ريع أوبك السنوى نحو تريليون دولار سنويًا - وليد خدوري - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 6:38 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ريع أوبك السنوى نحو تريليون دولار سنويًا

نشر فى : الثلاثاء 7 يناير 2014 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 7 يناير 2014 - 8:00 ص

تشير الإحصاءات المتوافرة إلى أن الريع السنوى لأقطار منظمة أوبك يقترب تدريجيا من عتبة تريليون دولار سنويا. وتدل مذكرة صدرت عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (الجهة المسئولة عن الأبحاث فى وزارة الطاقة الأمريكية) أن ريع الأقطار الأعضاء للمنظمة قد سجل ما مجموعة نحو 982 مليار دولار فى عام 2012 بالقيمة الاسمية ونحو 835 مليار دولار بالقيمة الحقيقية فى نفس العام. ولم تشمل هذه الإحصائية إيران فى أرقامها، لأن إيران كانت تحت الحصار النفطى والمالى الغربى فى حينه، وكانت قد قاطعتها معظم الدول المستوردة، بالذات الدول الآسيوية التى تستورد الأغلبية الكبرى من النفوط الإيرانية، ولم تستطع الدول المستوردة للكميات الضئيلة من النفط الإيرانى أن تدفع بالدولار، من ثم صعوبة تقدير الريع الإيرانى لعام 2012. لو تم شمول إيران فى الاحصائية، لكان مجموع الريع قد تجاوز التريليون دولار، أو شارف الوصول إلى عتبته.

•••

وتتوقع منظمة أوبك أن يزداد الطلب على نفوطها فى المستقبل القريب (خلال هذا العقد) وحتى فى المستقبل البعيد (حتى عام 2035). وبالذات تتوقع المنظمة أن تستقر القيمة الاسمية لسلة نفوط أوبك على معدلها الحالى، وهو نحو 110 دولارات للبرميل حتى عام 2020، ثم تتغير القيمة الاسمية إلى 160 دولارا والقيمة الحقيقية إلى 100 دولار للبرميل بحلول عام 2035. ويعود السبب الرئيس لهذا الافتراض السعرى إلى الكلفة المتزايدة للاستثمار فى حقول النفط الجديدة (بالذات فى المياه العميقة للبحار والمحيطات)، التى على ضوئها تضاعفت كلفة الإنتاج خلال الفترة 2004/2008.

كما تتوقع المنظمة أن يزداد الطلب العالمى على الطاقة خلال الفترة 2010/2035. ويعود الجزء الكبير من هذه الزيادة إلى النمو الاقتصادى فى الدول النامية، بخاصة الصين والهند، حيث الزيادة المتوقعة فى عدد السكان والتى يصاحبها نمو اقتصادى عالٍ، مما يزيد من القدرة الشرائية واستعمال المواد الاستهلاكية الكهربائية وقيادة السيارات بصورة أوسع مما هى عليه الآن. بهذا الصدد، يذكر التقرير السنوى للمنظمة حول الاتجاهات العالمية للنفط أنه من المتوقع أن يرتفع الطلب على النفط نحو 900 ألف برميل يوميا حتى عام 2018، ليبلغ الطلب العالمى على النفط نحو 94.4 مليون برميل يوميا بحلول عام 2018، مقارنة بنحو 89 مليون برميل يوميا فى الوقت الحاضر. وبهذا الصدد، تتوقع أوبك أن يرتفع معدل الطلب على النفط فى دول العالم الثالث عنه فى الدول الصناعية الغربية فى منتصف عام 2014، وذلك للمرة الأولى فى تاريخ الصناعة النفطية، حيث كان استهلاك الدول الغربية الصناعية أعلى دائما عن ذلك للعالم الثالث. ومن نافل القول إن هذا التغيير الهيكلى سيترك آثاره على الصناعة النفطية العالمية، وعلى العلاقات الاقتصادية والجيوسياسية ما بين الدول المصدرة وتلك المستهلكة فى العالم الثالث. كما يتوقع أن يؤدى النمو الاقتصادى فى الدول الأفريقية أن تحتل هذه الدول المجموعة الثانية بعد الدول الآسيوية فى مرتبة الاستهلاك الأعلى.

•••

وتعتبر السعودية الدولة العربية التى حصلت أعلى ريع نفطى فى 2012، فقد بلغ مجموع الريع لعام 2012 بالقيمة الاسمية نحو 311 مليار دولار، ثم دولة الإمارات بنحو 100 مليار دولار، وتبعتها الكويت بنحو 88 مليار دولار، وحصل العراق على 83 مليار دولار، والجزائر نحو 68 مليار دولار، ثم قطر 55 مليار دولار، أو ما مجموعة 705 مليارات دولار.

إن الريع النفطى أعلاه له معانٍ كثيرة، فإذا لم يتم استثماره فى تنمية الكفاءات العلمية والمهنية المحلية بطريقة عقلانية ورشيدة، وخلق الفرص الملائمة لتعيين الخريجين فى وظائف ذات صلة باختصاصاتهم، فمعنى هذا أن دول المنطقة تضيع فرصة ذهبية قد لا تحصل عليها مرة أخرى، ولو استمر الريع النفطى عاليا لفترة أخرى. كذلك، فإنه من الأجدى توجيه نسبة معينة من الاستثمارات لرسم خطط تنموية إقليمية تشيد من خلالها البنى التحتية المشتركة. وقد بادر الصندوق العربى للتنمية الاقتصادية والاجتماعية أخذ المبادرة فعلا لربط الشبكات الكهربائية لدول المنطقة بصورة تدريجية، وذلك فى محاولة لتلافى النقص فى الطاقة الكهربائية فى بعض الدول عند أوقات الذروة الاستهلاكية للكهرباء.

ومن غير المعقول فى نفس الوقت، الاستمرار فى مسلسل الحروب الدائرة فى المنطقة بصورة مستمرة لمدة تزيد على ثلاثة عقود من الزمن، ونعتمد على أموال النفط لتعمير ما نهدمه بسبب سياساتنا الهوجاء. فبالإضافة إلى المآسى البشرية الناتجة عن مسلسلات الحروب هذه، فإن تدمير ما يتم بناؤه من خلال المساعدات، ولو وجدت الأموال اللازمة لإعادة التعمير، فإنها لن تعوض عن التأخر الناجم فى بناء الدول على طريق صحيح.

من المهم، عند توافر هذا الريع النفطى العالى، التأكيد على الشفافية، وعدم إفساح المجال لتسيب الأموال عن طريق الفساد. فمع الأسف، لقد انتشرت ثقافة الفساد فى الكثير من الدول العربية ــ النفطية منها أو غير النفطية، بالذات مع غياب الديمقراطية والبرلمانات المسئولة، ناهيك عن ضعضعة هيبة الدولة فى العديد من اقطار المنطقة. وقد اصبح من المألوف فى بعض الدول العربية فضح عمليات تزوير ورشاوى بعشرات المليارات من الدولارات، لكن مع غياب المحاكم المستقلة، من الصعب معاقبة المجرمين بما يلزم من قصاص لردع غيرهم من تكرار هذه الفضائح.

•••

لقد بادرت الدول النفطية العربية منذ أوائل عقد الستينيات فى تأسيس صناديق التنمية لمساعدة الدول العربية، بالإضافة إلى دول نامية أخرى. كما أسست منظمة أوبك صندوقا خاصا بها للتنمية والمساعدات. وقد خصصت وصرفت هذه الصناديق مئات الملايين من الدولارات خلال العقود الماضية. لكن نجد، فى بعض الأوقات، أن الوزراء المسئولين فى بعض الدول العربية يمتنعون عن التعاون مع هذه الصناديق لأنها تطلب شفافية وافية عند تنفيذ مشاريعها.

فى نفس الوقت، نجد أن بعض الدول النفطية تحاول استخدام أموالها الطائلة فى التدخل فى الشئون السياسية الداخلية لدول عربية أخرى. وقد أصبح من الواضح، بعد التجارب المريرة، أن استعمال المال بهذه الطريقة يخلق ردود فعل سلبية على المدى البعيد، رغم ما يمكن تحقيقه من نتائج على المدى القصير. من ثم، يقترح أن تعتمد الدول النفطية صناديق التنمية المتوافرة عندها لمساعدة الدول الأخرى، ومعظم أقطار أوبك العربية لديها هذه الصناديق، وتوجيه مساعداتها أو قروضها الميسرة لمشاريع محددة.

وليد خدوري كاتب عراقي متخصص في أمور الطاقة
التعليقات