دعوة لمشاركة مصر في جهود محكمة الجنايات الدولية بصفة «صديق» - طاهر حمدي كنعان - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 9:17 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دعوة لمشاركة مصر في جهود محكمة الجنايات الدولية بصفة «صديق»

نشر فى : الأربعاء 18 مارس 2020 - 10:25 م | آخر تحديث : الأربعاء 18 مارس 2020 - 10:25 م


فى عام 2003 حين أقدمت إسرائيل ــ الدولة المرتكبة جريمة احتلال الأراضى الفلسطينية والعربية بصورة مستدامة منذ 1967 ــ على جريمة بناء «جدار الفصل» كوسيلة لحماية المستوطنات وإحباط عمليات المقاومة ضد الاحتلال واغتصاب الأراضى الفلسطينية، بادرت الدول العربية وفى مقدمتها مصر بأخذ الموضوع إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة. فلجأت هذه الهيئة الدولية إلى محكمة العدل الدولية طالبة منها الفتوى القانونية فيما يخص «النتائج القانوية الناشئة عن الجدار الذى تقوم إسرائيل بتشييده فى الأراضى الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس وما حولها آخذا بالاعتبار أحكام وقواعد القانون الدولى بما فيه اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة». فأصدرت المحكمة الدولية فتواها الشهيرة باعتبار تشييد هذا الجدار مخالفة صريحة للقانون الدولى كونه ينقض التزام إسرائيل بالقانون الدولى الإنسانى وبالتزامها التنفيذ الأمين لقرارات مجلس الأمن، ولذلك يتعين عليها إنهاء الوضع المتمثل بهذه المخالفة. وفى تصريح لسموَ الأمير زيد بن رعد الذى قاد الفريق الأردنى فى المرافعات أمام المحكمة الدولية وصف الفتوى التى صدرت عن المحكمة بأنها على مستوى القانون الدولى انتصار مدوى للموقف الفلسطينى والعربى يخفف نوعا ما من وطأة الهزيمة العسكرية التى لحقت بالفلسطينيين والعرب فى 1967.

فى عام 2009 أودعت السلطة الفلسطينية لدى محكمة الجنايات الدولية إعلانا بأن فلسطين تقبل اختصاص المحكمة فى الجرائم المرتكبة خلافا للقانون الدولى. وفى نوفمبر 2012 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 6719 الذى يقضى بالارتقاء بتمثيل فلسطين فى الأمم المتحدة إلى مرتبة «دولة مراقبة غير عضو» مما اعتبر اعترافا واقعيا من الأمم المتحدة بأن فلسطين دولة ذات سيادة ولو لم تكن عضوا. وفى عام 2014 أصدر مدعى عام محكمة الجنايات الدولية رأيه بأنه بناء على قبول الأمم المتحدة فلسطين باعتبارها «دولة مراقبة» فإن هذا يؤهلها لأن تكون عضوا فى محكمة الجنايات الدولية.
وفى ديسمبر 2019 أعلنت السيدة فاتو بن سودة المدعى عام الرئيس لمحكمة الجنايات الدولية شروع المحكمة فى التحقيق فى جرائم حرب يشتبه بأن إسرائيل ارتكبتها فى الأراضى الفلسطينية المحتلة. فقامت قيامة إسرائيل ومعها الولايات المتحدة الأمريكية بالويل والثبور اعتراضا على صلاحية المحكمة للمضى فى التحقيق المذكور بدعوى أن فلسطين ليست بدولة!
لكن اللافت أن النفوذ الصهيونى تعدى الحشد الأمريكى إلى تأليب بريطانيا من جهة، وألمانيا من جهة أخرى، إلى طلب الانخراط فى السجال الخاص بصلاحية المحكمة بصفتهما «أصدقاء للمحكمة» وطبعا لمساندة وجهة النظر الإسرائيلية الأمريكية.
السؤال، أليس للدول العربية بقيادة جمهورية مصر العربية مصلحة قومية وجودية فى تمكين محكمة الجنايات الدولية من المضى فى التحقيق فى جرائم الحرب التى ارتكبتها وما برحت ترتكبها الدولة القائمة بالاحتلال والاستعمار؟ وبالتالى ألا يستحق هذا الموضوع أن تبادر حكومة مصر بمعاونة فريق من خبرائها المتميزين فى القانون الدولى بطلب الانضمام إلى السجال القانونى المشار إليه بصفتها هى أيضا «دولة صديقة للمحكمة» فتكرر فى هذا الشأن تجربتها فى تعبئة وحشد الخبرات القانونية التى مكنتها من المرافعة القانونية الناجحة فى قضية جدار الفصل العنصرى أمام محكمة العدل الدولية، وتسجل بإذن الله انتصارا مماثلا؟
وقديما قال الشاعر العربى: لا خيل عندك تهديها ولا مال، فليسعد النطق (أو المرافعة) إن لم تسعد الحال

طاهر حمدي كنعان  مفكر عربي، نائب رئيس وزراء الأردن الأسبق.
التعليقات