هو فى إيه؟ - أميمة كمال - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 2:59 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هو فى إيه؟

نشر فى : الإثنين 24 أكتوبر 2011 - 9:15 ص | آخر تحديث : الإثنين 24 أكتوبر 2011 - 9:15 ص

تصيبنى الحكومة الحالية بحالة من الارتباك العقلى لم أعشها من قبل فالوزراء يتصرفون فى كل شئوننا بالشىء وعكسه، والأمر ونقيضه. وإلا ما الحكمة من أن يعلن أمس الدكتور حازم الببلاوى وزير المالية عن نية الحكومة الطعن على حكم القضاء الإدارى بعودة ثلاث شركات من شركات القطاع العام التى تمت خصخصتها إلى الدولة، بعد أن أثبت القضاء فساد العقود التى تم البيع بمقتضاها. ما الذى يدفع وزير المالية إلى هذه الخطوة فى حين أن الشركة القابضة للصناعات الكيماوية قد اتخذت خطوات فعلية لتسلم شركة طنطا للكتان بعد أن شكلت لجنة من رئيس شركة باتا الذى بدأ فى حصر أصول الشركة تمهيدا لتعيينه مفوضا عاما عليها، بعد الانتهاء من تسلمها. وكذلك قطعت الشركة شوطا فى التفاوض مع المشترى لرد الأموال المدفوعة فى الصفقة. وأصدر رئيسها تصريحا بعد الآخر يؤكد فيه أنه لا نية لديه للطعن على الحكم.

 

أى أنه فى ذات الوقت الذى تؤكد فيه الشركة القابضة أنها بصدد الالتزام بتنفيذ أحكام القضاء نفاجأ بوزير المالية يخرج بهذا التصريح الاستفزازى الذى دفع عددا من العمال أمس إلى التظاهر أمام ابواب الشركات القابضة للمطالبة بعدم استجابة رؤسائها لضغوط المسئولين فى الحكومة لتقديم الطعون.. لأن العمال يدركون أن ثمة ضغوطا على رؤساء الشركات القابضة من أجل أن يقوموا نيابة عن الحكومة بتقديم الطعون. فالحكومة تريد أن تختبئ وراء الشركات تجنبا لغضب الناس.

 

والحقيقة أن الاستفزاز فى تصريح الدكتور الببلاوى يأتى من كونه تحدث عن صعوبة تنفيذ استرداد بعض الشركات وساق اسبابا لن تقنع الآلاف من أصحاب المصلحة فى عودة هذه الشركات. فهو قال إن هناك صعوبة لاسترداد شركات مثل التى مر على بيعها 15 عاما قاصدا بذلك شركة المراجل البخارية. الدكتور الوزير تحدث عن صعوبة التنفيذ، دون أن يختبر ضميره بقراءة سبب بطلان العقد، لأنه لو فعل لوجد أن صعوبة التغاضى عن سبب إبطال العقد، أصعب كثيرا من الحديث عن صعوبة الإجراءات التنفيذية. التى كل ما تحتاج إليها هى إرادة سياسية... فقط إرادة سياسية.

 

وأنا أدعوك يا سيادة الوزير قبل أن تقرر الطعن على حكم المحكمة، أو أن توصى، او تدفع، أو تضغط فى هذا الاتجاه أن تقرأ الأسباب التى ساقها المستشار حمدى ياسين رئيس الدائرة التى أبطلت عقد بيع شركة المراجل. القاضى حكم بفساد عملية البيع لأنها تمت بشكل عائلى أى من أب لنجليه. أى أن الأب المهندس محمد عبدالمحسن هلال شتا رجل الأعمال، والذى كان يشغل فى ذلك الوقت منصب عضو مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الهندسية (وهو ما يخالف كل قواعد تعارض المصالح) وهى ذات الشركة التى باعت المراجل البخارية لشركة «بابكوك آند ويلكوكس إنترناشيونال إنفيستمنت». وهى الشركة التى كان يساهم فيها اثنان من أنجال المهندس محمد عبدالمحسن شتا وهما (هشام محمد شتا) (وخالد محمد شتا) وتمثل نسبة مساهمتهما 49%. وبالطبع لا يستطيع أحد أن ينازع  فى أحقية الأب فى أن يهدى نجليه الشركة الوحيدة التى كانت تنتج أوعية الضغط العالى فى الشرق الأوسط فى ذلك الوقت. ولكن قد يحز فى أنفسنا عندما نجد أن الأب بعد فترة يدخل هو الآخر شريكا لهم فى البيعة، ليتقاسمها الثلاثة، مستأثرين بها بعد أن أخرجوا الشريك الأجنبى من الشركة. حيث صدر قرار لاحق من رئيس هيئة الاستثمار بتغيير اسم الشركة لتصبح (الشركة الدولية لتصنيع المراجل والأعمال المعدنية) بعد أن خرج منها الشريك الأجنبى، لكى يتملكها بالكامل الأب وولداه. ثم يقسمون الشركة مرة أخرى لشركتين يرأس احداهما الأب.

 

ولا أعرف على ماذا سيستند الدكتور الوزير عندما يطعن فى الحكم هل سيقول إن من حق الأب أن يعيش أبناؤه فى عزة؟ أم سيقول أن عاطفة الأبوة أقوى من أغنى شركات العالم كلها فما بالك ونحن نتحدث عن شركة واحدة وتقع فى منيل شيحة؟.

 

فإذا كان الدكتور الببلاوى قد استقال من قبل مكتفيا بعدة ساعات فقط اعتذارا على ما اقترفته الحكومة فى حق بعض المصريين فى موقعة ماسبيرو، فعليه أن يستعد من الآن باستقالة طويلة الأمد إزاء ما يعتزم هو القيام به فى حق الشعب المصرى كله. وهو حق مسح أثار عدوان النظام السابق علينا، من سرقة لأموالنا، وإفساد لقيمنا، وقطع أرزاق لعمالنا.

 

والحقيقة أن ما كل يحدث يجعلنا نسأل أنفسنا فى كل طلعة شمس هو فى ايه؟ كان فى ثورة فى مصر... ولا إيه؟.

أميمة كمال كاتبة صحفية
التعليقات