قاطعوا مهرجان تورنتو السينمائي - خالد الخميسي - بوابة الشروق
الثلاثاء 7 مايو 2024 8:07 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قاطعوا مهرجان تورنتو السينمائي

نشر فى : الأحد 13 سبتمبر 2009 - 9:27 ص | آخر تحديث : الأحد 13 سبتمبر 2009 - 9:27 ص

 اتصل بى زميل دراستى المخرج السينمائى «شريف مندور» منتج فيلم «هليوبوليس» من بولندا وهو فى حيرة شديدة من أمره يسألنى رأيى فى مشاركته من عدمها فى مهرجان تورنتو السينمائى. حكى لى أن هناك ثلاثة أفلام مصرية مشاركة فى المهرجان: «احكى يا شهرزاد» من إخراج يسرى نصرالله. وفيلم «المسافر» من إخراج أحمد ماهر وهو من إنتاج وزارة الثقافة وفيلمه «هليوبوليس» من إخراج أحمد عبدالله. عرف أن هناك أفلاما إسرائيلية مشاركة. لم يهتم، فلا معنى للانسحاب وترك ساحة المهرجانات الدولية لصالح إسرائيل. بل على العكس فالأفضل التواجد بأفلام مصرية فى مواجهة الأفلام الإسرائيلية، وهذا لا يمكن أن يعد تطبيعا من جانبه.

ولكن عندما عرف أن هناك احتفاء خاصا بمئوية مدينة تل أبيب وأنه سوف يتم عرض عشرة أفلام إسرائيلية عن هذه المدينة، فالأمر هنا مختلف. ثم بدأت تصله أخبار مقاطعة عدد كبير من الفنانين الكنديين والأمريكيين والبريطانيين. وقام عدد منهم بتوقيع بيان يدين إدارة المهرجان. ماذا عليه أن يفعل؟.. هل مشاركته فى مهرجان تورنتو تعد فى هذه الحالة تطبيعا مع دولة عدو؟.. هل موافقته على الذهاب بفيلمه تعد مساندة لمهرجان يكرم إسرائيل؟.. أم ذهابه يؤكد بالعكس أننا غير مهتمين باختيارات إدارة المهرجان السياسية ولكن المهم هو أن يكون هناك تواجد مصر له وزن يفوق فى قيمته الفنية ما يقدمه الإسرائيليون سينمائيا. ولكنه فى نهاية المحادثة الهاتفية قال لى إنه يرجح فكرة الانسحاب وأن موقف فيلم المسافر سوف يكون شديد الحساسية. فالمنتج هو وزارة الثقافة. والوزير فاروق حسنى لا يمكنه القيام بأى مخاطرة قد تعرض مسيرته نحو منصب سكرتير عام اليونسكو للخطر، ولو انسحب هو بفيلم «هليوبوليس» ثم انسحب فيلم «احكى يا شهرزاد» سوف تجد وزارة الثقافة نفسها فى موقف لا تحسد عليه. وبالتالى فهو يتوقع معارضة عنيفة من جانب المسئولين فى وزارة الثقافة، خاصة أنهم ذوو سلطة لا يستهان بها فى مجال الإنتاج السينمائى المصرى. وأغلقنا الهاتف والمسكين فى حال صعبة.

قرأت فى اليوم التالى فى جريدة «الشروق» مقالا لم أفهم على الإطلاق معنى ما تم نشره فيه على لسان المخرج الكبير يسرى نصرالله والذى صرح فيه بأن موقفه المعلن هو دعم المثقفين الكنديين الذين قاطعوا المهرجان، ولذلك وقع معهم على بيان الإدانة، لكنه سيشارك رغم دعمه هذا بفيلمه، وأنه يعتبر أن هذه المشاركة سوف تدعم مواقف المثقفين الكنديين. حيث بدا لى أن هناك تناقضا واضحا بين دعمه للإدانة ومشاركته بفيلمه. وأكد كلامه المخرج أحمد عبدالله الذى أعلن مشاركته بفيلم هليوبوليس فى المهرجان. ولم يذكر المقال شيئا عن فيلم المسافر ولا عن مخرجه أحمد ماهر.

اتصل بى شريف مندور ثانية ليقول لى أن فيلم المسافر لن يذهب إلى مهرجان تورنتو حيث أعلنوا أنهم لم يوقعوا اتفاق اشتراكهم وتحججوا بأنهم لم ينتهوا من الترجمة الإنجليزية، وبأن مهرجان تورنتو لم يكن فى الأصل فى خطة المهرجانات الذين سوف يشاركون بها، هذا رغم وجود فيلم المسافر على قائمة عروض المهرجان. أعجبته طريقة الانسلاخ. تليق حقا بوزارة الثقافة. فهم لم يقاطعوا ولم ينسحبوا ولم ينددوا ولكن هناك دائما طرق بيروقراطية تصل بنا إلى بر الأمان، فنحن ولا شك العباقرة فى هذا المجال. ورقة ناقصة، صفحة لم توقع. ولكنهم فى النهاية أحسنوا صنعا. من ناحية أخرى اتصل به هاتفيا المخرج يسرى نصرالله من باريس وأكد له مشاركته ليزيد من حيرته. وجهة نظر يسرى نصرالله (من الغنى عن الشرح موقف يسرى غير القابل لأى التباس لصالح كل ما هو وطنى وما هو محترم فى شأن القضية الفلسطينية) وملخص رأيه أننا قاطعنا كثيرا ولم يجد ذلك، فمن الأفضل أن نشارك ونعلن رفضنا للممارسات الإسرائيلية داخل الحدث، ونحدث داخل المهرجان جلبة سوف يكون لها أثر أكبر من المقاطعة.

ماذا يجب عليه أن يفعل؟.. كل وجهة نظر لها احترامها. أيشارك ويندد هناك بالاحتفاء بإسرائيل أم يقاطع؟.. لا يعرف على وجه اليقين أين الصواب فى هذا الأمر. هو فى نهاية الأمر سينمائى وليس حيوانا سياسيا.

نصحت صديقى بمقاطعة المهرجان لأكثر من سبب: أولا لأن المشاركة فى هذا المهرجان من وجهة نظرى تعد مشاركة فى الاحتفاء بدولة إسرائيل والاحتفال بتل أبيب. ثانيا: قيام المهرجان باختيار تل أبيب عاصمة إسرائيل فى هذه اللحظة تحديدا أمر له معنى بالتأكيد. فالتوقيت دائما وأبدا له دلالات مهمة. وحكومة نتنياهو الحالية هى حكومة شديدة العنصرية والتطرف، هى حكومة حرب. ثالثا وأخيرا: ما هى قصة مئوية تل أبيب وما قصة بدايتها فى أبريل 1909 الذين يروجون لها فى العالم أجمع؟ يصنعون لهم تاريخا مزيفا، علينا أن نفضحه لا أن نشارك فى مكان يروج له.

خالد الخميسي  كاتب مصري