جرأة التغيير - داليا شمس - بوابة الشروق
الثلاثاء 7 مايو 2024 6:05 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جرأة التغيير

نشر فى : الأحد 26 يناير 2014 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 26 يناير 2014 - 8:00 ص

يتسرب أحيانا الملل إلى النفس بشكل يجعل الكتابة مستحيلة.. الخط الوحيد لا يصنع أشكالا.. والكلمات تستعصى على صاحبها.. وقتها يشعر من يمتهن الكتابة بشكل أو بآخر أنه مصاب بعطل مفاجئ، وأن مسامير الدماغ بحاجة إلى نوع من الضبط والربط، وأن التغيير لابد أن يأتى لبث روح الحماسة داخلنا.

عندما يسعدك الحظ وتطلع على مسودات كتاب من المشاهير ( سواء من كانوا يؤلفون على ورق أو آلة كاتبة أو كمبيوتر، بحسب زمانهم وعاداتهم) تكتشف أوقاتا من التعاسة والمرح.. وقد تلحظ أياما من الانقطاع، لم يضف خلالها المؤلف تفصيلة واحدة لشخصياته.. ترى رسومات ونكات بعض المبدعين، فى الهوامش، وهم يتندرون على أنفسهم وعلى شخصياتهم، ثم يتوقفون عن اللعب والعمل.. ويكون هناك لا شىء.. فراغ عميق، قد يستمر لأيام وأسابيع أو سنوات..

•••

فى مراحل معينة نشعر أننا بحاجة إلى انتفاضة فى حياتنا.. هناك من يملك الشجاعة لتصحيح المسارات والمواقف.. وهناك من يظل قابعا، يخشى مراوحة مكانه، حرصا على ما حققه من إنجازات.. اللعبة بالأساس مكسب وخسارة، ومن لا يعرف المغامرة ويستسلم للعادة ويصبح عبدا لها، يموت ببطء دون أن يحقق حلمه لأنه لم يخاطر فى سبيله، لم يستمع إلى صوته الداخلى.. لم يعرف متى يتوقف عن الروتين اليومى ليكتشف آفاقا جديدة وجزرا لم تطأها قدم، لأنه بالفعل هناك مناطق فى الحقيقة كما فى الخيال لم تطأها قدم.. بعيدا عن الإعلانات العقارية ومثيلاتها عن فرص الزواج التى تتجاور على صفحات المطبوعات الدعائية المجانية.

•••

تنشر بعض الصحف الغربية، من حين إلى آخر، حكايات عن رجال ونساء قرروا التوقف عن عملهم وهم فى أوج تألقهم ليفعلوا شيئا مختلفا.. يعتبرهم آخرون مجانين، خاصة فى ظل الأزمة الاقتصادية الحادة والمستمرة منذ سنوات، لكنهم يرددون أنهم أكثر سعادة.. منهم من اختار تربية طفل طال انتظاره فقرر أن يستمتع به، ومنهم من لف العالم على دراجة وكتب عن رحلته، أو صنع قطعا فنية صغيرة صديقة للبيئة، أو فضل نمط العمل خارج المؤسسات من خلال مساحات تشاركية يؤجرها بالساعة لإنجاز شغل معين.. المهم أنهم ينعمون براحة البال، رغم أن دخلهم قد انخفض بشكل ملحوظ.. كان ذلك خيارهم، وامتلكوا جرأة التنفيذ، وغيروا بالفعل أولوياتهم فى الحياة، بعيدا عن نظريات الميرى وترابه و«اللى نعرفه أحسن من اللى ما نعرفوش».. بل اتبعوا ربما نظرية الفيلسوف الفرنسى ــ آزايس ( Pierre-Hyacinthe Azaïs) الذى عاش فى القرن التاسع عشر: «يخصص الإنسان النصف الثانى من حياته لاكتشاف ما لم يفعله فى النصف الأول»، فاكتشفوا المزيد من السعادة».

التعليقات