شخصيتان جديرتان بالإجلال - محمد محمود الإمام - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 4:33 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

شخصيتان جديرتان بالإجلال

نشر فى : الأربعاء 8 سبتمبر 2010 - 10:23 ص | آخر تحديث : الأربعاء 8 سبتمبر 2010 - 10:23 ص

 فى استعراضنا للعمل الاقتصادى العربى المشترك تسطع أمام أبصارنا أسماء شخصيات ما زال لها دور مؤثر فى حياة الأمة العربية. وسنكتفى هنا بشخصيتين كان لهما دور بارز خلال العقد الأول من الألفية، سبقته إسهامات نقلتهما إلى الصف الأول من المسئولية على الصعيد الوطنى. وأبدأ بشخص تردد اسمه مؤخرا فى ختام عقد أمضاه أمينا عاما لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية لدورتين متتاليتين، هو الأستاذ الدكتور أحمد جويلى.

فبعد أن أتم دراساته العليا فى الاقتصاد الزراعى فى الولايات المتحدة فى أوائل الستينيات، برز اسمه كأحد علماء هذا الفرع المهم، وظهرت قدراته الإدارية والتنظيمية فيما تولاه من أنشطة بحثية مكتبية وميدانية (شملت السودان)، وهو ما أهله لتولى منصب المحافظ فى دمياط فى 1984 ثم الإسماعيلية فى الدورة التالية.

ولفت الأنظار بأدائه المتميز مما جعل اختياره وزيرا للتموين ثم التجارة يحظى بتأييد شعبى يبدو أنه شغل آلة استبعاد كل من يجد طريقه من القاعدة إلى أعلى إعمالا لقانون النظام التسلطى القاضى بأن يكون اللعب فى العلالى. فانتهى به الأمر إلى رحاب العلم، حيث نشأ.

وعندما حان موعد الترشيح لمنصب الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية فى منتصف 2000 بدا أن الصلات التى وثقها مع وزراء التجارة العرب كفلت انتخابه، ليبدأ مرحلة جديدة من العمل الشاق والمضنى بعد ما قارب المجلس، بل وفكرة الوحدة الاقتصادية، الضياع.

وسرعان ما وضع إستراتيجية جديدة لعمل المجلس، تفك عنه الإسار الحديدى الذى فرضه المنهج الأوروبى، والذى أعطى الصدارة للتجارة بدءا من تحريرها وبناء اتحاد جمركى وانتقالا إلى سوق مشتركة، وهو الاسم الذى اختاره المجلس منذ 1964 لمشروعه ليبقى اسما على غير مسمى.

رأى ببصيرته الثاقبة أن المشكلة ليست فى قيود التجارة، بل فى غياب الإنتاج وما يلزم له من نشاطات وموارد. كما استشعر أمرا ظل غائبا عن الصياغات التقليدية، وهو الدور المحورى لعنصر المعرفة والقاعدة التكنولوجية، التى تلزم لإطراد تقدمه وعطائه.

وهكذا دعا إلى إقامة منطقتين رئيسيتين بجانب منطقة التجارة: منطقة استثمارية يجرى النفاذ إليها من بوابة تكفل أن تأتى الاستثمارات وما تؤدى إليه من أنشطة إنتاج متكاملة وقادرة على خلق تجارة ذات شأن فيما بين الدول العربية وبعضها البعض ومع باقى العالم، ومنطقة تكنولوجية عمادها مجتمع معلومات قادر على وضع العرب كمجموعة على خريطة القوى القادرة على رفع شئون البشر.

واليوم وهو يغادر موقعه بعد أن أعاد الحياة للمجلس، نرسل له تحية إجلال وإكبار، متمنين له مزيدا من العطاء والوافى من التقدير من أهل وطنه وبنى قومه. ويداعبنا كل الأمل بأن يشهد المجلس طفرة أخرى على يدى خلفه، الأستاذ محمد محمد الربيع من اليمن الشقيق، معتمدا على الملف الضخم الذى بناه أيام شغله وظيفة الأمين العام المساعد.

الشخصية الأحرى التى شهد العقد الأول من الألفية عطاء عربيا ضخما بعد رصيد حافل من النشاط على المستوى الوطنى، هى الوزيرة ميرفت تلاوى. بدأت معرفتى بها أيام كانت مسئولة فى وزارة الخارجية المصرية عن القضايا الإقليمية، عندما دعت نخبة من كبار الاقتصاديين، ضمت كل الأطياف ما بين سعيد النجار وإسماعيل صبرى عبدالله، لمناقشة كيفية التعامل مع دعوة جامعة بن جوريون لحوار يقال إنه علمى، ضمن الحملة الضارية التى أطلقت بها الولايات المتحدة نداء الشرق أوسطية ومقومات ونتائج سوقها. كانت حريصة على أن تقود عملا يهم الوطن ومستقبله على أساس وطنى متين.

وكان أقصى ما اقترحه سعيد النجار إقامة بنك شرق أوسطى باعتبار أنه لابد يغلب معايير الربحية على الاعتبارات السياسية الصرف، واعتذر الجميع عن تلبية عقد لقاء علمى، فلا حوار ولا تطبيع مع كيان هو أس المصائب، وفى مقدمتها الكوارث الاقتصادية.

كان هذا الأسلوب المبنى على الإسناد العلمى لكل عمل تقوم بها، هو الذى جعل اسمها يتوهج فى أوروبا (النمسا) واليابان عندما مثلت بلدها تمثيلا مشرفا أعاد اسم مصر إلى موقعه الصحيح فى شبكة العلاقات مع دول قطعت شوطا طويلا من التقدم.

وقد أثيرت بعد ذلك تساؤلات حول الداعى لإنهاء خدماتها فى الخارج، بدعوى توليتها وزارة الشئون الاجتماعية، وإن كان ما انتهت إليه فى هذه الأخيرة يعطى تفسيرا لا لبس فيه. وهنا تولت متابعة قضايا مؤتمر كوبنهاجن للتنمية الاجتماعية، وعقدت مؤتمرا أشرفت عليه السيدة سوزان مبارك.

ولم يمنع هذا من أن يدير الجلسة الأولى إسماعيل صبرى والثانية محمد محمود الإمام بحكم موقعهما فى قائمة من تولوا مسئولية التنمية عامة ومساهماتهما فى التنمية الاجتماعية بوجه خاص. وكان هذا آخر عهدى بالمؤتمر المذكور فقد أعيد ترتيب جدول أعماله وعقده فى ظل وزيرة أخرى خلفت ميرفت تلاوى.

ثم جرى اختيارها فى منتصف العقد الأول للألفية مساعدا للأمين العام للأمم للمتحدة كأمين عام للإسكوا المعنية بالشئون الاقتصادية والاجتماعية للدول العربية الآسيوية. لتعود بعد ذلك فنلهث جميعا وراءها وهى تعمل كسفير لجامعة الدول العربية، منسقا عاما لإعداد الدراسات المتعلقة بالقمة الاقتصادية والاجتماعية والتنموية الأولى فى الكويت، فبراير 2008. كانت تتابعنى بدقة فى إعداد بحث «الاتحاد الجمركى العربى» بالمشاركة مع د. جوبلى،

وفى بحث «الإصلاح والتحديث» بمشاركة د. محمود عبد الفضيل، من بين قائمة طويلة من البحوث. وبخبرتى فإنه كان عملا تقصر أمامه عتاة الرجال. ثم تعود مرة أخرى للتعرض لزعيط ومعيط ونطاط الحيط، بشأن قضية التأمينات.. شهادة بألا كرامة لنبى فى وطنه.

أرجو لهما عيدا سعيدا، وعطاء جديدا، وعمرا مديدا.

محمد محمود الإمام وزير التخطيط الأسبق
التعليقات