هل انتهت العولمة؟ - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 12:14 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل انتهت العولمة؟

نشر فى : الجمعة 7 أبريل 2023 - 7:20 م | آخر تحديث : الجمعة 7 أبريل 2023 - 7:20 م

رغم تعطل سلاسل التوريد بعد كوفيدــ19، واتجاه الشركات إلى تحويل مشترياتها للبضائع من دول أخرى إلى الدولة الأم، إلا أنه من الخطأ القول إن العولمة فى طريقها للانتهاء. فى ضوء ذلك، نشر موقع Project Syndicate مقالا للكاتب جوزيف ناى، يقول فيه إنه وإن أدت المنافسة الجيوسياسية إلى تقليص العولمة الاقتصادية، إلا أن الترابط بين الدول سيظل قائما، لأنه لا توجد دولة تستطيع حل مشاكلها بمفردها... نعرض من المقال ما يلى.
لقد أعلن موريس تشانج، المؤسس الأسطورى للشركة الرائدة على مستوى تايوان (والعالم) فى إنتاج أشباه الموصلات فى أواخر العام الماضى بإن «العولمة على وشك الموت»، ففى عالم تعطلت فيه سلاسل التوريد بسبب كوفيدــ19 وزاد فيه التنافس الصينى الأمريكى، اتفق المعلقون الآخرون مع هذا الرأى وبدأت العديد من الشركات فى تحويل مشترياتها للبضائع من بلدان أخرى بعيدة إلى البلد الأم أو إلى بلد قريب، ولكن من الخطأ الاستنتاج بأن العولمة قد انتهت حيث إن الكثير من وقائع التاريخ البشرى تكشف لنا عن سبب ذلك.
إن العولمة هى ببساطة نمو الاعتماد المتبادل عبر مسافات عابرة للقارات، بدلا من مسافات على مستوى البلد نفسه أو الإقليم. فى الآونة الأخيرة، كان التركيز على العولمة الاقتصادية: التدفقات العابرة للقارات من السلع والخدمات ورأس المال والتكنولوجيا والمعلومات، ومرة أخرى، العملية ليست جديدة، ولكن التغييرات التكنولوجية قللت إلى حد كبير من التكاليف المرتبطة بالمسافة مما جعل العولمة الاقتصادية اليوم «أكبر وأسرع». لقد ربط طريق الحرير آسيا وأوروبا فى العصور الوسطى لكنه لا يضاهى التدفقات الهائلة لسفن الحاويات الحديثة، ناهينا عن اتصالات الإنترنت التى تربط القارات بشكل فورى.
بينما كان يُنظر إلى العولمة فى المقام الأول على أنها ظاهرة اقتصادية فى القرن العشرين، إلا أنها أصبحت كلمة سياسية طنانة (لمن يؤيد وينتقد على حد سواء) فى العقد الأول من القرن الحادى والعشرين. عندما حطم المشاغبون فى دافوس نوافذ مطعم ماكدونالدز للاحتجاج على ظروف العمل فى آسيا، كانت تلك عولمة سياسية.
عشية الحرب العالمية الأولى عام 1914 كانت هناك درجة عالية من الترابط العالمى بما فى ذلك تحركات الأشخاص والسلع والخدمات، وكان هناك أيضا عدم مساواة، لأن فوائد العولمة الاقتصادية كان يتم تقاسمها بشكل غير متساوٍ. لكن الترابط الاقتصادى لم يمنع الشركاء التجاريين الرئيسيين من قتال بعضهم البعض، وبعد تلك السنوات الأربع من العنف والدمار، انخفض الترابط الاقتصادى العالمى بشكل حاد، ولم تعد التجارة والاستثمار العالميان إلى مستوياتهما فى عام 1914 حتى الستينيات من القرن الماضى.
هل يمكن أن يحدث الشىء نفسه مرة أخرى؟ نعم، إذا ارتكبت الولايات المتحدة وروسيا أو الصين خطأ فادحا وانخرطت فى حرب كبرى. لكن باستثناء هذا الاحتمال، فإن من غير المرجح أن يحدث الشىء نفسه مرة أخرى، وعلى الرغم من كل هذا الحديث عن «الانفصال» الاقتصادى، كانت الانقطاعات حتى الآن انتقائية وغير كاملة. لقد حققت التجارة العالمية فى السلع والخدمات عودة قوية بعد الانكماش الذى حصل بسبب فيروس كورونا فى عام 2020 وعلى الرغم من عدم تعافى جميع المجالات بالتساوى.
مع قيام الولايات المتحدة بإنشاء حواجز جديدة لإعاقة تدفق بعض السلع الحساسة من وإلى الصين، ارتفعت وارداتها من الصين بنسبة 6٪ فقط مقارنة بمستويات ما قبل كوفيد، بينما ارتفعت وارداتها من كندا والمكسيك بأكثر من 30٪. إذن فى حالة الولايات المتحدة يبدو أن المناطقية قد تعافت بشكل أكبر من العولمة. لكن لو نظرنا عن كثب سنجد أنه بينما انخفضت حصة الصين من واردات أمريكا من 21٪ إلى 17٪ بين عامى 2018 و2022، ارتفعت واردات الولايات المتحدة من فيتنام وبنجلاديش وتايلاند بأكثر من 80٪. إن من المؤكد أن هذه الأرقام لا توحى بأن العولمة قد ماتت. وتجدر الإشارة إلى أن هذه التجارة الآسيوية الجديدة مع الولايات المتحدة هى فى الواقع تجارة صينية وسيطة. لا تزال الولايات المتحدة وحلفاؤها مرتبطين بشكل أعمق بالاقتصاد الصينى.
علاوة على ذلك، حتى لو أدت المنافسة الجيوسياسية إلى تقليص العولمة الاقتصادية إلى حد كبير، فإن العالم سيظل شديد الترابط من خلال العولمة البيئية حيث تخضع الأوبئة وتغير المناخ لقوانين البيولوجيا والفيزياء وليس السياسة. لا يوجد بلد يستطيع حل هذه المشكلات بمفرده.
إن العولمة مدفوعة إلى حد كبير بالتغيرات التكنولوجية التى تقلل من أهمية المسافة، وهذا لن يتغير. إن العولمة لم تنتهِ بعد ولكن ربما لم تعد من النوع الذى نريده.

التعليقات