نسألك اللطف في الزبادى والآيس كريم - أميمة كمال - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 3:56 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نسألك اللطف في الزبادى والآيس كريم

نشر فى : السبت 25 يوليه 2009 - 7:55 م | آخر تحديث : الأحد 26 يوليه 2009 - 8:48 ص

 
لا أعرف كيف مر على الجميع رقم هائل أعلنه السيد وزير الاستثمار د.محمود محيى الدين، فى إطار تباهيه بالتطورات التى لحقت بسوق المال، حول حجم الاستحواذات التى تمت خلال عام 2007-2008 والتى قال إنها وصلت إلى 123 مليار جنيه، بينما لم تكن تتجاوز 3. 6 مليار جنيه منذ 3 سنوات فقط. يعنى زادت خلال هذه الفترة بنسبة وصلت إلى 3301% وهى نسبة تستحق منا الانتباه. فهناك هرولة من جانب شركات كثيرة مصرية وعربية وأجنبية للاستحواذ على حصص أغلبية، أو لشراء كامل الحصص فى شركات مصرية بغرض السيطرة على إدارتها.
وهذه الشهية المفتوحة للسيطرة على الشركات لم تزد بنسبة ألف ولا ألفين ولا ثلاثة بل تعدت كل ذلك. ولم تقتصر هذه الشهية على الاستحواذ على شركات الأكل والشرب واللبس، ولكن وصلت إلى الحديد والأسمدة والخدمات الطبية والسياحية ولم تترك مجالا إلا وشاورت عقلها للانقضاض عليه.

والعاقل منا عليه أن يأقلم نفسه من الآن ويقبل بنفس راضية أن تسيطر فى المستقبل القريب شركة أو شركتان على سوق الألبان والجبنة والزبادى والحلاوة الطحينية والآيس كريم، بل وتتفقان سويا على اقتسامنا بدون منازعة.
فإذا كان قانون المنافسة ومنع الاحتكار لديه من السماحة ما يجعله يترفق بالسادة المستحوذين ويترجاهم مراعاة قواعد (الإتيكيت) التى تقضى بإخطار «جهاز المنافسة ومنع الاحتكار» عند الاستحواذ (الإخطار ليس أكثر ولا أقل). وإذا تعذر هذا الإخطار لضيق الوقت، أو ضيق الصدر من تدخلات جهاز المنافسة، فما على «المتعذر» هذا سوى أن يدفع غرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تتجاوز 100 ألف جنيه. إذا كان قانونا بكل هذا القدر من السماحة فماذا عسانا أن ننتظر من الإخوة المستحوذين؟

فإذا عرفنا أن «شركة أوراسكوم للإنشاء» استحوذت على 100% من «الشركة المصرية للأسمدة» بقيمة بلغت 159 مليون دولار يعنى حاجة بتاعة 800 مليون جنيه، و«شركة المنصور والمغربى» التى استحوذت على «شركة بالم هيلز» بقيمة 328 مليون جنية، أو المستثمر الهندى الذى استحوذ على 100% من «الإسكندرية للخدمات الطبية» بقيمة تجاوزت 96 مليون جنيه. هذا قليل من كثير تم فى العام الماضى فقط. إذا عرفنا كل هذا فلا يصبح موضوع إخطار جهاز المنافسة ومنع الاحتكار ذى بال سواء كلفت الشركة المستحوذة نفسها عناء هذا الإخطار، أو وسوس لها شيطان السهو أن تتناسى الأمر برمته فما عليها سوى أن تقذف ببضعة آلاف من الجنيهات للجهاز لزوم غض البصر عن العملية الاستحواذية.

أما العام الحالى فالشهية زادت على الآخر ونجحت «شركة المراعى» السعودية فى الاستحواذ على «شركة بيتى» المنتجة للألبان والعصائر بقيمة بلغت 560 مليون جنيه.

إلا أن المقامات محفوظة لشركة جذور (إحدى شركات التابعة لشركة القلعة) التى كان لها السبق فى الاستحواذ على «مزارع دينا» بقيمة بلغت 480 مليون جنيه، «والرشيدى الميزان» للحلاوة الطحينية، وأكملت مسيرة الاستحواذ هذا العام بنجاحها فى ضم «شركة إنجوى» إليها بإجمالى 80 مليون جنيه.

ولا يفتنا بالطبع فى هذا المقام أن نذكر بالخير «شركة نستله» العالمية التى كانت بمثابة «فاتحة شهية» لكل من جاء بعدها من مستحوذين والتى سيطرت مبكرا على شركتى «دولسى» «وكيمو» وأصبحت تتحكم حاليا فى 80% من سوق الآيس كريم المحلية.

ويبدو أن المسئولين لدينا لم يتعظوا من «واقعة الحديد والأسمنت» حيث كانت الاستحواذات تمر يوميا أمام أعينهم وتقع كل يوم شركة جديدة تحت السيطرة دون أن يقف مسئول واحد يحسب لمن كل هذه الاستحواذات، وإلى أين ستصل بهذا القطاع أو ذاك، حتى وقعت الواقعة وأصبح هذان القطاعان خارج السيطرة.

وإذا كان التعديل فى قانون المنافسة الخاص بعدم جواز إتمام أى عملية استحواذ من جانب أى شركة إلا بعد الحصول على موافقة من جهاز منع الاحتكار، والذى يدرس ما إذا كان هذا الاستحواذ من شأنه حدوث حالة احتكار من عدمه، بحيث لا يتم الاكتفاء بإبلاغ الجهاز فقط دون الحصول على موافقته كما هو عليه الحال الآن. إذا كان هذا التعديل فى كل مرة يدخل مجلس الشعب ضمن تعديل آخر يتعلق بتغليظ العقوبة على المحتكرين مما يجعله يخضع لمهاترات جماعات «أحباء أحمد عز»، أو «أعداء العز» فلا يخرج نتيجة للعبة توازنات القوى فى المجلس. ألا يجدر بأحد من المسئولين أن يتبنى فكرة إدخال هذا التعديل منفردا، وبعيدا عن اللعبة إياها حتى نضمن أن يفلت بجلده. وإذا كان القانون لم يحمنا فى السابق من احتكارات الحديد والأسمنت، فيمكن أن يلطف بنا فى الزبادى والآيس كريم.

أميمة كمال كاتبة صحفية
التعليقات