سذاجة - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 11:01 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سذاجة

نشر فى : الأحد 9 يونيو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 9 يونيو 2013 - 10:32 ص

تذكرت عدد مجلة «التايم» الأمريكية الشهيرة، قبل ما يقرب من عامين ونصف العام، وصور شباب مصر تحتل مساحة الغلاف بالكامل، وآلاف الكلمات بالداخل عن عظمة ثورة الشباب المصرية.

 

وبالطبع كان مشهد تنظيف الميدان وتجميله عقب الأحداث من أكثر المشاهد التى لفتت نظر كاتب المقال، ناهيك عن استغراقه فى وصف مشاهد تعاضد كل التيارات السياسية، والإشارات التى لا تنتهى عن حكاية حماية الأقباط للمسلمين أثناء إقامة شعائر الصلاة، وعن الصلوات المجمعة فى ذات الميدان، وحديث طويل عن البسطاء الذين جاءوا من كل فج عميق لدعم ثورتهم ضد الاستبداد، وكان من بين ما لفت انتباه الكاتب، أن الحرية والكرامة كانت العنوان الأبرز للثورة. بينما تراجعت وتوارت شعارات الخبز والأجور.

 

وأن أهم ما ذهب إليه مقال التايم، كان أن الثورات كانت حريصة على السلمية والتوحد وإعلاء قيم الوطنية المصرية، فالثورة كما كانت فى الاساس ثورة شباب، لم تكن ثورة جوعى وفقراء بل بالعكس تماما كانت ثورة تضم من بين عناصرها أثرياء يسعون لحرية وكرامة شعبهم بالفعل. 

 

وأذكر أيضا ما قاله ناثان براون استاذ العلوم السياسية فى جورج تاون أن أكثر ما شد انتباهه لهذه الثورة ويعتقد أن ذلك سر نضوجها وعظمتها، ما أعلنه أحد الشباب وقتها عن مطالب زملائه الثوار، حيث لخص قصة الثورة فى جملة بسيطة عندما قال: «أريد دستور جديد ينهى سيطرة السلطة التنفيذية».

 

فقد كان غاية أحلام الشباب دستور يكبح جماح السلطة التنفيذية التى فسدت وأفسدت وقمعت وطغت فى البلاد، كان الشباب يرى بكل بساطة أن دستورا حديثا وعصريا، يمنح السلطة للشعب ويهذب سلطات قيادات العمل التنفيذى، هو غاية الكفاية لتحقيق أهداف الثورة وبناء نهضة مصر الجديدة. 

 

وحينما وضع رجال الساسة التقليديين (من كل الانتماءات والحركات والجماعات) أرجلهم على ساحة التغيير، ومن لحظتها لم نعرف حقيقة ما يحدث ولماذا يحدث، بدءا من تحريم رفض تعديلات الدستور فى استفتاء ١٩ مارس الشهير، وحتى اليوم.

 

ولا أصدق أن الشباب الذين احتلوا غلاف «التايم» استشهد الكثير منهم، ومن تبقى يقبع الآن فى السجن، أو فى أحسن الأحوال ملاحق قضائيا، وأن الدستور «الذى سينهى سيطرة السلطة التنفيذية» تبخر مع اختفاء الشاب الذى حلم به. 

 

هل أن نصدق أن كل ما حدث كان وليد مصادفة لعينة، أو ابن لخبطة الفترات الانتقالية، أو فى أسوأ الأحوال نتاج حسن نوايا قادة بلا خبرات حقيقية، أم أن ما حدث، ويحدث كان مؤامرة على ثورة يناير، بل هل يمكن أن نصدق أن تعود مشاعر وأخلاق وتصرفات ومواقف الأيام الثمانية عشر؟ وهل يتوقف شركاء الثورة عن المزيد من تمزيقها بأنفسهم بل وتمزيق أنفسهم بأنفسهم؟ وهل ممكن أن يعود الجميع للثورة مجددا؟

 

أعتقد أن كل هذه الأسئلة لا يمكن طرحها إلا من باب «السذاجة»، لكن لا مانع أبدا من اللجوء للسذاجة، إذا تسيد الشر الموقف وأعلن هيمنته على المشهد.. فالسذاجة بداية الأمل

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات