مصطفى نظيف.. وريادة تاريخ العلوم في مصر - محمد زهران - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 10:14 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصطفى نظيف.. وريادة تاريخ العلوم في مصر

نشر فى : السبت 17 يونيو 2017 - 9:00 ص | آخر تحديث : الأحد 18 يونيو 2017 - 12:09 ص

تكلمنا في مقال سابق عن أهمية معرفة تاريخ العلوم وتأثير ذلك على تطور العلوم في المستقبل ثم تكلمنا في مقال آخر عن أحد أهم فلاسفة المصريين مثل الدكتور رشدي راشد والدكتور عبد الحميد صبرة. واليوم نتكلم عن رائد آخر من رواد تاريخ وفلسفة العلوم المصريين وهو الأستاذ الكبير مصطفى نظيف والذي يعتبر رائد في نشر الثقافة العلمية في مصر.

ولد في 12 يناير سنة 1893 في الإسكندرية وتلقى تعليمه المدرسي (إبتدائي وثانوي) بمدرسة رأس التين.
سافر بعد ذلك في بعثة لوزارة المعارف إلى إنجلترا و حصل على درجة بكالوريوس العلوم في الفيزياء والرياضيات سنة 1914 من جامعة برستول ثم عاد إلى مصر على إثر إندلاع الحرب العالمية الأولى، لاحظ أنه لم تكن الجامعات المصرية قد أنشأت بعد في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين فقد أنشأت جامعة القاهرة وكانت تسمى جامعة فؤاد الأول سنة 1908 وجامعة الإسكندرية وكانت تسمى جامعة فاروق سنة 1938 وجامعة عين شمس وكانت تسمى جامعة إبراهيم باشا سنة 1950 وهم أقدم الجامعات العلمية في مصر ولا يوجد أقدم منهم سوى جامعة الأزهر (وكانت تهتم بالعلوم الدينية فقط آنذاك) والجامعة الأمريكية بالقاهرة (والتي أنشأت سنة 1919) ... وحتى حين أنشأت تلك الجامعات كانت التخصصات فيها قليلة لذلك من أراد أن يحصل على البكالوريوس أو الليسانس في تلك الفترة كان لزاماً عيه أن يسافر للخارج وخاصة إنجلترا وبدرجة أقل فرنسا ثم ألمانيا.

حين عاد العالم الكبير إلى مصر عين مدرسا لعلم الطبيعة بمدرسة المعلمين العليا ومكث بها حتى سنة
19300 ثم عمل مفتشا بوزارة المعارف وناظرا لمدرسة الفنون والصنائع ثم عين أستاذا مساعدا بقسم الفيزياء بمدرسة الهندسة والتي أصبحت كلية فيما بعد وضُمت لجامعة فؤاد الأول (هندسة القاهرة الآن) سنة 1934 وحصل على الأستاذية سنة 1944 ثم ترأس قسم الفيزياء، في ذلك الوقت لم يكن الحصول على الدكتراه شرطاً للتدريس في الجامعة ولكن الأبحاث العلمية تكفي وشخصيتنا اليوم لها من الأبحاث ما يؤهلها للأستاذية ... ثم تدرج في الوظائف الإدارية أيضاً حتى صار وكيلاً لجامعة إبراهيم باشا (عين شمس الآن) سنة 1950 ثم مديراً للجامعة (رئيس الجامعة آنذاك كان سيمى مديراً للجامعة) سنة 1954.

كان من أكبر الداعين لتدريس العلوم باللغة العربية ومن الطرائف أنه كان يطلق لفظة الفيزيقا على الفيزياء لما لها من جرس عربي، ونرى إهتمامه الكبير باللغة العربية في مؤلفاته التي تعتبر رائدة في شرح العلوم باللغة العربية... وككل العلماء في هذا العصر الذهبي في مصر كان يعنى بالثقافة العلمية وإتاحتها للجميع ومن نتيجة ذلك إهتمامه بالتدريس والتأليف باللغة العربية حتى لا تقف اللغة عائقاً أمام من يريد أن يتعلم... وكان أيضاً حريصاً على تبصير طلابه بدور العلماء في العصر الذهبي للدولة الإسلامية لقلة من يذكرهم في أوروبا... ومن جهوده أيضاً في التعريف بالعلوم إنشاء الجمعية المصرية لتاريخ العلم وأشرف على إصدار المجلة التي تصدرها هذه الجمعية (ستة أعداد) وقد حاول إنشاء قسم لتاريخ العلوم في الجامعة ولكن لم ير هذا المشروع النور للأسف... تم إختيار العالم الكبيرعضواً في مجمع اللغة العربية سنة 1946 وعضواً مراسلاً للمجمع العلمي العراقي وتولى رئاسة المجمع العلمي المصري والأكادية المصرية للعلوم والجمعية المصرية لتاريخ العلوم والإتحاد العلمي المصري والكثير من الجمعيات واللجان المعنية بالشأن العلمي وما ذكرناه مجرد أمثلة لأنشطة هذا العالم الفذ.

من أهم مؤلفات عالمنا كتاب "الحسن بن الهيثم: بحوثه وكشوفه البصرية" وهو كتاب كبير في جزئين نشر سنة 1943 وكان يعتبر من أهم الدراسات الحديثة عن إسهامات بن الهيثم في علم البصريات بل وتفوق هذا الكتاب من حيث دقته وشموليته على كل الكتب التي نشرت آنذاك في أوروبا وأمريكا (ويمكنك أن تسمع رأي الدكتور عبد الحميد صبرة في هذا الكتاب في لقائه مع فاروق شوشة في برنامج أمسية ثقافية -- من الدقيقة التاسعة)، يعتمد هذا الكتاب على مخطوط كتاب المناظر لإبن الهيثم (أعيد طبع هذا الكتب سنة 2008 من مركز دراسات الوحدة العربية - سلسلة تاريخ العلوم عند العرب وقد كتب مقدمة هذه الطبعة الدكتور رشدي راشد).
لعالمنا الكبير أيضاً مؤلفات أخرى مثل كتاب "البصريات والهندسية والطبيعية" (أول كتاب جامعي باللغة العربية في هذا المجال وقد نشر سنة 1930) وكان كتاباً كبيراً يقع في حوالي 800 صفحة.

من مؤلفاته أيضاً كتاب "علم الطبيعة: نشوءه ورقيه وتقدمه الحديث" والذي نشر سنة 1927 ويعتبر أيضاً أول كتاب باللغة العربية يبحث في تاريخ علم الفيزياء منذ نشأته وحتى العصر الحديث.

عالمنا الكبير هو أول من حصل على جائزة الدولة التقديرية في العلوم سنة 1958 هذا بالإضافة إلى وسام الجمهورية عام 1955 ووسام الاستحقاق سنة 1959.

ندائي إلى كل من يريد أن يرى مصر متقدمة علمياً: هلا سرنا على خطى هذا العالم الكبير وليعمل كل منا على نشر الثقافة العلمية كل بحسب إهتماماته وتخصصه فالأفكار كثيرة (مقالات ... جمعيات ... محاضرات ...) ووجود الإنترنت ووسائل التواصل سهل هذه المهمة.

رحم الله العالم الكبير الذي رحل عن دنيانا في 11 يناير سنة 1971.

محمد زهران عضو هيئة التدريس بجامعة نيويورك فى تخصص هندسة وعلوم الحاسبات، حاصل على الدكتوراه فى نفس التخصص من جامعة ميريلاند الأمريكية، له العديد من الأبحاث العلمية المنشورة فى الدوريات والمؤتمرات الدولية، بالإضافة إلى الأبحاث والتدريس.. له اهتمامات عديدة بتاريخ وفلسفة العلوم ويرى أنها من دعائم البحث العلمى، يستمتع جداً بوجوده وسط طلابه فى قاعات المحاضرات ومعامل الأبحاث والمؤتمرات، أمله أن يرى الثقافة والمعرفة من أساسيات الحياة فى مصر.
التعليقات