى سكانها لذوى الدخول المتوسطة والمحدودة، مثل مناطق حلايب وشلاتين وأبو رماد، وجميع المناطق المرتبطة بساحل البحر الأحمر جنوب الغرقة ومرسى علم.
أحد الأمور التى تم البدء فيها بنجاح بشأن الاقتصاد الأزرق هو استخدام مواد صديقة للبيئة، ومنتجة من التربة مباشرة، بغية إنشاء عدد من الجسور الشاطئية لحماية المناطق الساحلية من التآكل والهدر ونحر البحر فى بعض محافظات الوجه البحرى المطلة على البحر المتوسط أمام دلتا النيل، وهنا يستخدم البوص على وجه التحديد كمصدات للرمال، بغرض تجميع الرمال لمنع النحر وزحف الماء المالح للتربة فى تلك المناطق.
المؤكد أن هناك مشروعات أخرى من الممكن أن تساهم فى دعم الاقتصاد الأزرق، خذ على سبيل المثال الاستزراع السمكى، وكذلك استغلال مياه الأمطار والسيول بغرض زراعة واستصلاح الأراضى، عبر إنشاء سدود وخزانات بجوار مخرات السيول فى محافظات البحر الأحمر وجنوب سيناء، بغرض زراعة المحاصيل النادرة التى تتميز بها البيئة، والتى تدر دخلا جيدا عبر استغلالها فى الصناعات الدوائية على سبيل المثال.
مشروع الرمال السوداء ومشروع الرمال البيضاء هو من أهم المشروعات النابعة من البيئة، ومن أبرز مكاسب الاقتصاد الأزرق المتوقع فى المحافظات الساحلية، حيث تستغل الثروة النابعة من التربة فى التنمية الصناعية.
مشروعات السياحة وتطوير الشواطئ خاصة فى محافظات البحر الأحمر (السويس والبحر الأحمر وجنوب سيناء) بغرض زيادة فرص العمل من خلال القرى السياحية، التى ترتبط بالسياحة الترفيهية، التى تجلب دخلا بالعملة الأجنبية، هى أيضا ضمن التنمية عبر الاقتصاد الأزرق.
من الأمور المهمة أيضا المحميات الطبيعية المنتشرة فى تلك المناطق، وما يمكن لها أن تسهم معه فى دعم الاقتصاد الأزرق، باعتبار تلك المناطق ثروات بحرية وبرية نادرة، يمكن أن تكون مصدر جذب سياحى.
الصناعات المحلية المرتبطة بالبيئة كصناعة الجلود وشباك الصيد والأثاث الخشبى والمنزلى والفخار، وغيرها من الصناعات، فى محافظات سواحل البحرين الأحمر والمتوسط، ناهيك عن انتاج زيت الزيتون وأنواع التمور الفاخرة حول بحيرات سيوة، هى أيضا من وسائل الاقتصاد الأزرق فى المجتمعات المحلية المصرية.
كل تلك المشروعات ومشروعات أخرى وليدة مرتبطة بالبيئة، من خلال أفكار وابتكارات عديدة من سكان تلك المناطق الساحلية، يمكن أن تكون نبعا لاقتصاد أزرق واعد.
ومما لا شك فيه، أن واحدا من الأمور المهمة التى يمكن أن تساهم فى تنمية الاقتصاد الأزرق إلى جانب الحكومة، هى مؤسسات المجتمع المدنى. فتلك المؤسسات من خلال الدعم الحكومى، ومن خلال المعونات الخارجية المقدمة لتلك الجمعيات بشكل قانونى عبر المنظمات الدولية المختلفة، من الممكن أن تساهم فى دعم الاقتصاد الأزرق، بما يحقق أهداف التنمية المستدامة فى المجتمعات المحلية الساحلية.