وسيلة النضال السياسى للديموقراطية - علي محمد فخرو - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 8:11 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وسيلة النضال السياسى للديموقراطية

نشر فى : الأربعاء 14 سبتمبر 2022 - 9:20 م | آخر تحديث : الأربعاء 14 سبتمبر 2022 - 9:20 م

من خلال ما كتبناه فى الأسبوعين الماضيين عن محنة الأنظمة الديموقراطية الليبرالية التمثيلية الحديثة، وعن نوع الديموقراطية المطلوبة للوطن العربى، تبين بصورة قاطعة أن المدخل لوجود نظام سياسى ديموقراطى ملتزم لخدمة جمهور المواطنين كلهم، وليس لخدمة مصالح أقلية من أصحاب المال والوجاهة والنفوذ فقط، لا يتحقق إلا إذا مارست الأغلبية الساحقة من المواطنات والمواطنين واجبات ومسئوليات العمل السياسى الديموقراطى.
من هنا سيحتاج شباب وشابات الوطن العربى مواجهة الأمر السياسى، المؤدى إلى ديموقراطية شاملة عادلة، تمثيلية وتشاركية وانتمائية، وذلك من خلال الموقف المسئول الآتى: إذا كانوا يعتقدون بوجود أحزاب أو جمعيات سياسية عربية صالحة وقادرة على ممارسة النضال الجماهيرى وقيادته بمسئولية وأمانة، حتى ولو كان بعضها يحتاج لإصلاحات وتغييرات ضرورية، فإن على شباب وشابات الأمة واجب الالتحاق بالحزب الذى يرونه أفضل وأقدر.
وإذا دخلوا تلك الأحزاب والجمعيات بأعداد غفيرة وواعية وملتزمة فإنهم من المؤكد سيستطيعون تغيير أوضاع الأحزاب وقياداتها غير الكفؤة ومنهجيات أعمالها النضالية.
أما إذا كان شباب وشابات الأمة قد فقدوا الأمل من إصلاح وتنشيط وزيادة كفاءة الأحزاب أو الجمعيات السياسية التى وجدت فى شتى بقاع الوطن العربى منذ عهود الاستقلال الوطنى، فإنهم يجب أن يواجهوا مسئولية تكوين أحزاب أو جمعيات جديدة قادرة على أن تحصل على ثقة الجماهير من جهة وقادرة على أن تجد الحيوية النضالية السياسية القادرة على مواجهة التسلط والظلم والفساد ونهب المال العام ومؤامرات تشويه كل ما هو وطنى وقومى عروبى.
لا يوجد على الإطلاق طريق آخر لإنهاء الشلل السياسى فى كل المجتمعات المدنية العربية، ولحشد ملايين المواطنات والمواطنين للدفاع عن مصالحهم المشروعة، ولإيقاف الاستباحات السياسية والأمنية والاقتصادية من قبل شتى أصناف وألاعيب القوى الاستعمارية الإقليمية والعالمية.
العمل السياسى من خلال مؤسسات مجتمع مدنى هو وحده القادر على أن ينظر للأمور بصورة شمولية ويخرج باستراتيجية فكرية وعملية ترى الترابط الحميم بين مشاكل كل ساحة حياتية. من هنا فإن الاستراتيجية تغطى السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة والأمن، لأن فساد أية ساحة لابد وأن يفسد الساحات الباقية كلها.
الشابات والشباب العرب يستطيعون بالطبع أن ينشطوا فى ساحات الحياة الفرعية، كساحة حقوق المرأة أو المحافظة على البيئة أو رفض الحروب أو غيرها، لكن المدخل لإجراء تغييرات عميقة ومؤثرة فى حياة الأمم يظل هو المدخل السياسى النضالى الأساسى، وبشرط أن لا يكون العمل مقتصرا على الجهود الفردية وإنما يكون عملا جماعيا جماهيريا منتظما فى مؤسسات نضالية تحفر فى شئون المجتمع الحياتية كلها.
مرة أخرى نقولها: انضموا للجماعات السياسية المنتظمة إذا كنتم تأملون فيها خيرا وإمكانيات نضالية، وحاربوا من أجل إصلاحها من الداخل، وهذا أفضل طريق حتى لا تبدأوا نضالكم من الصفر، أو اخلقوا الجديد إن استطعتم.
هنا نحذركم من الاعتقاد بأن العمل من خلال وسائل التواصل الاجتماعى سيكون كافيا وسيغنى عن وجود المؤسسات المدنية السياسية المنتظمة الفاعلة. هذا غير صحيح وهو لن يخلق ثورات أو تغييرات كبرى.
من الممكن بالطبع الاستفادة من تلك الوسائل الإلكترونية التواصلية من قبل الأحزاب والتكتلات السياسية، لكنها لن تكون قط كافية، ولن تحل محل الزخم التنظيمى الجماهيرى فى الحياة والعمل السياسى النضالى.
إن كنتم تريدون الانتقال إلى أنظمة ديموقراطية فسيروا فى هذه الطرق المجربة عبر القرون الطويلة الماضية.

مفكر عربى من البحرين

علي محمد فخرو  شغل العديد من المناصب ومنها منصبي وزير الصحة بمملكة البحرين في الفترة من 1971 _ 1982، ووزير التربية والتعليم في الفترة من 1982 _ 1995. وأيضا سفير لمملكة البحرين في فرنسا، بلجيكا، اسبانيا، وسويسرا، ولدي اليونسكو. ورئيس جمعية الهلال الأحمر البحريني سابقا، وعضو سابق المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة العرب، وعضو سابق للمكتب التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية، وعضو مجلس أمناء مؤسسة دراسات الوحدة العربية، وعضو مجلس أمناء مؤسسة دراسات فلسطينية. وعضو مجلس إدارة جائزة الصحافة العربية المكتوبة والمرئية في دبييشغل حاليا عضو اللجنة الاستشارية للشرق الأوسط بالبنك الدولي، وعضو في لجنة الخبراء لليونسكو حول التربية للجميع، عضو في مجلس أمناء الجامعة العربية المفتوحة، ورئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات والبحوث.
التعليقات