الإعلام والثورة المضادة - خالد الخميسي - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 9:50 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإعلام والثورة المضادة

نشر فى : الأحد 20 مارس 2011 - 9:16 ص | آخر تحديث : الأحد 20 مارس 2011 - 9:16 ص
تتضح معالم الثورة المضادة يوما بعد يوم.

على المستوى المحلى هناك تخطيط ذكى لمحاولة تفريغ الطاقات الثورية، وزرع حملات إعلامية منظمة لتشويش الرأى العام بطرح قضايا مغلوطة وتوجيه الفكر إلى ما هو غير جوهرى مع الغوص فى كل ما هو آنى ولحظى دون إلقاء الضوء على الصورة الكاملة، وترويج شائعات كاذبة، وزيادة حملات الاتهامات المتبادلة، والتلويح بانهيار المؤسسات وكارثة الفراغ الدستورى، والاستمرار فى سياسة تعتيم للسيناريوهات المستقبلية لزرع حالة خوف وتوجس مما هو قادم، وتضخيم وجود تيارات الاسلام السياسى فى الشارع المصرى فى ألف، وتغيير وتبديل الوجوه الكئيبة للحزب الوطنى عبر أطول فترة زمنية ممكنة لإعطاء دفقات إيجابية كل فترة للشعب المصرى عبر رسائل تؤكد أن الثورة تتقدم.

أما على المستوى الاقليمى فتقوم السعودية فى شرق الاقليم بقيادة حملات الثورة المضادة كعادتها دائما، وفى البحرين تهاجم قوات الدفاع بكل قسوة الثوار، وفى اليمن بدأت المجازر ضد الثورة، وفى غرب الإقليم يتقدم القذافى يوما بعد يوم للقضاء على الثورة الليبية فى أبشع استخدام للقوة المسلحة ضد الشعب. وعلى الضفة الأخرى من النهر تعلو الروح الثورية واثقة أنها فى نهاية المطاف سوف تنتصر على كل ذلك.

لكى ننتصر على الثورة المضادة لابد لنا أن نقوم بتحليل عميق لما يقوم به أعداء الثورة، لابد أن نفهم خططهم ونفضحها ونواجهها بعد ذلك، لابد من تطوير الفكر النقدى لما نستقبله من سموم يومية عبر الكثير من وسائل الإعلام. وفى الحقيقة فالاعلام له دور مهم فى رسم وتنفيذ خطط الثورة المضادة.

ولذلك سوف أكتفى بالحديث عن الاعلام المصرى كنموذج جيد للثورة المضادة.

بعد الثورات لابد من تغيير قيادات الاعلام. هو أمر معروف للكافة كما أنه بديهى. فمن غير المنطقى أن القيادات التى روجت لنظام مبارك وقامت بتلفيق ونشر حملات أكاذيب متصلة لمدة عقود من الزمن، كما شاركت بايجابية فى خلق نظام فاسد تماما، تكون مستمرة بعد الثورة. من غير المنطقى أن الذى شارك بايجابية فى نشاط الحزب الوطنى ولجنة سياسته التى قامت الثورة لتقويضها يكونوا هم الذين يصيغون اليوم ملامح الثورة المضادة وهم على نفس مقاعدهم على مرمى ومسمع من الشعب الذى ثار.

فى حديث مع الناقد سمير فريد طلب منى قراءة مقال «الرومانسية والواقعية فى الثورة المصرية» للدكتور عبد المنعم سعيد رئيس مجلس إدارة الأهرام باعتباره حسب قوله «مانيفستو الثورة المضادة».

أما وجود الأستاذ أسامة سرايا كرئيس لتحرير الأهرام بعد الثورة هو نكتة ساخرة تنتمى للسخرية السوداء قبل أن تكون أى شىء آخر نتيجة للدور المعروف الذى كان يلعبه لصالح نظام مبارك.

وما يحدث فى الأهرام يحدث مثله فى المؤسسات الصحفية الأخرى. أما فى التليفزيون فالأمر شديد الغرابة.

فالمظاهرات داخله مستمرة مطالبة بإقالة عدد كبير من قيادات نظام مبارك ورافضة رئيس الاتحاد الجديد.

وتأتى على رأس مطالب العاملين بالتليفزيون وكذلك بالتأكيد مطالب الشعب الثائر إقالة السيد عبداللطيف المناوى رئيس قطاع الأخبار الذى رسم السياسة الاعلامية الاخبارية للحزب الوطنى وللجنة سياسته على مدى فترة زمنية طويلة.

ومعروف ما قام به أثناء الثورة المصرية من إشراف كامل على تغطية إخبارية هدفها التعتيم وتلفيق الأكاذيب والاتهامات للشعب المصرى، الثائر ضد الفساد والظلم والاهانة والتجويع والقتل المنظم وغير المنظم.

أصدر أوامره للتحريض ضد المتظاهرين بوصفهم عملاء. ونُشر على الانترنت أن السيدة «مديحة دسوقى» مدير تحرير باحدى النشرات الإخبارية قد أكدت أن مكالمات الاستغاثة من السرقة وهجوم البلطجية التى كانت تهدف لإثارة الذعر والفوضى لدى الشعب المصرى قد تمت فبركتها بأوامر منه وأكدت أن الاتصالات قام بها عاملون فى القطاع وأجريت من التليفونات الداخلية للمبنى.

ورغم القبض على وزير الاعلام ورئيس الاتحاد السابق إلا أن السيد المناوى ما زال على مقعده.

ألم يحن الوقت بعد للنظر للأمور من منطور سياسى بدلا من النظر إليها من منظور الفساد المالى والإدارى فقط؟ بدأت النكات تنتشر أن السيد «المناوى» هو رئيس الجمهورية الخفى، أو أن لديه وثائق تدين شخصية ذات حيثية.

وبدأت الصحف فى نشر حوارات معه بهدف تلميعه وكذلك قام أحد المذيعين بحوار تليفزيونى معه لنفس الغرض.

ورشح العاملون باتحاد الاذاعة والتليفزيون عدة أسماء لتولى المهمة بدلا من القدامى كان أهمها الإعلامى حمدى قنديل رئيسا للاتحاد وحافظ المرازى رئيسا لقطاع الأخبار.

كيف ظل هؤلاء فى مقاعدهم بعد الثورة؟ لأنهم يخططون بكفاءة للثورة المضادة ولعودة الحزب الوطنى باسم آخر ووجوه جديدة لحكم البلاد.

كما يخططون لحملات الاستفتاء وسوف يكونون مفيدين ولا شك فى الحملات الانتخابية القادمة.

أما من يسقط منهم فى الطريق نتيجة لزيادة الضغط الشعبى فلسوف يقدمهم الحكام كقرابين للشعب كى يتهلل فرحا بانتصاراته الجليلة.

هل سوف تنجح خطط الثورة المضادة؟ لا أظن. الثورة سوف تستمر ولن ينخدع الشعب المعلم بالقرابين المقدمة له وسوف تسقط الوجوه القبيحة كلها واحدا بعد الآخر.
خالد الخميسي  كاتب مصري