السباق نحو الرئاسة - امال قرامى - بوابة الشروق
الجمعة 10 مايو 2024 2:08 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

السباق نحو الرئاسة

نشر فى : الثلاثاء 11 نوفمبر 2014 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 11 نوفمبر 2014 - 8:00 ص

ما الأسباب التى جعلت عددا من الشخصيات يقدم على اتخاذ قرار الترشح لمنصب رئاسة الدولة فى مثل هذا الظرف الذى تمرّ به تونس: عمليات إرهابية، أزمة اقتصادية، استقطاب سياسى، وتفكّك اجتماعى، وعزوف شريحة كبرى من الشباب عن الاندماج فى النشاط السياسى؟ يجيبنا هؤلاء من خلال الشعارات التى اتخذوها لحملاتهم: «حبّ تونس من الإيمان»، الرغبة فى بناء «تونس الغد»، حتى «تحيا تونس».. ولا أحد تجرّأ على القول إنّى أرغب فى امتلاك امتيازات تمنحها السلطة حتى وإن حدّ الدستور الجديد من صلاحيات الرئيس.

ما من أحد اعترف بأنّ قرار خوض السباق خضع لاعتبارات شخصية كالرغبة فى الخروج من حالة «النكرة» إلى حالة «المعرفة» أو محاولة ردّ الاعتبار للذات التى تعانى من جرح نرجسى لا سيما بعد الخسارة الفادحة، التى منى بها الحزب أو الحرص على تصفية حساب بعض الخصوم ممن كان لهم ماضٍ سياسى مشبوه: هؤلاء الذين تقلّدوا مناصب فى عهد ابن على إلى غير ذلك من الأسباب التى تدور فى فلك ثنائية «الظاهر والباطن» أو المكشوف عنه، والمستور. ويمكن القول إنّ تجربة إدارة المنصف المرزوقى للبلاد كانت الحافز وراء هذا التهافت على قصر قرطاج، فالجميع بنى حملته ــ باستثناء المرزوقى ــ على الأخطاء التى ارتكبها الرئيس المؤقت طيلة هذه السنوات إن كان ذلك على مستوى السياسية الداخلية أو الخارجية.

وبالرغم من الفروق البادية بين المترشحين على مستوى السن، أو الطبقة أو الجنس أو الانتماء الأيديولوجى أو المستوى الثقافى أو الخبرة السياسية أو القدرة على التعامل مع وسائل الإعلام أو الكاريزما فإن هؤلاء يلتقون فى افتقارهم إلى رؤية واضحة لإدارة المرحلة المقبلة، وعجزهم عن تقديم أجوبة مقنعة عن الأسئلة الكبرى: كيف نعالج أزمة المهمشين من الشباب؟ كيف نعيد لهم الأمل؟ كيف نحصّنهم من الإرهاب؟ كيف نوفّر لهم مواطن شغل جديدة؟ كيف نخفّف من غلاء المعيشة والمديونية؟ وعلى هذا الأساس لم ينجح فى اختبار عرض الذات على الركح إلاّ فئة قليلة ممن تمرّست بالعمل السياسى وأحكمت بناء خطاب الرد عن أسئلة الإعلاميين ولكن هل يكفى هذا؟

•••

لقد علّمتنا التجارب السابقة، وآخرها الانتخابات التشريعية أنّ عملية الانتخاب لا تخضع للعقلنة بل تسيطر عليها المشاعر. فلولا خوف أغلب التونسيين من الإرهاب، ومن حزب النهضة، ومن عودة الاستبداد، ومن تدهور الوضع أكثر فأكثر، ولولا تعاطف عدد من التونسيين مع ما قدمته بعض الأحزاب من شهداء الاغتيالات السياسية.. ولولا حاجة بعض المقترعين للمال الذى أغدق عليهم قبل الانتخابات لما قدّموا أصواتهم لمن اعتبروا أنه يجب أن يمنح فرصة لإدارة البلاد. وهذا يعنى أنّ اختيار رئيس الدولة القادم سيكون على أساس عاطفى مهما حاول عدد من المترشحين إقناع الناس بضرورة تحكيم العقل واختيار الأفضل.

ولئن اعتبرت انتخابات 2011 فى نظر أغلبهم «شفافة ونزيهة» فإنّ الانتخابات التشريعية لحقتها شبهة الفساد فلم تكن نزيهة. فالمال السياسى تدفق ووظف وتم شراء الأصوات فى ظلّ عسر إثبات الانحرافات قانونيا، وبقيت الهيئة العليا للانتخابات عاجزة. ولا يختلف الأمر بالنسبة إلى المناخ الذى تجرى فيه الانتخابات الرئاسية، ولعلّ من أغلب المفارقات أن يشهد التونسيون حملة «الحقوقى سابقا»: المنصف المرزوقى يقودها أصحاب السوابق من الصعاليك والشباب المنحرف الذين كانوا أبناء الطرابلسية سابقا وما إن جاءت الثورة حتى أصبحوا ممثلى «لجان حماية الثورة» هدّدوا أمن الناس وانتصبوا خطباء فى الساحات العامة يمدحون الكراهية ويتوعدون الناس بـ«حمّام دم» إن هم انتخبوا السبسى. ولم تتخلّف قطر ممثّلة فى قناة الجزيرة فإذا بها تقود حملة مناصرة «انتخبوا المرزوقى» فى تدخّل سافر فى انتخابات تونسية.

•••

من المؤكد أنّ الصندوق سيفرز مرشّحا ولكن لن يكون بإمكان التونسيين الاستمرار فى بيع الأوهام، والتسويق لنجاح المسار الانتقالى، والتباهى بأنّ الممارسات الديمقراطية قد ترسخت فى البلاد ذلك أنّ الجميع يعرف على أى قاعدة جرت الانتخابات: الولاء الدينى أو الحزبى دون الاقتناع الفعلى، تضليل الأميّين، التأثير فى المنتخبين، شراء الذمم.. وهو ما يثبت أنّ الاختيار حفّت به إكراهات وأنّ مسار تغيير العقليات عسير وطويل.

لقد وضّحت التجربة التى مرّ بها التونسيون أنّه عندما وضعت الأحزاب على محكّ التجربة تعرّت وفضح أمرها.. وبأن منظومة القيم الأخلاقية لا ترتبط بحزب ذى مرجعية دينية ولا بأحزاب «حداثية أو ديمقراطية أو تقدمية إنّها نظام داخلى متناغم يتجاوز ما تفرضه السياسية من ممارسات ترسّخ الكذب والدهاء والمراوغة والتلاعب، فمن بإمكانه ترسيخ المنظومة القيمية؟

التعليقات