أنا وابنتي والحب - محمود قاسم - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 10:25 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أنا وابنتي والحب

نشر فى : الجمعة 12 يونيو 2020 - 8:15 م | آخر تحديث : الجمعة 12 يونيو 2020 - 8:15 م

كى أكتب المقال الذى بين يديك كان لابد أيضا من مشاهدة فيلمين بعنوان «لوليتا» أخرج أولهما ستانليكيوبريك 1962، والفيلم الذى أخرجه أدريان لين 1997، والفيلم المصرى «أنا وابنتى والحب» اخراج محمد راضى 1973، وكنت قد قرأت قبل سنوات الترجمة المنشورة للرواية التى كتبها فلادمير نابوكوف 1957، وهى الرواية التى منعت فى بلاد كثيرة لجرأتها، والحق اننى لا يمكن أن استمتع لا بالمشاهدة او الكتابة الا اذا فعلت ذلك، فما أروع المقارنة بين اعمال سينمائية مأخوذة عن مصدر، والحقيقة لا أعرف إلى أى مصدر رجع كاتب السيناريو عزت الامير، هل إلى فيلم ستانلى كيوبريك، أم إلى الطبعات الشعبية المترجمة المختصرة من الرواية، ولكن أجمل ما فى النص الأدبى هو حالة الهوس الشديد التى يكتب بها السجين هيبولت عن حبيبته الصغيرة لوليتا، وهو ينطق باسمها فى السطور الأولى حرفا حرفا، كأنه يلعقها، ويأخذ فى وصف حبيبته، وكما أشرنا من قبل فإن الفيلم تم إنتاجه فى مصر فى فترة أصاب المخرجون حالة من الهوس فى تناول المحرمات، حين تحدثنا عن فيلم «امرأة عاشقة» المأخوذ عن «فيدرا» واليوم تتكرر الحكاية نفسها، ليس فقط أن كاتب السيناريو لا يذكر المصدر الأجنبى، بل يكتب أنه مؤلف القصة والسيناريو والحوار، رغم ان الأمر معروف، ونحن هنا لسنا أمام كاتب سيناريو محترف، فهذا هو الفيلم الأول لعزت الأمير، الذى عمل لسنوات فى دار الهلال، وكان كاتبا سينمائيا وممثلا، فالرواية لم تصدر كاملة فى مصر، ولكننى أجزم أنه قرأ الرواية مختصرة، ولا شك أن متعة الرواية فى قراءة النص كاملا، فالسجين هيبولت يتذكر حبيبته الصغيرة، وينطق باسمها كأنه يلعقه بلسانه حرفا وراء الآخر، يستعذبه، وفى الفيلم لا يتكلم العاشق من السجن، بل من السيارة التى يركبها، فى انتظار أن يتم القبض عليه، أما الفيلم المصرى فهو يحكى عن الماضى الأول للبطل الذى خسر حبيبته الصغيرة بسفرها إلى الخارج، ولذا فمن السهولة ان يقع فى حب الفتاة سمر، بالنسبة للنص فإن نابوكوف أسس لعقدة نفسية، أو جنسية تقوم بين طفلة فى الرابعة عشرة ورجل فى الأربعين، ويكون الحب متبادلا غالبا، وفى جميع النصوص فإن العاشق الناضج اتخذ من الأم جسرا كى يبقى إلى جوار حبيبته الصغيرة التى تسلل اليها عاطفيا ببطء ملحوظ، وقام بالتخلص من الأم بالقتل، وهذا أمر لم يحدث فى الفيلم المصرى، رغم أن أحمد سعى حثيثا لتدبير السم للتخلص من الأم.

قى الفيلمين الأمريكيين، اسوة بالرواية، فإن هيبولت تخلص من الأم كى ينفرد بالابنة الصغيرة التى صارت عشيقته لفترة طويلة، وكان السبب فى موتها، وعندما أراد امتلاك الفتاة ذهب لاستحضارها مدعيا ان الأم مريضة وتجتاج إلى رؤية الابنة، وفى الطريق تعمد اطالة الصحبة، وبات معها فى سرير واحد فى الفندق وأبلغها فيما بعد أن الأم ماتت، وما لبث أن تغلبت على أحزانها لتصير عشيقته، ولأنه هو الذى يحكى فقد ظل سلوكهاغامضا، وعرفنا فيما بعد أن رجلا كان يستخدمها فى إدارة الجنس العنيف، إلا أنها هربت من زوج امها لتعيش مع عشيقها شارلز، وتتزوجه وتحمل منه، وحسب عناوين الفيلم المصرى، فإنه رغم ان زوج الأم هو الذى يحكى، فإن الفيلم يعطى مساحة كبية للنجمة هند رستم ويأتى اسمها قبل الجميع، ورغم أن الرجل فكر فى وضع السم للمرأة فإنها لم تمت، وقد خدع الرجل المرأتين، فعادت سحر من رحلة الاقصر لتفاجأ أن أمها تتزوج من حبيبها، وهنا تتكشف العلاقات ويخرج الرجل من حياة المرأتين دون أى خسائر طويلة للمرأتين.

لم يجتهد عزت الأمير كثيرا وهو يرجع إلى النص، إلا فى امور معينة، فهو قد أضاف حكاية ميراث الفندق عن أبيه، وهو أمر غير موجود فى النص، لكن فى نهاية الفيلم فإن أحمد يمتص اسم حبيبته مثلما فعل همبرت مع لوليتا، وبعد الزواج من أمها أحس انه والد لابنة زوجته، لكن الأمور كانت قد تكشفت، لاشك أن الفيلم لم يشأ إلا بقاء اخفاء الآم، وبالتالى لم تمت سعاد، وقد كان كشف المشاعر سببا أن تقترب الأم من ابنتها بعد عتاب عابر، ويعود أحمد إلى الإسكندرية دون عقاب سماوى، وبالتالى فقد تم حذف الشخص الثانى فى حياة المراهقة، تعترف سحر أن هذا الحب نوع من من الحب البديل لأب مات، وليس موجودا فى حياة البنت وأمها، لكن المواجهة بين المرأتين تكشف مدى حرمان كل منهما، أما أحمد فإنه يعود إلى الاسكندرية دون أى خسائر ممكنة.

من المهم الاشارة إلى أن محمد راضى كان منجذبا فى هذه الفترة للحديث عن العلاقات الممنوعة داخل مجال الأسرة، فهو صاحب فيلم «الحاجز» عام 1972، حول علاقة حب تربط بين زوجة وشقيق زوجها الذى يعيش مع الزوجين تحت سقف واحد.

التعليقات