الحوار الوطنى والوثيقة الأمريكية - إكرام لمعي - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 4:43 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الحوار الوطنى والوثيقة الأمريكية

نشر فى : الجمعة 22 يوليه 2022 - 7:15 م | آخر تحديث : الجمعة 22 يوليه 2022 - 7:15 م

أطلق الرئيس السيسى نداءً لحوارٍ وطنى، وبلا شك أن هذا الحوار مهم وضرورى، وفى ذات الوقت هو جميل وبديع ومتحضر، فنحن شعب معروف عنه كثرة الكلام، ولا نجد لدينا ظاهرة الشعوب الصامتة بطريقتها الجامدة والتى انتشرت فى بعض الدول الديكتاتورية أو غير المتحضرة رغم ظهور حكامهم للجماهير بكثرة ورغم ابتسامات حكامهم التى ينشرونها فى كل اتجاه. وبلا شك هناك أنواع كثيرة للحوار، والحوار الوطنى كلمتان فى غاية الأهمية والخطورة، وقد ترددا معًا مرتبطين بصورة مكثفة، وبالتالى أى مُصطلح يردد كثيرًا على صفحات الصحف وعلى الهواء فى الإذاعة والتلفزيون يكون مصيره واحدا من ثلاثة:
المصير الأول: تجاهله بسبب كثرة الترديد للمصطلح والتى عاشها ومارسها الشعب المصرى فى العصور السابقة منذ ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢م على الأقل، بل ومن قبل ذلك، وكانت النتيجة فى كل مرة سيئة؛ حيث يتحمس البشر لنقد الشعار المرفوع، لكن شيئا فشيئا يكتشف الشعب المصرى أن للحوار حدودا معينة، وأن هناك أسماء لا يجب المساس بها، وهناك أيضًا موضوعات يُحرم تناولها، وإذا بدأ الحوار حولها فلا بد أن يكون له حدود واضحة وعادة يرجع المتحاورون إلى نقطة الصفر بأسى واشمئناط إلى الخلف.
أما المصير الثانى: درجة حماس الشباب الذى لم يمارس الحوار الوطنى من قبل وهم بالطبع فى العشرينيات من العمر، وبلا شك هم سمعوا عما حدث فى التاريخ من وأد «دفن» للحوار إذا مس شخصيات بعينها، أو تناول موضوعات بعينها لكنهم يحملون على أكتافهم آمالا يريدون تحقيقها، ويقولون لأنفسهم ولبعضهم البعض: نحن جيل مختلف عن الأجيال السابقة وهناك وعود بالانفتاح على الموضوعات المحرم تناولها ووعود بمزيد من الديمقراطية والإصغاء الجاد... إلخ.
أما المصير الثالث: فهم الذين يتحمسون بشدة للرئيس السيسى وسياساته ولا يقفون أمام تاريخ الحكومات والادارات السابقة غير الموفقة. ويبدأون وكلهم حماس ورؤى ويذكرون أنفسهم بمن سبقوهم ويحاولون تجاوز أخطائهم، وشعارهم جيل جديد مع رئيس جديد مختلف وشجاع.
من هذا الموقف أو المواقف نحتاج إلى تنبيه أولئك الذين ينادون بالحوار الوطنى إلى ثلاث نقاط هامة:
الأولى: عليهم أن يتوقفوا عن ترديد الأساليب والشعارات القديمة مثل: «أمجاد يا عرب أمجاد» «وقل ما بدا لك نحن رجالك ودراعك اليمين»، أو أنت القائد الملهم وعليكم الأمر وعلينا الطاعة، والخارج عن الطاعة منبوذ مسجون يا ولدى.
أما النقطة الثانية: أن يكون لديهم مشروع جديد تستحقه مصر بكيانها التاريخى العظيم وحاضرها ومستقبلها وذلك فى شكل دراسة مستفيضة يقومون بتقديمها بطريقة عرض حديثة ومبتكرة ويكون لديهم الاستعداد لتغيير بعض النقاط، وإضافة نقاط أخرى مختلفة لم تكن فى المشروع المقدم منهم.
النقطة الثالثة: الاستغناء عن الشخص لأجل الموضوع أى التجرد، يقومون بتقديم مشروعهم وإذا رأوا أثناء التقديم أنه هناك من هو أجدر منهم سياسيًا وعلميًا وقدرة لتحقيق مشروعهم بطريقة أفضل وأقوى وأسرع فليفعلوا ذلك بتجرد شديد وذلك سواء استعانوا هؤلاء الخبراء بهم لتحقيق مشروعهم على الأرض من عدمه، وهنا يكفيهم شرف التفكير والعطاء لمن يستطيع التحقيق.
• • •
هنا نخرج ــ عزيزى القارئ/ عزيزتى القارئة ــ إلى ترتيب وتنظيم لقاء الحوار الوطنى، والحوار الوطنى يُعرف بدعوة من الرئيس السيسى والذى تعهد باحترام وتحقيق ما تنتهى إليه المناقشات وما تتفق عليه الأغلبية ومن هنا علينا أن نؤكد أنه لكى ينجح الحوار علينا أن نفكك الاحتقان السياسى، وتصفية ملف المحبوسين فى قضايا الرأى. وفى تقديرنا الذى نداوم على ذكره منذ سنوات ماضية أن هذا الموضوع لا بد من الإسراع فيه لأنه إنسانى من الدرجة الأولى.
أما الأمر الثانى المهم فهو مراجعة تركيب البرلمان من أساسيات بداية مرحلة جديدة متميزة وقادرة على إصلاح ما حدث من سياسات خرقاء.
من هنا نأتى إلى أنواع الحوار الدولى لكى نتعلم منها ونمارسها، ومن النماذج التى يجب أن نتناولها ذلك الحوار الذى دار بين رئيس الولايات المتحدة من ناحية وبين زعماء الوطن العربى من الناحية الأخرى، وبادئ ذى بدء ما الذى أفادنا من زيارة بايدن للشرق الأوسط، وهل هى زيارات هامة للشرق الأوسط بالذات؟، لا شك أن هذه الزيارة جاءت كمبادرة من الولايات المتحدة للحديث ومخاطبة رؤساء الدول العربية التسعة ومنهم (مصر – السعودية – الإمارات) وجاءت لنسف الجليد السائد بين الولايات المتحدة من ناحية وبين الدول العربية من الناحية الأخرى. إنها مبادرة أمريكية للحوار الحقيقى، ووضح أن القمة أعطت مؤشرًا أن الجانب الأمريكى تيقن بأهمية الشرق الأوسط (مصر – السعودية – الإمارات) والقمة هنا هى بداية مرحلة جديدة من الحوار بين العرب وبعضهم البعض، وكسر الجليد بينهم والذى طال وجوده عبر الزمان وكذلك كسر الجليد بينهم كجماعة أو منطقة يحكمونها وبين أمريكا فى الجانب الآخر، ومن الواضح أن هذه القمة أنهت جزءًا من الخلاف بينهم كعرب باستئناف الزخم الذى حدث مؤخرًا فى المنطقة.
وهكذا جاءت نتيجة الحوار: القمة الأمريكية مع الدول الخليجية العربية من ناحية وبين امريكا والدول التسع الأخرى بأهمية تأمين الطاقة لأمريكا، كذلك جاء الموقف المتشدد مع إيران من ناحية، وأبدى قادة القمة سعادتهم باستضافة قطر لكأس العالم. إنها عودة الشراكة التاريخية بين أمريكا والدول العربية، وبقراءة البيان الصادر بين أمريكا ومجموعة الدول العربية نجده يركز على العلاقة العربية الأمريكية أى بلاد الخليج وأيضًا مصر... إلخ، مع ضرورة تعميق التعاون المشترك بين تلك الدول العربية وبعضهم البعض من ناحية وبينهم مجتمعين مع أمريكا من الناحية الأخرى، لقد التزمت واشنطن بأن شركاءها فى المنطقة لهم الحق فى الدفاع عن أراضيهم.
وجاءت وثيقة (أمريكا – أمن الخليج)، أما الدول صاحبة التاريخ العريق لم تصدر وثيقة مكتوبة معها ورضوا بالوثيقة الشفهية!
فى البند الثالث: الرؤيا المشتركة لمنطقة يسودها السلام والازدهار وضرورة استخدام حماية أمن الخليج وذلك بعد جدل استمر لسنوات بشأن إمكانية انسحاب أمريكا، وحفظ أمن واستقرار المنطقة واحترام السيادة الدولية والإقليمية وحسن الجوار، وحماية أمن الخليج. ولله الأمر من قبل ومن بعد.

إكرام لمعي  أستاذ مقارنة الأديان
التعليقات