السياسى فى موقع بينى - امال قرامى - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 3:23 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

السياسى فى موقع بينى

نشر فى : الثلاثاء 12 مايو 2015 - 9:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 12 مايو 2015 - 9:00 ص

يلاحظ المتابع لآخر حوار تلفزى لرئيس الجمهورية تداخل الأنساق والمنظومات إذ تموقع خطاب الباجى قائد السبسى بين القديم والجديد فكان بينيا. فوجدناه متمسكا برأيه، فارضا ذاته، واثقا من نفسه، وقدرته على الإيفاء بالوعود التى صرح بها عند الحملة الانتخابية، ومهيمنا على الحوار حتى أنه كان يسرع بالتفاعل مع كلام أحد الصحفيين حتى قبل أن يطرح عليه السؤال، موجها تقريعا لصحفى آخر قائلا: «لم تفهمنى»، ومستهزئا بمن اعتبروا أن البلاد قد تحدث فيها ثورة أخرى إن استمر الوضع الاقتصادى مترديا.

ومرة أخرى تحدث الرئيس لغة معبرة عن دخلنة الصور النمطية التى تسيج النساء بأدوار محددة فإذا به يلح عند حديثه عن الطلبة الذى يزاولون تعليمهم بالولايات المتحدة الأمريكية، وعن الاستعداد لدولة القرن الـ21 على ضرورة «تهيئة الرجال الذين سيسيرون البلاد والذين سيكونون فى مستوى الرجال الموجودين فى دول أخرى»، وكأنه لا مجال للنساء فى إدارة الشأن السياسى وفى تقلد زمام الحكم فى القرن 21 فالرئيس يبدى ممانعة على استحضار فرضية تولى النساء مقاليد الحكم فى المتلفظ القولى. ولم يختلف الأمر عند حديثه عن «رجال الأعمال» إذ تماهى مع الصحفى الذى سأله عن «رجال الأعمال» وكأنه لا حضور لنساء أعمال يدعمن الاقتصاد، ويبذلن قصارى جهدهن من أجل النهوض بالبلاد. وكعادته وشى الباجى قائد السبسى خطابه بآية قرآنية، وبعض الأقوال المأثورة «شاكر نفسه يحييكم»، و«لا يرحب بالمرء فى عقر داره»، و«الشاذ لا يقاس عليه، وضمن خطابه أيضا بعض العبارات الفرنسية، وعبارات بورقيبية «كالجهاد الأكبر ضد الفقر والجهل، وتحرير المرأة، ومجانية التعليم،.. وبناء على ذلك كان الخطاب موصولا إلى ممارسات، وتصورات قديمة وعادات دأب عليها السياسيون من جيل الباجى قائد السبسى.

•••

بيد أن ردود الباجى قائد السبسى تضمنت أيضا عناصر جدة توحى بتطور على مستوى الخطاب، واستيعاب لمتطلبات مرحلة ما بعد الثورة (التى لم يشارك فيها). فقد بدا الرئيس مدركا لحدود منصبه، وصلاحيته، ولذلك ألح على أنه يتحرك وفق الدستور، وله مسئولية، وهو يتعاون مع سلط أخرى: رئاسة الحكومة، ومجلس الشعب الذى يمثل السيادة الفعلية. وأكد الباجى قائد السبسى على أهمية «دولة القانون العادلة، ودولة الحق»، وعلى أنه رئيس جميع التونسيين، ويتخذ مسافة من جميع الأحزاب، ولا يريد التوريث، ويرفض أن يمنح ابنه حافظ قائد السبسى، امتيازات، وهو فى «بداية المشوار الرئاسى»، ومع مبدأ التداول فى الحكم، ومع المحاسبة، والحريات، ودعم الشباب، كما أنه أصر على أن تحركاته يفرضها موقع المسئول الذى يراعى مصلحة تونس قبل كل اعتبار، ولذلك لم يذعن لضغوط تمارسها الدول الصديقة فى إدارة الملف الليبى حفاظا على سيادة البلاد.

وقد سعى الرئيس إلى أن يصارح الشعب ببعض المسائل وفى مقدمتها وضع البلاد إذ لا أموال للدولة، ومن ثمة لا يمكن التعويل عليها فى حل كل أزمات البلاد (الاقتصادية والأمنية..)، كما أن تعقد الوضع فى ليبيا يفرض التعامل مع ممثلى السلطة فى طرابلس وطبرق، والبحث عن الاضطلاع بدور الوساطة لحل الأزمة هذا فضلا عن صعوبة التحقق من نبأ اغتيال الصحفيين اللذين اختطفا منذ مدة طويلة، وعجزت الحكومة عن معرفة مصيرهما.

واتسم خطاب الرئيس بالرصانة، والواقعية إذ اعتبر أن رئيس حزب النهضة «يلعب دورا إيجابيا»، ويستأنس برأيه، وأنه يرحب بكل مسئول حزبى يبدى مقترحات بناءة، ويلح على المصالحة الوطنية، ويريد من التونسيين أن يتفهموا الوضع العسير، وأن يولوا العمل والواجب الأهمية الكبرى، كما أن السبسى كان جريئا حين صرح بأن القرضاوى غير مرحب به فى تونس مثله مثل الدعاة الإسلاميين الذين عاثوا فسادا فى البلاد زمن الترويكا، ورأى أن الجدل حول الحجاب، والنقاب مبالغ فيه فالمعيار هو فى نهاية الأمر، مراعاة المصلحة الوطنية.

تنم هذه الأمثلة على قدرة السبسى على تطوير أدائه، وتفاعله مع مقتضيات التعامل مع الإعلام بما يضمن له حظوظا أوفر فى التأثير فى شريحة من التونسيين الذين انتخبوا النداء، ولكن شعروا بالخذلان بعد تشريك النهضة فى الحكم هذا فضلا عن وعيه بأن الإعلام وسيط مهم يمكنه من الوصول إلى كسب أنصار جدد، ولكن إلى أى مدى استطاع السبسى أن يقنع المعارضة والشباب: ذاك هو الرهان الأكبر؟

التعليقات