** يمكن أن ترى فى ملاعب كرة القدم هذا المزيج الفريد، فرحة الانتصار والحزن. المشهد كان إنسانيًا ومؤثرًا للغاية. انتهت المباراة بفوز ليفربول على بورنموث 4/2. سجل صلاح الهدف الرابع فى الدقيقة 94. وقال صحفى إنجليزى: «هذا مو صلاح يظهر من حيث لا ندرى ويسجل ويحتفل». وكان احتفال محمد صلاح هذه المرة بطريقة دييجو جوتا زميله الشاب الذى لقى مصرعه مع شقيقه أندريه سيلفا فى الثالث من يوليو الماضى، بعد أن انحرفت سيارتهما اللامبورجيني عن الطريق واشتعلت فيها النيران فى شمال إسبانيا.
** وأخذ جمهور ليفربول يغنى ويهتف لاسم جوتا، وبدا أن صلاح شريكا فى هذا الهتاف. صحيح أن لاعبى ليفربول جميعهم شاركوا جمهورهم الغناء والتصفيق لجوتا، إلا أن محمد صلاح انفرد بالمشهد «الماستر سين» بلغة السينما حين وقف يصفق فى مواجهة المدرج وحده، واقتربت منه الكاميرات وأحاطت به، وحاول أن يهرب منها حين أدرك أن دموعه بدأت تجرى تأثرًا وحزنًا وانفعالًا إلا أن مخرج المباراة أدرك باقتراب دموع صلاح فلابد أن يستقبلها..
** بكى محمد صلاح، وأبكى جمهور الريدز وأبكانا المشهد كله. أبكتنا الإنسانية وتلك الروح الجميلة وهذا الحزن النبيل. وتفاعل الملايين من جماهير كرة القدم فى إنجلترا وأوروبا وفى العالم العربى ومصر بهذه الروح الإنسانية الرائعة وطريقة تكريم ليفربول للاعبه الراحل، وخطف محمد صلاح القلوب بمشاعره التى انفجرت فى لحظة إنسانية صادقة وكانت جماهير ليفربول رفعت لافتة كبيرة فى الملعب كُتب عليها «روت، دينيس، دوارتى، مافالدا (وهم أعضاء أسرة دييجو جوتا)، أنفيلد سيبقى بيتكم دائما. لن تسيروا وحدكم أبدا». ولم يكن مهمًا أن محمد صلاح سجل هدفه العاشر فى مباراة افتتاح.
** لعب جوتا لمدة خمسة أعوام فى ليفربول بعد انضمامه إلى النادى فى 2020 قادمًا من ولفرهامبتون. وفاز بلقب الدورى، وكأس إنجلترا وكأس الرابطة خلال مسيرته فى أنفيلد. وقبل انطلاق المباراة، كرّم ليفربول ذكرى جوتا الأب لثلاثة أطفال ووقف اللاعبون من الفريقين دقيقة صمت قبل انطلاق المباراة، ورفع المشجعون لوحة عملاقة تحمل الأحرف الأولى من اسم جوتا وسيلفا، (كان هو الآخر لاعب كرة قدم) وأرقام قمصانهما داخل علم البرتغال. وقرر ليفربول طباعة عبارة «20 إلى الأبد» على قمصان وسترات المباريات الخاصة بالفريق حتى نهاية الموسم..
** لم تكن كل الأرقام التى سجلتها الصحف والمواقع لليفربول وصلاح مهمة.. «ليفربول فاز على بورنموث للمرة رقم 13 فى 14 مباراة» «هو الفوز السابع على التوالى على منافسه فى ملعب أنفيلد». «محمد صلاح رفع رصيد أهدافه على ملعب أنفيلد إلى 106 أهداف ليصبح ثانى أكثر لاعب يسجل على ملعب واحد فى تاريخ المسابقة، ليعادل رقم سيرجيو أجويرو نجم مانشستر سيتى الذى أحرز 106 أهداف على ملعب الاتحاد».. «الفرنسى تييرى هنرى، نجم أرسنال السابق، سجل 114 هدفًا على ملعب «هايبرى»، ملعب الفريق السابق».
** كانت الاحتفالية الحزينة بجوتا، ودموع محمد صلاح أهم من الفوز بأربعة أهداف مقابل هدفين وأهم من الأرقام القياسية، وقال جارى نيفيل، فى تصريحات فى «بى بى سى» يمكنكم رؤية التأثر الشديد لـ محمد صلاح، سيظل ذلك الشعور حاضرًا فى أذهان موظفى ليفربول وجماهيرهم طوال الموسم وسيشعرون فى لحظات، خلال المباريات وفى نهايتها، وبعد الانتصارات والهزائم، بأنهم فقدوا زميلهم الذى أحبوه.. إنه لأمر محزن للغاية، ما رأيناه من محمد صلاح كان شيئًا مميزًا حقًا»..
** وسُئل آرنى سلوت عن شعور محمد صلاح بعد رد فعله المؤثر عقب المباراة، حيث رد: «لست متأكدًا لأننى لم أسأله، فى الواقع لم أرد مغادرة الملعب بعد المباراة على فور لأننى وجدت رد فعل جماهيرنا مميزًا للغاية، وكيف استمروا فى الغناء لـ جوتا فى النهاية». وقال سلوت: «كنا جميعًا نعلم أن عائلة جوتة وزوجته وأطفاله هنا، قد يكون من المميز بالنسبة لهم سماع مدى حبهم له هنا، ومع الجماهير واللافتة، وما فعلوه».. «و نشعر كذلك بمشاعر الحزن التى ما زالوا يشعرون بها، ربما أدت هذه المشاعر المتضاربة إلى تأثر محمد صلاح، وأعتقد أننى شعرت بنفس الشعور دون أن أبكي، لكننى بالتأكيد شعرت بنفس المشاعر».
** وقال سلوت فى النهاية خاتما تعليقه: «محمد صلاح ليس مجرد لاعب كرة قدم رائع أو قدوة، إنه إنسان رائع، يظهر مشاعره دائمًا مهما كانت الظروف».
** شكرا محمد صلاح على تلك العاطفة والإنسانية