فردة حذاء مولانا - حسام السكرى - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 10:04 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فردة حذاء مولانا

نشر فى : الأحد 13 نوفمبر 2016 - 12:20 ص | آخر تحديث : الأحد 13 نوفمبر 2016 - 12:24 ص

يعتقد كثيرون، وأنا منهم، أن مشهد الحذاء فى الفيلم البريطانى «حياة السيد بريان» من أعظم المشاهد الساخرة فى السينما.


خرج الفيلم للنور فى عام 1997 ولعب دور البطولة فيه مجموعة «مونتى بايتون» الكوميدية. وهو يحكى قصة حياة شاب يهودى اسمه بريان عاش فى وقت ميلاد السيد المسيح عليه السلام.

بعد سلسلة من الأحداث والمصادفات ينتهى بريان محاطا بجمع غفير من الأتباع الموقنين بأنه المسيح المنتظر. يحاول دون جدوى إقناعهم بأنه ليس مبعوثا إلهيا، فيأخذون كلامه دليلا على نبوته، وتصيح إحدى التابعات «المسيح الحق هو من ينفى أنه المسيح».

لا يجد بريان بدا من الهرب فينطلق عدوا وهو يصرخ «أنا لست المسيح» فيتبعه المؤمنون وهم يصرخون «إعطنا بشارة، أعطنا أمارة» ظنا منهم بأنه يرشدهم إلى طريق الخلاص. تنخلع فردة نعل بريان أثناء العدو فيتلقفها الأتباع فى ابتهاج ويرفعونها للسماء مهللين: لقد أعطانا الأمارة.

ينتهى المشهد بجدل محموم بين الأتباع حول تفسير أمارة فردة النعل المخلوعة. بعضهم يرى أنها أمر إلهى بأن يسيروا جميعا بفردة نعل واحدة، فيما يؤكد آخرون أن المقصود هو تكليفهم بجمع أكبر قدر من النعال.
فى الفيلم يتمتع بريان بأمانة نادرة لا تتوافر فى الواقع لكثيرين ممن وجدوا أنفسهم محاطين بالباحثين عن اليقين. هؤلاء أعجبهم الاعتقاد السائد بأنهم نواب الله. استغلوا النزوع للتدين والرغبة فى الهداية، فضللوا الناس عن سماحة الدين وقيمه، ودعوهم لتقديس الخرافات، والشخوص.

فى برنامج إخبارى، اتصلت مذيعة بأحد باحثى الأزهر لتسأله السؤال التقليدى عن «رأى الدين» فى مسألة ما. قال الرجل بتواضع نادر إنه لا يعبر عن رأى الدين وإنما يجتهد فى الإجابة عن سؤالها بما أتيح له من علم ومعرفة، مؤكدا أن رأيه بشرى خالص يحتمل الخطأ والصواب دون قدسية مدعاة. تصمت المذيعة برهة ثم تقول: إذن هو رأى الشرع!
يصعب على كثير من المشايخ الذين يتحلق حولهم الأتباع أن يتحلوا بدقة هذا الباحث. يستسهلون ربط تفسيراتهم ورؤاهم وأهوائهم بآيات القرآن، فيناقض بعضهم بعضا بينما يصر كل منهم على أنه يحتكر الحقيقة. لا أدرى كم مرة سمعت مشاهيرهم يصرخون: «اللى باقوله مش كلامى، ده كلام ربنا».

ربما لهذا السبب أحب أن أدعو الناس إلى متابعة آراء أكاديميين أزهريين من أمثال السيد سعيد الرحمانى، ليستأنسوا بواحد من الأصوات الفريدة التى خرجت من عباءة الأزهر رافضة «أنصار الكهنوت وصانعى ثنائية التابع المنقاد والمتبوع المتحكم، لصالح تكريس الموروث أو دعم السلطة».

الكهنة حولوا الدين فى رأى الرحمانى إلى ألغاز وأحاجى لا يعرف مفاتيحها إلا هم، تماما كلغز فردة الحذاء. أبعدوا الناس عن الفطرة السوية وأوهموهم أنهم لن يحصلوا على رضا الله إلا إذا اتبعوا فتاواهم. انتشر الخوف من غضب الله بين العامة فعطلوا عقولهم وفطرتهم ولجأوا إلى الكهنة فى كل التفاصيل: متى نأكل؟ متى نشرب؟ متى نسلم؟ متى نحيى؟ من نصادق؟ من نحب؟ من نكره؟.. القائمة لا تنتهى والكهنة زادوها عبر القرون لتزداد الحاجة إليهم وإلى فتاواهم بدلا من تذكير الناس كما يفعل الرحمانى ببساطة الدين، وأهمية إعمال العقل والفطرة والتذكير بدعوة العقيدة للخير والرحمة.

أتأمل تعليقات متابعى الرجل على صفحته وهم يطالبونه مرة بعد مرة بالحصول على فتاوى تحرم هذه وتحلل تلك. فيما يصر هو على دعوتهم لرفض الاتباع الأعمى والتحلل من سلطة الكهنوت. فينكره بعضهم مفضلين الانسياق خلف مفسرى أمارة فردة الحذاء، ممن لم يكن لهم حظ من صدق بريان أو تواضع الرحمانى.

 



 مشهد الحذاء



صفحة الرحمانى

 https://www.facebook.com/sayedrahmany

التعليقات