التجربة الصينية ومدة الرئيس - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 3:05 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التجربة الصينية ومدة الرئيس

نشر فى : الأربعاء 6 سبتمبر 2017 - 10:00 م | آخر تحديث : الأربعاء 6 سبتمبر 2017 - 10:00 م
قبل نحو 7 سنوات وبالتحديد فى 11 أكتوبر 2010 قال الكاتب الصحفى الأمريكى الشهير توماس فريدمان إن «تداول السلطة فى الصين سبب تفوقها». وفى هذا المقال الذى استهلمه فريدمان من زيارته للصين فى ذلك الوقت وانبهاره بما رآه من تقدم على كل المستويات، قال إن الصين «لديها أيضا تداول للسلطة فى القمة، وسجل قوى فى تشجيع ذوى الجدارة على الترقى ومن ثم فإن السمة العامة للمسئولين الكبار هى التحلى بالكفاءة».

تذكرت مقالة الكاتب الأمريكى بمناسبة الحضور المصرى الرسمى والإعلامى الكبير فى الصين خلال الأيام الماضية بمناسبة مشاركة مصر فى قمة «تجمع بريكس» للاقتصادات الكبيرة الصاعدة، بالتزامن مع تجدد الدعوة لتعديل الدستور من أجل تمديد فترة حكم الرئيس لتصل إلى 12 عاما بدلا من 8 سنوات وفقا للنصوص الحالية.

التجربة الصينية تقول إن الإنجازات لا تحتاج إلى بقاء الرئيس مدى الحياة أو حتى أكثر من 10 سنوات فى المنصب، وإنما العكس هو الصحيح. ففى حين تخضع الصين لنظام حكم الحزب الواحد ولا تعرف الانتخابات المباشرة على الطريقة الغربية فإنها تعرف نظاما لتداول السلطة أتاح تعاقب 6 رؤساء جمهورية على المنصب خلال الفترة من 1981 حتى 2011، فتحولت من دولة تعانى المجاعة والتخلف إلى ثانى أكبر اقتصاد وأكبر دولة مصدرة فى العالم. فى المقابل جثم على قلب مصر طوال نفس السنوات رجل واحد اسمه حسنى مبارك فتحولنا إلى «شبه دولة».

كما أن تداول منصب الرئاسة وغيره من المناصب العليا فى الصين، وفق آليات محددة لا تلاعب فيها ولا التفاف عليها وفر بيئة مناسبة لمحاربة الفساد. فابن الرئيس، أى رئيس، يعلم يقينا أنه سيصبح بعد سنوات معدودة «ابن الرئيس السابق» وبالتالى ستسهل محاسبته على أى فساد يتورط فيه. وكبار المسئولين ومن حولهم يعلمون أنهم بعد مدة محددة سيصبحون «مسئولين سابقين» بلا أى حصانة تمنع حسابهم.

فى المقابل فإن تأبيد الرئاسة تحت أى مسمى يفتح الباب أمام نمو واستفحال دوائر الفساد العائلية والحكومية حول الرئيس لآن الجميع يتصور فى هذه الحالة أنه سيظل فى مأمن من الحساب والعقاب لآن الرئيس باق إلى أن يقضى الله أمرا كان مفعولا.

الآن وبعد ثورة 25 يناير 2011 المجيدة والحركة التصحيحية لها فى 30 يونيو 2013، وبعد أن وضعنا دستورا يمنع استمرار الرئيس فى منصبه أكثر من 8 سنوات، اقتداء بأغلب الدول المتقدمة، يخرج علينا من النواب والسياسيين والإعلاميين من يطالب بتمديد سنوات حكم الرئيس لتصبح 12 عاما على فترتين، بل إن البعض عاد ليقول إن الرئيس يجب أن يظل فى منصبه مدى الحياة توفيرا للنفقات.

إن التنمية والإنجازات التى ترتبط بوجود رئيس هى إنجازات مؤقتة وبلا أساس، يصنعها الإعلام الموالى للرئيس لتبرير بقائه فى السلطة وبقاء الموالين له. أما التنمية الحقيقية والإنجازات الفعلية كما هو الحال فى الصين فلا ترتبط بوجود الرئيس، بل إن العكس هو الصحيح. فتعاقب الرؤساء بطريقة سلمية ومنظمة ووفقا لآليات معروفة ومنضبطة يضمن تصحيح أخطاء خطط التنمية ومراجعة المشروعات الكبرى أولا بأول لضبط مساراتها.

إذن مصر تحتاج إلى احترام الدستور أكثر مما تحتاج إلى تعديله كما قال الدكتور زياد بهاء الدين، وتحتاج إلى تداول حقيقى للسلطة أكثر مما تحتاج إلى بقاء الرئيس فى منصبه لأكثر من 8 سنوات. وهذا هو ما تخبرنا به التجربة الصينية، لعلكم تفقهون.

 

التعليقات