أفكار حول تخفيض العجز وسعر الصرف - حسين شكري - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 12:29 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أفكار حول تخفيض العجز وسعر الصرف

نشر فى : الأربعاء 20 فبراير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 20 فبراير 2013 - 8:00 ص

أعلن مؤخرا عن قرب وصول بعثة صندوق النقد الدولى إلى القاهرة لإستكمال المباحثات حول شروط القرض المزمع حصول مصر عليه. وقد تكونت فكرة عامة أن الصندوق يطالب مصر بإتباع برنامج للتقشف المالى هدفه الرئيسى ضبط المالية العامة للدولة وتخفيض عجز الموازنة كما يقال أيضا أن الصندوق يطالب مصر بتخفيض سعر صرف الجنيه المصرى وفيما يلى أورد بعض الملاحظات حول هاتين النقطتين:

 

1 - ليس هناك خلاف أن مصر تعانى من عجز كبير فى الموازنة العامة وصل طبقا للتقديرات لحوالى 12% من حجم الناتج القومى ويستمر فى التزايد وهو معدل يصعب أن يستمر دون إنهيار النظام الإقتصادى للدولة إذن هناك حاجة ماسة لتخفيض العجز ولكن المهم هو كيفية تخفيضه. وفى هذا الخصوص أنصح بالآتى:

 

• أن تقوم الحكومة بالإعلان عن الإلتزام بتنفيذ خطة لتخفيض العجز تدريجيا بدءا من تحديد العجز المستهدف وليكن 3% من حجم الناتج القومى يتم تحقيقه على فترة زمنية متوسطة الأجل ولتكن 7 سنوات مثلا مع تحديد كذلك العجز المستهدف سنويا.

 

•  إن إتباع سياسات مالية انكماشية فجائية فى فترة زمنية قصيرة يمثل خطرا كبيرا حيث أنه سيؤدى إلى الدخول فى نفق تباطؤ اقتصادى عام يتمثل فى انخفاض معدلات التشغيل والاستثمار والدخول وأرباح الشركات فى وقت يتزامن مع تدنى النمو فى حجم الناتج القومى إلى حوالى 2%.

 

إن الدول التى طبقت سياسات مالية انكماشية طوعا مثل بريطانيا مؤخرا أو تنفيذا لروشتة صندوق النقد الدولى مثل اليونان، لم تتعافى اقتصادياتها بل على العكس أدت هذه السياسات إلى انخفاض حجم الناتج القومى وانخفاض مستويات المعيشة بدرجات كبيرة الأمر الذى تسبب فى موجات من السخط الشعبى وعدم الرضا، وإن كانت فى النهاية نجحت فى تخفيض العجز عملاً بمقولة «نجحت العملية ولكن فقدنا المريض».

 

• إن التقشف المالى المطلوب تطبيقه يتمثل فى تخفيض الإنفاق الحكومى عن طريق إعادة هيكلة برنامج الدعم وخاصة المنتجات البترولية وفرض ضرائب تصاعدية على الدخل (خاصة الدخول المرتفعة) وزيادة ضريبة المبيعات (يستثنى منها السلع الإستهلاكية التى تستهلك من قبل الفئات محدودة الدخل) والبدء فى تطبيق الضريبة العقارية.

 

• ولكن تطبيق هذه السياسات فى مجملها سيؤدى إلى انخفاض الطلب الكلى ولذا أنصح أن يتم ضخ جزء من الوفر المحقق فى تحسين خدمتى التعليم والصحة والبدء فى مشروعات تحسين البنية الأساسية لتعويض الإنخفاض فى الطلب الكلى وخلق فرص عمل جديدة.

 

• إن الإعلان عن هذه الخطة والبدء فى تطبيقها سيرسل رسالة إيجابية لأسواق المال والمستثمرين عن جدية الحكومة فى تطبيق سياسات مالية رشيدة تعيد التوازن الاقتصادى.

 

•••

 

2- أما فى ما يخص سعر الصرف فلا يجب البكاء على اللبن المسكوب ولننظر بصورة واقعية للمستقبل، والانخفاض الذى شهده سعر صرف الجنيه كان أمرا حتميا فى ضوء الانخفاض المستمر فى احتياطى النقد الأجنبى وكذلك التدهور المستمر فى نشاط السياحة الوافدة ولولا إرتفاع تحويلات المصريين العاملين فى الخارج لكان الأمر أسوأ من ذلك بكثير.

 

•••

 

على الرغم من كل هذا يجب علينا أن ننظر لسعر الصرف على أنه أداة لتحفيز النشاط الإقتصادى ووسيلة لتحسين الميزان التجارى والحساب الجارى فى ميزان المدفوعات.

 

إن إنخفاض سعر الصرف يجعل الصادرات المصرية المنظورة وغير المنظورة أكثر تنافسية معوضا بذلك الزيادة فى تكاليف الإنتاج التى حدثت نتيجة الاستجابة للمطالب الفئوية بعد الثورة كما أنه يكون عاملا جاذبا للإستثمارات المباشرة.

 

لا يمكن تجاهل أن فاتورة الواردات المصرية سترتفع نتيجة انخفاض الجنيه ولكن سيتم ترشيدها بحيث يتم الاستغناء عن تلك الواردات غير الأساسية التى سيرتفع ثمنها إلى حد يتوقف عنده الإقبال على استيرادها.

 

إن المتابع لما يحدث فى العالم يلاحظ أن هناك بداية لحرب عملات بين الدول الصناعية حيث بدأت اليابان فى تخفيض الين الذى إنخفض بالفعل بين 8% و12% أمام العملات الأخرى كذلك الولايات المتحدة الأمريكية مستمرة فى تنفيذ برنامج التحفيز الكمى والابقاء على تدنى سعر الفائدة قصيرة الأجل بالقرب من الصفر. كذلك بدأت بعض دول الإتحاد الأوروبى بالشكوى من إرتفاع اليورو، الأمر الذى يضر بصادراتها ويتوقع أن يتخذ البنك المركزى الأوروبى قريبا قرارا بتخفيض أسعار الفائدة لدفع اليورو للإنخفاض.

 

إن سعر الصرف يعكس الحالة الاقتصادية ولكنه فى ذات الوقت يستخدم كأداة لتحفيز النشاط وتحريك المياه الراكدة وهو متغير كأى من عناصر الإقتصاد فيمكنه الإرتفاع مرة أخرى طالما يحقق التوازن بين مستوى النمو الإقتصادى ومعدلات التشغيل والتضخم.

 

•••

 

مصر فى حاجة الآن لتنظيم البيت من الداخل أكثر من أى وقت مضى وعمل إصلاحات اقتصادية ضرورية كان يجب تنفيذها فى أوقات سابقة ومع ذلك يجب أن نبدأ الآن فهذه مسئوليتنا تجاه الأجيال القادمة.

 

 

 

رئيس مجلس إدارة شركة إتش سى للأوراق المالية والاستثمار

حسين شكري رئيس مجلس إدارة شركة إتش سى للأوراق المالية والاستثمار
التعليقات