الترويج للمرض من أجل بيع الدواء - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 8:57 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الترويج للمرض من أجل بيع الدواء

نشر فى : الإثنين 22 يونيو 2015 - 10:40 ص | آخر تحديث : الإثنين 22 يونيو 2015 - 10:40 ص

نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية مقالا كتبه كل من ستيفن فولوشن وليزا شوارتز حول قيام بعض الحملات بالترويج للأمراض بدلا من التوعية بها وبالوقاية منها، مستشهدا بما قامت به إحدى الحملات من ترويج لأدوية التستوستيرون بدلا من التوعية بأضرار هذا المرض.

ويشير المقال فى افتتاحيته إلى أن إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية بدأت أخيرا فى الضغط ضد الإفراط فى وصف العلاج بأدوية هرمون التستوستيرون، بعد مرور سبع سنوات وكتابة 25 مليون روشتة طبية على الأقل و9.7 مليار دولار من مبيعات علاج ذلك الهرمون.

ويوضح المقال أنه فى الشهر الماضى، وفى استجابة لقواعد جديدة طرحتها وكالة الاغذية والعقاقير، نشرت شركات صناعة التستوستيرون تعليمات جديدة للأطباء تبين أنه غير مصرح ببيع العقار للرجال الذين يعانون من انخفاض مستويات هرمون تستوستيرون الناجمة عن الشيخوخة. ويجب على الشركات الآن تحذير الأطباء بشأن احتمال زيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية لدى الرجال الذين يتناولون هذه الأدوية.

وصدرت القواعد بعد أن أعلنت الوكالة فى مارس أنها «وجدت أن هرمون تستوستيرون يستخدم على نطاق واسع فى محاولة لتخفيف الأعراض لدى الرجال الذين يعانون انخفاض هذا الهرمون من دون سبب واضح سوى الشيخوخة. ولم تثبت فوائد وسلامة هذا الاستخدام».

***

وقد أثار المقال فى هذه القضية تساؤلا حول سبب تعاطى هذا العدد الكبير من الرجال هرمونا غير مصرح باستخدامه. حيث بدأت فى عام 2007، زيادة عشرات الأضعاف فى كتابة التستوستيرون فى الوصفات الطبية، عندما أطلقت مختبرات «أبوت» حملة التوعية بمرض انخفاض الهرمون. وحثت الحملة عددا لا يحصى من الرجال فى منتصف العمر الذين يرغبون أن يصبحون أكثر نحافة، مع المزيد العضلات، وأكثر نشاطا وأكثر ارتياحا جنسيا على أن يسألوا أطباءهم عما إذا كان انخفاض هرمون التستوستيرون يمكن أن يكون السبب فى اكتسابهم الوزن، والشعور أحيانا بالحزن أو الغضب، أو النعاس بعد وجبات الطعام.

ويبن المقال أن موقع الحملة قد طرح على الانترنت اختبارا بعنوان يتساءل فيه «هل هو انخفاض تستوستيرون؟» كان ينبه الرجال حول ما إذا كان ينبغى التحقق من مستوى الهرمون لديهم.

وربما كانت علامة إيجابية أن الاختبار قد فقد مصداقيته الشهر الماضى، وذلك بسبب إعطائه نتائج غير دقيقة. بل أن الموقع كان يقدم توجيهات للزوار عن كيفية طرح الأسئلة. وتضمنت الأسئلة المقترحة «بناء على الأعراض التى أشعر بها، هل ينبغى أن أجرى اختبارا لفحص انخفاض التستوستيرون؟».

ويؤكد المقال أنه غالبا ما تطمس الحملات ــ التى تمولها شركات ــ للتوعية بالأمراض، الخط الفاصل بين الرسائل الصحية العامة التى تزيد من الوعى حول الأمراض المهمة، وبرنامج اقتصادى يهدف للترويج لمرض من أجل بيع عقار. وهى معادلة بسيطة: كلما زاد الفحص الطبى، زادت كتابة الوصفات. وعلى ما يبدو، كانت حملة «هل هو انخفاض فى التستوستيرون؟» تهدف لدفع أكبر عدد ممكن من الرجال لطلب التشخيص.

***

ويرى المقال أن المشكلة ليست فى دفع نوعية الرجال (والفتيان) الذين يحتاجون التشخيص بالفعل، مثل أولئك الذين يعانون انخفاض هذا الهرمون بسبب الصدمات النفسية، والعلاج الكيميائى، والتشوهات الوراثية، أو بعض المشكلات الأساسية الخطيرة الأخرى. فهؤلاء المرضى بحاجة إلى التستوستيرون لممارسة حياتهم الطبيعية أو لاستعادة الوظيفة الجنسية. وهم لا يحتاجون إلى حملة توعية.

وكما ترى وكالة الأغذية والعقاقير الآن، فإن فوائد وأضرار علاج انخفاض التستوستيرون للرجال المتعلق بالشيخوخة غير معروفة. وبالنسبة لكثير من الرجال، قد لا تكون الأعراض التى ظهرت فى الإعلانات ذات صلة بمستوى هرمون تستوستيرون. ولهذا تتشكك لجنة استشارات الغدد الصماء التابعة لوكالة الأغذية والعقاقير فيما إذا كان انخفاض الهرمون المصاحب للشيخوخة، مرض أصلا، أم أن الأمر كما جاء على لسان الممثل الكوميدى ستيفن كولبيرد هو مجرد «حالة تعتمدها شركات الأدوية للتأثير على الملايين من الرجال الذين يعانون من انخفاض التيستوستيرون، فيما كان يعرف من قبل باسم التقدم فى السن».

ووفقا لوكالة الاغذية والعقاقير، يعتبر الارتفاع الكبير فى استخدام التستوستيرون ساحق بين الرجال الذين يعانون من الشيخوخة. ولذا يتساءل المقال أنه فى حالة عدم وجود استفادة من وصف هرمون التستوستيرون لهؤلاء الرجال ــ المستهدفين بحملة «هل هو اخفاض التستوستيرون؟» ــ لماذا لم توقف الوكالة الحملة منذ سنوات؟

وتعترف الوكالة أنها تلقت شكاوى حول الحملة لكن لجنة استشارات الغدد الصماء قالت إنها لا تستطيع التصرف، حيث يمكن التدخل فى حملة توعية المرض فقط فى حالة أن تذكر الحملة دواء معينا بالاسم، ولكن لا شك أنه يمكنها التدخل فى الحملات عندما يكون العقار الذى لم يكشف عن اسمه فريدا، كما هو الحال مع «انخفاض التستوستيرون» هنا، فالعلاج هو هرمون تستوستيرون. وقد ذكرت الحملة على وجه التحديد اسم الهرمون فى جميع أشكاله المتاحة (قرص، شريط لاصق، كرة دوارة، جيل، إلخ)، باعتباره علاجا يوصى به.

وحتى لو كانت وكالة الاغذية والعقاقير عاجزة، يعتقد المقال أنه لايزال هناك حل وهو إحالة الأمر إلى لجنة التجارة الاتحادية بالولايات المتحدة. ولكن أيا من الوكالة أو لجنة التجارة الاتحادية لم تتخذ موقفا للحد أو القضاء على حملة «انخفاض التستوستيرون». وقد تعرض المستهلكون لسنوات إلى ما يسمى إعلانات التوعية بالمرض والتسويق التى عبرت بوضوح الخط الفاصل إلى ترويج العقار بدون تسمية.

***

ويبين المقال آسفا أن حملة «هل هو انخفاض فى التستوستيرون؟» لا تعتبر حملة فريدة من نوعها. فهى مجرد مثال لما صار عاديا بالنسبة لشركات الأدوية، ويجب على الجهات التنظيمية اليقظة إزاء مثل هذه الحملات والعمل على الفور عند عبورهم الخط الفاصل بين التوعية والإعلان.

وربما يساعد تحرك وكالة الاغذية والعقاقير الأمريكية أخيرا فى الحد من الوصفات غير اللازمة لانخفاض الهرمون المتعلق بالشيخوخة ــ وهذا شىء جيد. ولكن هذا لا يكفى، حيث تحتاج الوكالة لاستعراض العضلات التنظيمية، والقضاء على ما يسمى حملات «للتوعية بمرض» التى تروج لاستخدامات العقاقير من دون التسمية.

التعليقات