تلصص - داليا شمس - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 6:49 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تلصص

نشر فى : الأحد 15 سبتمبر 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 15 سبتمبر 2013 - 8:00 ص

يوم الأحد الماضى تم إطلاق سراح صحفى جريدة لاستامبا الإيطالية، دومينيكو كيريكو، الذى كان محتجزا فى سوريا بعد أربعة أيام من وصوله هناك فى شهر أبريل من العام الجارى، وقد صرح لصحيفته أنه استمع بمحض المصادفة لحوار دار فى الغرفة المجاورة لمحبسه، بين ثلاثة أشخاص لا يعرف أسماءهم، كانوا يتحدثون بالإنجليزية عبر شبكة سكايب، أحدهم عرف نفسه كلواء بالجيش الحر، وبدا من المحادثة أن قوات المعارضة هى من استخدمت الغازات الكيماوية فى الهجوم على حيين بدمشق للمماحكة ودفع الغرب إلى التدخل العسكرى فى سورية. ويقول الصحفى الذى تجاوز الستين وعرف بتغطية أماكن الصراع فى أفريقيا والشرق الأوسط: «ليس لدى ما يؤكد هذا الكلام، ولا أستطيع الدفع بمصداقية هؤلاء الأشخاص، ومدى استناد حوارهم لوقائع محددة»، لكن الأمر قد يثير لغطا فى هذا التوقيت بالذات، والشام تحاول تجنب ضربة عقابية، وبرنامج سكايب يحتفل بمرور عشرة أعواما على تداوله فى الأسواق، فحوالى 60% من المكالمات بين النشطاء تتم بواسطة سكايب وهاتف الثريا (عبر الأقمار الصناعية)، وفقا لشهادة شكيب الجابرى، أحد المدونين السوريين، الذى نزح إلى لبنان ومعروف باسم (@LeShaque)، إذ كان لبرنامج سكايب دور محورى خلال الثورات والانتفاضات العربية، أو ما يسمى بالربيع العربى.

●●●

هناك حوالى 300 مليون مستخدم يقضون 2 مليار دقيقة يوميا لإجراء مكالمات مرئية بواسطة برنامج سكايب، ووصل عدد المكالمات الصوتية والمرئية على مدى السنوات العشر إلى 1.4 تريليون مكالمة، ما يمثل 2.6 مليون سنة. فى حين احتاج التليفون العادى لحوالى 104 سنوات حتى يسجل هذا العدد من المشتركين، مقابل 25 سنة فقط للمحمول أو الهواتف النقالة. أثرت هذه النوعية من البرامج على نمط حياتنا وتواصلنا، فأصبح متاحا لحوالى ثمانية وستين ألف أستاذ حول العالم أن يعطوا دروسا عن بعد، معتمدين على تقنية المكالمات المرئية بالمجان من خلال الإنترنت. كما أصبح متاحا لأى معلم استضافة الشخصيات العامة التى يريد تعريف طلبته بهم من خلال التقنية نفسها، فيمكنه مثلا إجراء مقابلة مع المستكشف البريطانى مارك وود على قمة جبل ايفريست، دون أن يترك الفصل.

●●●

فى خضم الصراعات الحالية، دخل برنامج سكايب إلى 120 مخيم لاجئين فى مناطق مختلفة... وأحيانا يشاهد المحارب أو الثائر أو المجند ولادة أول أبنائه على الهواء مباشرة، بمجرد تثبيت الكاميرات فى غرفة العمليات، وقد حدث ذلك فعليا بفضل تكنولوجيا الربط بين حاسوبين (peer-to-peer) التى ابتكرها السويدى نيكولاس زينشتروم والدنماركى يانوس فريس مع مجموعة من مطورى البرمجيات، ونشراها حول العالم منذ نهاية أغسطس 2003. والطريف فى الموضوع هو كيفية تطويع كل طرف من المواطنين العاديين أو النشطاء أو الحكومات للأداة التكنولوجية، فمثلا قبل ظهور سكايب كان العاملون والبسطاء يستخدمون الإنترنت لإجراء مكالمات منخفضة السعر من مقاهى «السيبر» المختلفة فى بلاد غربتهم، فيتواصلون مع ذويهم منذ منتصف التسعينيات، وقبلها بسنوات كانوا يرسلون شرائط الكاسيت المسجلة بأصواتهم مع صديق. ثم حاليا نجد أب وأم لا يفقهون شيئا فى الوسائط الحديثة على أتم استعداد لتعلم تشغيل برنامج سكايب لرؤية أولادهم فى الخارج.. تتعالى الأصوات فى غرفة المعيشة بالقاهرة، وترن مجددا أصوات الأبناء وحكاياتهم لتملأ البيت سعادة وشجونا. وفى الآن ذاته، قد يكون أحد المراسلين غير الاحترافيين فى قناة «حلب اليوم» يبث مواده من خلال غرف السكايب، فيتلقاها زميل له موجود بتركيا ويذيعها على أهل بلده والعالم، فيفضح خصومه، وتكون القناة تقريبا من أوائل من تحدثوا عن استخدام أسلحة كيماوية فى ريف حلب من قبل النظام... وسجلت مع شخص يحمل مادة مثل الخيوط العنكبوتية، منذ عدة أشهر.

●●●

هؤلاء وغيرهم من النشطاء كانوا يعتمدون على صعوبة اختراق الشبكة المحكمة أو التنصت عليها، لكن تصاعد الحديث منذ مارس الماضى حول مدى جدية اجراءات الأمان الخاصة بالبرنامج مع تغير المالك عام 2011، إذ اشترته شركة مايكروسوفت الأمريكية بمبلغ 8.5 مليار دولار، بعد أن كانت شركة «إى باى» (eBay) قد تملكته عام 2005 مقابل 2.6 مليار دولار. وظهرت التقارير التى تلمح إلى تبعات نقل الملكية إلى شركة أمريكية تخضع لقوانين الولايات المتحدة حيث يميل المشرعون إلى ترجيح كفة التجسس وجمع المعلومات على حساب حماية الخصوصية والحرية الشخصية. كما نشرت جريدتى «الجارديان» و«الواشنطن بوست» معلومات مفصلة حول برنامج «بريزم» التابع لوكالة الأمن القومى ومكتب التحقيقات الفيدرالية (إف بى آى) الذى يهدف إلى التجسس على شبكات الاتصال ومستخدمى الانترنت، إضافة إلى جمع المعلومات المتعلقة بهم، دون استئذان. وثبت أن شركة مايكروسفت، وبالتالى برنامج سكايب، متورطان فى مثل هذه العمليات. وفسر البعض الأمر على أنه مجرد إذعان تجارى لمتطلبات بعض الحكومات التى تنتشر بها هذه الشبكات وترغب فى مزيد من إحكام السيطرة، خاصة بعدما ثبتت قيمة أدوات الاتصال تلك مع الربيع العربى: السعودية تهدد أحيانا بمنع سكايب، الإمارات تعطل العديد من تطبيقاته لصالح الشركات الوطنية، إثيوبيا تجعل عقوبة من يستخدمه 15 سنة سجنا! والولايات المتحدة تتمسك بدور «الوصى» على العالم.. أما النشطاء، فالمسألة بالنسبة لهم حياة أو موت، وبالتالى فقد سارعوا نحو تقنيات تحميهم مثل استخدام التشفير وأدوات أخرى تجعل من الصعب اعتراض سبيلهم، رافعين شعار «احترس من المتلصصين».

التعليقات