لماذا ننشغل بديانة شيرين أبوعاقلة؟! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 12:17 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لماذا ننشغل بديانة شيرين أبوعاقلة؟!

نشر فى : الخميس 12 مايو 2022 - 7:35 م | آخر تحديث : الخميس 12 مايو 2022 - 7:35 م
هل يجوز الترحم على الإعلامية العربية الكبيرة شيرين أبو عاقلة أم لا، وهل يجوز أن نصفها بأنها شهيدة أم لا، وهل ستدخل الجنة أم لا؟!
تخيلوا أن قطاعا من العرب والمسلمين، ومعظمهم مصريون، انشغل بهذه الأسئلة العبثية عقب اغتيال قناص من جيش الاحتلال الإسرائيلى لمراسلة قناة الجزيرة شيرين أبوعاقلة صباح الأربعاء الماضى، حينما كانت تمارس عملها فى تغطية اقتحام هذا الجيش لمخيم جنين.
هذا القطاع الآخر لم ينشغل بالجريمة الإسرائيلية، بل ديانة شيرين أبوعاقلة المسيحية.
شخصيا أتابع شيرين أبوعاقلة منذ بدء عملها فى قناة الجزيرة عام ١٩٩٧، وحتى بعد فتور متابعتى لهذه القناة لسياستها غير المهنية، فلم يتأثر احترامى لأبوعاقلة وكل زملائها المراسلين فى الأرض المحتلة، وحينما قابلتها فى القاهرة فى الصيف الماضى، لم أفكر مطلقا فى ديانتها بل فى عملها، وأظن أن أى إنسان سوى يفترض أن يفعل ذلك.
منذ زمن طويل حسمت مع نفسى هذا الموضوع، وصرت أفرق بوضوح بين اليهودى والصهيونى، وأن أحترم بعض اليهود الذين تمردوا على صهيونية دولتهم وأدانوا الاحتلال وممارساته بلا مواربة وتحملوا الكثير فى سبيل ذلك، مقارنة ببعض العرب الذين يحملون أسماء عربية إسلامية فاقعة لكن أفكارهم وميولهم ومواقفهم أكثر صهيونية من قادة الصهاينة أنفسهم.
لست متخصصا فى القضايا والمسائل العقدية، وأحترم حق كل شخص فى الإيمان والتدين، ولكن اليوم فإن هذا الموضوع خلافى جدا يناقشه المتخصصون، وليس أهل السوشيال ميديا.
السؤال الذى يشغلنى هو: كيف يفكر هؤلاء الذين عزلوا أنفسهم عن الدنيا بأكملها، بحيث أن كل ما يشغلهم فى حادث خطير مثل اغتيال أبوعاقلة هو النهى عن الترحم على شيرين أبو عاقلة؟!!
الخطورة أن هذا الجدل ليس مقصورا على المتطرفين، بل الأخطر أن هذا الداء أصاب مواطنين بسطاء كثيرين، وبعضهم كتب على صفحته على وسائل التواصل الاجتماعى يوم الأربعاء الماضى، ينهون عن الترحم على أبوعاقلة بحجة أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يترحم على أقرب أقاربه المشركين.
وإذا كنا نحزن كثيرا لشيوع هذه النوعية من البشر فإن كثيرين قالوا كلاما محترما ومستنيرا على تويتر.
الأول قال: «ليس من حق القاسية قلوبهم أن يتحدثوا باسم الخالق العظيم الرحمن الرحيم، الذى وسعت رحمته كل شىء».
وقال الثانى: «ماذا يقول هؤلاء حينما صلى النبى على النجاشى صلاة الغائب حينما علم بوفاته؟».
وقال الثالث: «احذر أن تضع نفسك موضع الخالق». وقال الرابع: «بعد قراءة التعليقات حمدت الله مليون مرة بأن الرحمة بيد الله وليست بيد البشر، جوهر الموضوع هو إنسانة شريفة وطنية قتلت بدم بارد على يد محتلين مجرمين».
وكتب الخامس: «هم بتوع لا يجوز الترحم على نصرانى» يتذكرون حربى الاستنزاف وأكتوبر، أنتم لا تعرفون نوع الدم الذى شربته رمال سيناء لأن الرمال نفسها لم تفرق بينهما».
وكتب السادس: «ما يزال البعض يعتقد أن مفاتيح الجنة معهم ولن يدخلها إلا الأهل والعشيرة فقط، وليس حتى بعض المسلمين المختلفين معهم».
الإعلامى شريف عامر كتب بصورة غير مباشرة يقول: «من أهم الأمور بالنسبة لى هى مقاومة الدخول فى مهاترات ومناقشة بديهيات، علشان كده لو حضرتك مش شايف أو مش فاهم يعنى إيه احتلال ــ عن قصد أو غير قصد ــ مش عاوز ولا محتاج منك تغيير رأى أو اقتناع أو تبرير لوجهة نظرك، بس خليك بعيد عنى الله يكرمك!».
والإعلامى والروائى بلال فضل كتب يقول: «من هو الأبله الذى يتصور أن الله خلق مليارات البشر لكى يلعبوا دور الكومبارس قى تمثيلية مشهد النهاية فيها أن يدخل المسلمون فقط إلى الجنة»؟!!
والكاتب الصحفى أحمد الصاوى رئيس تحرير جريدة «صوت الأزهر» كتب يقول: «توسيع الجدل حول الترحم على شيرين أبو عاقلة مقصود وهدفه صرف الغضب بعيدا عن الكيان الصهيونى»، وأبو عاقلة شهيدة قضية عادلة والترحم عليها فطرة إنسانية ومصيرها ومصير الجميع فى يد الله وحده، والموقف الإفتائى يسمح بالترحم على غير المسلمين ولا يتصور أن يجيز الإسلام زواج مسلم من مسيحية ثم يمنعه من الترحم عليها حال وفاتها».
مرة أخرى إسرائيل هى المستفيد الوحيد من إثارة مثل هذا النوع من النقاشات والخلافات.
لن نستطيع مواجهة إسرائيل وكل أعدائنا الحقيقيين إلا حينما يصبح تفكيرنا منطقيا وعقلانيا، وقبل هذا وذاك إنسانيا، علينا ألا ننشغل بديانات وعقائد الناس، علينا أن ننشغل بأفكارهم وسلوكهم وأفعالهم.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي