فضح المتحرشين - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 1:02 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فضح المتحرشين

نشر فى : الإثنين 13 يوليه 2020 - 7:55 م | آخر تحديث : الإثنين 13 يوليه 2020 - 7:55 م

قبل أيام قضت المحكمة الإدارية العليا بمجازاة مدير عام إدارة تعليمية سابق بمحافظة الجيزة، بالوقف عن العمل لمدة ستة أشهر مع صرف نصف الأجر، «لمخالفته مدونات السلوك وأخلاقيات الخدمة المدنية» لتقاعسه عن اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال واقعة تحرش تلاميذ بالمرحلة الإعدادية بمعلمة تبلغ من العمر خمسين عاما، أثناء مشاركتها فى لجنة امتحانات باحدى المدارس.
وجاء فى الحكم أن مدير الإدارة السابق أغفل ذكر واقعة التحرش بتقرير سير الامتحانات رغم إخطاره بالواقعة من قبل المعلمة التى جرى التحرش بها على مرأى ومسمع من زميلاتها اللاتى سارعن لنجدتها.
الواقعة مليئة بالتفاصيل التى تكشف إلى أى مدى وصلت ظاهرة التحرش والعنف ضد النساء فى مجتمعنا، وغض البعض الطرف بل والتستر على العديد من الوقائع المماثلة وإن اختلفت فى تفاصيلها عما تعرضت له المعلمة الفاضلة داخل ما يفترض أنه محراب للعلم. وأكدت المحكمة «أن المعلمة لم تجد الدعم الكافى من رؤسائها بوزارة التعليم وتخلى عنها مدير الإدارة التعليمية رغم تحرش الطلاب بها وملامسة أجزاء من جسدها بشكل عنيف وغوغائى».
وقالت المحكمة فى الحيثيات التى نشرها الزميل محمد نابليون (الشروق الأحد 12 يوليو 2020) أنها تسجل الدور السلبى للفن ووسائل الإعلام فى أفلام البطل الفوضوى وأقوال الفحش والرذيلة وكلمات الإيحاءات الخارجة لأغانى المهرجانات والحفلات التى عززت من انتشار التحرش الجنسى حتى وصل إلى تحرش تلاميذ الإعدادية بمعلمتهم. واستنهضت المحكمة «همم الأجهزة الفنية الرقابية للقيام بدورها تجاه الأفلام الهابطة وأغانى المهرجانات والحفلات الساقطة تصريحا وتلميحا».
حيثيات الحكم الذى صدر برئاسة المستشار عادل بريك، نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين سيد سلطان والدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى ونبيل عطا الله وأحمد ماهر، نواب رئيس مجلس الدولة، دقت لناقوس الخطر «لتسارع ظاهرة التحرش»، ولفتت المحكمة إلى أنها ولئن عالجت فى حكم سابق لها تحرش بعض المعلمين بتلاميذ المدارس «إلا أن مكمن الخطورة» أن ظاهرة التحرش التى انتشرت على مسرح الشوارع انتقلت إلى مسرح أخر له قدسيته هو محراب العلم بالمدارس.
فى الحقيقة الحيثيات حافلة بأجراس الإنذار للفت نظرنا جميعا مجددا إلى خطورة ظاهرة التحرش والعنف ضد النساء والفتيات بشكل لم يعد مقبولا السكوت عليه، فالوقائع التى تنفجر فى وجوهنا كل يوم تؤكد أننا أمام مشكلة لها آثار لا تقل خطورة عن قضايا الإرهاب، وهو ما يحتاج إلى تحرك جاد، وأكثر حسما، بما يعيد ترتيب منظومة القيم التى أنقلبت فى السنوات العشرين الأخيرة على الأقل.
طبعا هناك جهود تبذل من جهات رسمية كالمجلس القومى للمرأة، ومن ممثلى بعض منظمات المجتمع المدنى، غير أن المعالجة التقليدية لظاهرة التحرش عبر مجموعة من المواعظ والإرشادات الجوفاء لن تقضى على فيروس يحتاج إلى أمصال اجتماعية وتربوية ودينية تعيد لأجساد وأرواح المصريين قيما تتحول إلى أثر بعد عين يوما وراء الآخر، وبعد أن وصل التحرش إلى تلاميذ المدارس الإعدادية مع معلمتهم التى تكبر أمهاتهم عمرا!
واقعة التحرش بالمعلمة الشجاعة التى بادرت بالدفاع عن حقها أمام القضاء، ولم تستسلم لتستر مديرها المعيب، تلقم حجرا لمن يسارعون عادة لاتهام المرأة بالسبب وراء التحرش بها، تارة بإلقاء اللوم على ملابسها وأخرى لتبرجها، وإلى آخر هذه الأسطوانة المشروخة التى تكشف زيف دعاوى أصحابها، وتؤكد إلى أى مدى تغلغل مرض التحرش فى بعض النفوس، وهؤلاء: «افضحوهم حيث ثقفتموهم».

التعليقات