آلية التسعير التى فاجأت الجميع - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 5:42 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

آلية التسعير التى فاجأت الجميع

نشر فى : الإثنين 7 أكتوبر 2019 - 9:05 م | آخر تحديث : الإثنين 7 أكتوبر 2019 - 9:05 م

ظهر يوم الخميس، أخبرنى زميلى أحمد إسماعيل رئيس قسم الاقتصاد بالشروق بأن هناك قرارا متوقعا، بتخفيض أسعار الوقود.
بعدها مباشرة سألت أحد مصادرى، فنفى حدوث ذلك تماما. وبعد ساعة اتصل بى إعلامى كبير، وحينما قلت له إن هناك احتمالا بتخفيض أسعار الوقود، اعطانى محاضرة طويلة عريضة، بأن هذا مستحيل، فلا يعقل أن تقوم الحكومة باتخاذ هذا القرار، خصوصا أنها تعلن طوال الوقت أنها لاتزال تقدم دعما للوقود، وللأمانة فقد وافقت رأى هذا الصديق إلى حد كبير.
فى الثامنة مساء أعلنت وزارة البترول خبر تخفيض أسعار الوقود، تطبيقا لآلية التسعير التلقائى للوقود وهكذا ثبت أن مصادر الزميل أحمد اسماعيل ــ الذى يقضى إجازة زواجه ــ هى الأصح والأقوى.
قرار لجنة التسعير خفض أسعار الوقود الثلاثة بمبلغ خمسة وعشرين قرشا فأسعار الوقود 80، انخفضت إلى ٦٫٥ جنيه للتر، و٩٢ إلى ٧٫٧٥ جنيه، و٩٥ إلى ٨٫٧٥ جنيه، فى حين ظلت أسعار السولار، كما هى عند ٦٫٧٥ جنيه، والبوتاجاز عند 60 جنيها للأسطوانة المنزلية و١٣٠ جنيها للأسطوانة التجارية. وكذلك غاز السيارات ظل ثابتا عند ٣٫٥ جنيه للمتر، وكذلك غاز المنازل عند ٢٣٥ ــ ٣٦٠ قرشا للمتر، حسب شرائح الاستهلاك الثلاثة، فى حين تراجع سعر المازوت المستخدم للأغراض الصناعية من ٤٥٠٠ جنيه للطن إلى ٤٢٥٠ جنيها للطن، وكانت الحكومة قد خفضت اسعار بيع الغاز الطبيعى لمصانع الحديد والصلب والاسمنت والبورسلين فى نفس اليوم صباحا.
القرار لم يفاجئ فقط صديقى الإعلامى الكبير، لكنه فاجأنى شخصيا، وفاجأ غالبية المراقبين والمتابعين، بل وغالبية المصريين، ان لم يكن كلهم.
هم يعتقدون طوال الوقت أنه لا توجد سلعة فى مصر يمكن أن ينخفض سعرها، وأن قواعد السوق أى العرض والطلب، لا تعمل فى مصر، مثلما تعمل فى أسواق العالم الطبيعية.
هذا الاعتقاد صحيح إلى حد كبير، والأسباب متعددة، أولها أن أسعار العديد من السلع لم تكن قد وصلت لسعر تكلفتها، وبالتالى لا يمكن توقع انخفاضها، كما أن السيطرة على الأسواق شبه منعدمة عندنا، والتجار يفعلون ما يشاءون.
المفاجأة أن تلك هى المرة الأولى التى تنخفض فيها أسعار الوقود، وبالطبع فالرد المنطقى أن هذه الأسعار كانت مدعمة طوال الوقت من الدولة، ولم يكن ممكنا خفضها، والا تحملت الميزانية المزيد من الاعباء.
سيسأل البعض وما هى آلية التسعير التلقائى للمواد البترولية؟. هى لجنة شكلها رئيس الوزراء مصطفى مدبولى فى شهر يوليو الماضى من المختصين من وزارتى المالية والبترول لتحديد أسعار بيع المنتجات البترولية كل ثلاثة أشهر على ألا تتجاوز نسب التغيير فى سعر البيع للمستهلك ١٠٪ ارتفاعا أو انخفاضا من سعر البيع السارى، على أن يتم استثناء البوتاجاز والمنتجات البترولية المستخدمة فى قطاعى الكهرباء والمخابز بعد الوصول لتغطية التكلفة.
تقول الحكومة، انها طبقت آلية التسعير التلقائى، كما هو متبع فى دول كثيرة بالعالم. هذه الآلية تستهدف تعديل اسعار الوقود فى السوق المحلية، ارتفاعا وانخفاضا كل ثلاثة شهور. العاملان الاساسيان للتقييم، هما السعر العالمى لبرميل بترول خام برنت، والثانى هو سعر الدولار مقابل الجنيه، اضافة إلى الاعباء والتكاليف الاخرى الثابتة التى يتم تعديلها كل عام خلال شهر سبتمبر.
الحكومة محقة تماما فى هذا الأمر، لكن مرة أخرى غالبية المصريين لم يكونوا يعرفون حكاية «التسعير التلقائى» فهم يحسبونها بطريقة مختلفة، وليس فى ثقافة غالبيتنا متابعة أسعار النفط العالمية أو أسعار العملات الأجنبية. ثم إن توقع غالبية المواطنين، هو أن الحكومة ستقوم برفع الأسعار فى كل الأحوال، أو تثبيتها فى أفضل الأحوال.
وبالطبع لم يشعر كثير من المواطنين بهذه اللجنة حينما اتخذت قرارا فى أول يوليو الماضى بتثبيت جميع المشتقات خلال الربع الثانى من العام الجارى. وفى ٥ يوليو الماضى قررت الحكومة رفع أسعار المنتجات البترولية بنسب تراوحت بين ١٦ ــ ٣٠٪، كى يتم الوصول بها إلى مستوى التكلفة، فى إطار برنامج هيكلة شاملة بدأ عام ٢٠١٤.
السؤال الذى سأله كثيرون هو: هل هذا القرار بتخفيض أسعار الوقود كان قرارا اقتصاديا فقط، أم قرارا سياسيا فقط، أم خليطا بين الاثنين؟! سؤال سنحاول الاجابة عنه لاحقا إن شاء الله.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي