الوزير الصالح وتضارب المصالح - أميمة كمال - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 1:03 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الوزير الصالح وتضارب المصالح

نشر فى : الأحد 23 يونيو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 23 يونيو 2013 - 8:00 ص

خبر صغير فى صحيفة الأهرام تسلل يوم الخميس الماضى إلى الصفحة الثالثة، فى أغلب الظن من وراء ظهر الرقيب. والخبر المتسلل فى «عز» أيام النهضة الإخوانية هو أن الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء «الحالى» قد تصالح مع حاتم صالح وزير الصناعة «الحالى» فى قضية احتكار الألبان، بعد تغريمه 200 ألف جنيه نظير التصالح. والوزير صالح الذى تصالح دون أن تثبت براءته، يجلس الآن على قمة الوزارة التى يتبع لها جهاز «حماية المنافسة ومنع الاحتكار»، وهو الجهاز ذاته الذى حول الوزير الحالى إلى النائب العام بتهمة الاحتكار، وذلك قبل أن يصبح وزيرا، وأيام كان يشغل منصبا تنفيذيا فى شركة بيتى. حيث كان ممثلا لها فى قضية الاحتكار.

 

هذا هو فحوى الخبر الذى نشر مبهما. ولفك هذا الإبهام نقول إن الوزير «الصالح» كان مسئولا تنفيذيا فى الشركة الدولية لمشروعات التصنيع الزراعى (بيتى). بل وكان على قائمة الاتهام فى قضية احتكار الألبان. وبينما كان هشام قنديل يبحث عن وزير جديد للصناعة فى تشكيله الوزارى، لم يجد أصلح من «صالح» ليضعه على رأس وزارة الصناعة، التى تشرف على الجهاز الذى يحارب الاحتكار. وعندما جاء الوزير «الصالح» إلى الوزارة، بدأت الأقاويل والانتقادات تثار حول تضارب المصالح بين كون الوزير متهما فى قضية احتكار، وفى نفس الوقت مسئول عن الجهاز الذى يراقب التصرفات الاحتكارية. فانتفض رئيس الوزراء ونقل الإشراف على الجهاز إلى رئيس مجلس الوزراء تحت دعوى الخوف من تضارب المصالح. وفى صورة تذكارية شهيره تصدرها هشام قنديل مع منى الجرف رئيس الجهاز تم الإعلان عن أن قنديل أصبح مشرفا على الجهاز.

 

●●●

 

وكان هذا التصالح العائلى الذى أعلنت عنه الصحيفة بين رئيس الوزراء وزميله فى نفس الوزارة، إيذانا بغلق ملف احتكار الوزير (الإخوانى) ومقدمة ضرورية لقرار فورى صدر من المستشار مصطفى الحسينى المحامى العام لنيابة الأموال العامة العليا بحفظ التحقيقات فى القضية، بناء على تصالح الأخوين «الصالح» و«القنديل». أى تم غسل ذمة الوزير بأقل من ربع مليون جنيه. دون أن يعرف المصريون ما إذا كان الوزير المتهم بالاحتكار طرفا أو شريكا فى حرمان ملايين الأطفال من شرب كوب لبن يكون سعره فى متناول يد أولياء أمورهم، أم أن الوزير برىء وأسعار الألبان كانت ترتفع بفعل فاعل غير الوزير وأقرانه فى الشركة.

 

وبذلك لم يعد خفيا على أحد أن الدكتور قنديل عندما كان ينقل الإشراف على الجهاز من الوزير «صالح» إلى رئيس الوزراء كان لا يريد سوى تطبيق قاعدة «بيدى لا بيد صالح». واتضح أن كل ما كان يرغب قنديل فى تحقيقه هو توفير غطاء للوزير يجعله لا يستشعر الحرج عندما يتصالح مع نفسه فى قضية الاحتكار. ففعلها رئيس الوزراء بدلا منه. والحقيقة فعلها الاثنان دون أن ينشغل أحدهما بضرورة أن يثبت الوزير براءته حتى يستحق البقاء فى منصبه، ويستطيع أن يفتح عينه فى أى محتكر للسوق بعد ذلك.

 

●●●

 

انتظرت أن أسمع صوتا من السيد حسن مالك القيادى الإخوانى البارز الذى ليس له موقعا تنفيذيا فى الحكومة، ومع ذلك أعلن مؤخرا عن تصديه لوضع مشروع قانون لمنع تضارب المصالح. بل وعقد عدد من الجلسات المغلقة بجمعيته «ابدا»، التى أصبحت بمثابة الوزارة رقم (35) فى الحكومة، من أجل الانتهاء من وضع القانون. إلا أنه فضل الصمت.

 

 وكان «مالك» قد أعلن أنه استعان بمشروع القانون الذى وضع مسودته الدكتور زياد بهاء الدين رئيس هيئة الاستثمار الأسبق. ولذلك لا يساورنى الشك من أن عين السيد مالك قد وقعت على المادة الثانية من القانون التى تصف تعارض المصالح بأنه «كل موقف يكون فيه للمسئول الحكومى مصلحة مادية، أو معنوية لنفسه، أو لشخص مرتبط به، تتعارض مع ما يتطلب منصبه من نزاهة واستقلال. وكذلك كل موقف يمكن أن يثير الشك، أو الشبهة فى وجود هذا التعارض».

 

ومن المؤكد أن السيد مالك قد قرأ المادة (15) التى تنص على أنه «فى جميع الأحوال تقع مسئولية تجنب تعارض المصالح على المسئول الحكومى فيما لم يرد ذكره من أحكام فى هذا القانون، بما يؤدى إلى الحفاظ على هيبة الدولة، ونزاهة المنصب»، أى أن الوزير واقع لا محالة فى شرك هذا القانون لو صدر.

 

ولابد أن عين السيد مالك أيضا قد لمحت ما يجب على المسئول الحكومى أن يفعله فى حال تضارب مصالحة الخاصة والعامة من أن «يلزم على المسئول الحكومى متى نشأ تعارض بين منصبه العام ومصلحته الخاصة أن يتنازل عن المصلحة الخاصة، أو يمتنع عن الاستمرار فى منصبه العام وإلا كان مرتكبا لجريمة»، وهذه الجريمة عقوبتها الحبس والغرامة.

 

ولا أعرف ما إذا كانت واقعة الوزير «الصالح» قد تدفع السيد مالك إلى الإسراع فى إصدار قانون تضارب المصالح، أم على العكس أن هذه الواقعة هى التى جعلته يتأنى طوال الأيام الماضية، ولا يتعجل فى إصدار القانون بعد أن كان متحمسا له.

 

●●●

 

وشر البلية أن قانون زياد ينص على أن «يتعين على المسئولين الحكوميين أن يضعوا لائحة عمل داخلية للعاملين فى الوزارات والمصالح والهيئات والجهات التى يرأسونها لوضع قواعد خاصة بمنع تعارض المصالح»، أى أن الوزير «صالح» الذى تنطبق عليه كل بنود قانون تضارب المصالح، سيكون عليه أن يضع قواعد للعاملين لديه حتى لا تتضارب مصالحهم الخاصة مع الصالح العام.

 

وبالرغم من أنى أنتمى لذلك الجيل الذى كان يشرب مرار عصر مبارك، ويحاول أن يخفف من وقع تصرفات حكام هذا العصر بإعتماد مقولة «شر البلية ما يضحك». لعلنا نرى فى بلاويهم ما يضحكنا ويسرى عنا. ولكن شر بلاوى هذا العصر الذى نعيشه تجعل «شر البلية لا يضحك أحدا» ولكن يأتى على الناس بالموت كمدا، أو غيظا، أو استشهادا.

أميمة كمال كاتبة صحفية
التعليقات