إطلالات على القانون (2 ).. تفسير العقد المدنى - رانية فهمى - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 10:58 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إطلالات على القانون (2 ).. تفسير العقد المدنى

نشر فى : الإثنين 24 يونيو 2024 - 6:30 م | آخر تحديث : الإثنين 24 يونيو 2024 - 6:30 م

كيف يُفسّر العقد المدنى ذو العبارات غير الواضحة أو سكوته عن وضع معين؟

ما الذى يحدث حين تكون عبارات العقد المدنى غير واضحة وتحتمل تفسيرات عدة مما قد يخلق نزاعات بين الأطراف قد تؤدى بهم للجوء للقضاء؟ هنا يحث مُشرّع القانون المدنى القاضى، عند التدقيق فى ألفاظ العقد، على البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين بدون الالتزام بالمعنى الحرفى للألفاظ، وهذا البحث يتطلب منه الرجوع لطبيعة التعامل بينهما وإلى المفاوضات التى سبقت تحرير العقد. وهناك قواعد لتفسير العقد يمكن للقاضى الاستعانة بها منها ما يلى:

الشك يفسر لمصلحة المدين

إذا عُرض عقد أمام المحكمة لوجود خلاف حول تطبيقه بين طرفى/أطراف العقد والقاضى وجد بعض عباراته أو شروطه مبهمة بمعنى أنها تحتمل أكثر من معنى، أو أنها غير واضحة أى إن القاضى وجد صعوبة فى فهم معناها لأول وهلة، فإن القاعدة التى استند إليها القانون المدنى المصرى هى أنه فى حالة الشك فى تفسير الشرط، يفسر هذا الشك لمصلحة المدين.

واللافت أن المقصود بالمدين هو الشخص الذى من الممكن أن يتضرر من هذا الشرط  فى العقد. فمثلا فى عقود الإيجار، بالنسبة للمستأجر المنتفع بشقة مقابل أجرة يدفعها، فلو كان هناك شرط ليس واضحا فى العقد يمكن تفسيره على أنه يخفف من مسئوليات المؤجّر التى تتمثل فى ضرورة قيامه بصيانة للشقة قبل تأجيرها من ترميمات وصيانة الصرف الصحى وأجهزة التكييف، فالشرط فى العقد احتُمل تفسيره على أنه ألغى صيانة الصرف الصحى مثلاً، فالقاضى يقدّر إذا كان هذا التخفيف سيضر بمصلحة المستأجر باعتباره الطرف الذى يمكن أن يتضرر من الشرط غير الواضح فيراعى مصلحة المستأجر أولا فيُلزم المؤجر بالقيام بأعمال الصيانة.

وإذا كان الشرط غير الواضح ممكن تفسيره على أنه تخفيض فى الأجرة، فالقاضى يراعى مصلحة المؤجّر أولاً  لكونه الطرف الذى سيتضرر من الشرط غير الواضح فيزيد الأجرة للحد المعقول والسائد فى الإيجارات المماثلة.

السكوت علامة الرضا

هل يعتبر تصرفا قانونيا إذا استمر المستأجر الذى انتهى عقد إيجاره فى الانتفاع بالشقة والمؤجر سكت عن ذلك؟ أو الموظف الذى انتهى عقده مع الجهة التى يعمل بها واستمر فى العمل؟

نعم هذه تصرفات صحيحة قانونيا حيث يُعتبر هذا السكوت وفقا  للقانون المدنى رضا وقبولا من المؤجر على أن يستمر سكن المستأجر فى الشقة. وفى هذه الحالة يُعتبر الإيجار إيجارا جديدا بشروطه الأولى ولكن لمدة غير معينة (مادة 599 من القانون المدنى) إلا لو اتفق الطرفان على كتابة عقد جديد.

ونفس الحالة بالنسبة للموظف الذى انتهى عقده مع الجهة التى يعمل بها: لو الموظف وصاحب العمل اتفقا على استمراره فى عمله بعد انتهاء عقده ولم يعترض صاحب العمل، يعتبر هذا قبولاً منه لتجديد عقد العمل.

العام يظل على عمومه حتى يخصص، والمطلق يظل على إطلاقه حتى يقيد

ولفهم هذه العبارة نورد مثلاً: إذا كان احتساب قيمة الصيانة السنوية بالنسبة لكل عقار فى مجتمع سكنى يشترك فيه جميع السكان فى الانتفاع بالخدمات العامة، من كهرباء ومياه وصرف صحى وخدمات أخرى، يتم على أساس مساحة الأرض المبنية، فإن هذه المساحة تُحسب بالمتر المربع لكل العقار خاصة إذا كان متعدد الطبقات وليس على أساس مساحة الأرض نفسها كمسطح بُنى عليه العقار. فهذا تخصيص للمبدأ العام بدون مبرر قانونى الذى يرمى إلى أن انتفاع صاحب العقار متعدد الطوابق من الخدمات العامة هو بطبيعة الحال أكبر من انتفاع صاحب نفس مساحة الأرض المبنية على طابق واحد ولذلك يجب على صاحب متعدد الطبقات دفع مبلغ صيانة أكبر حتى لو كانت مساحة قطعتي الأرض متساوية أفقيا.

وإذا أجر شخص محلا وكتب فى عقد الإيجار أن النشاط هو محل ملابس ولم يذكر أن كلمة «محل» مقصود بها تقسيم المساحة إلى ورشة تصنيع الملابس بالإضافة إلى مساحة لبيع الملابس المصنعة فى الورشة، فلو نازع المؤجر فى تفسير العقد قضائيا على اعتبار أن كلمة «محل» المقصود بها فقط البيع وليس التصنيع، فهذا تخصيص للعام بدون مبرر.

التعليقات