«عضة» الصحف الورقية - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 11:38 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«عضة» الصحف الورقية

نشر فى : الإثنين 26 فبراير 2018 - 10:10 م | آخر تحديث : الإثنين 26 فبراير 2018 - 10:10 م

قبل أيام احتفل الزملاء فى «المصرى اليوم» بصدور العدد الـ5 آلاف من الجريدة اليومية المرموقة، ودخلت «اليوم السابع» عامها الحادى عشر بخطوات واثقة، فيما أتمت «الأسبوع» عامها الحادى والعشرين بصمود فى وجه التحديات التى كانت سببا فى اندثار غالبية الصحف الأسبوعية، ما يفتح الباب مجددا أمام جدل آخذ فى التصاعد، خصوصا خلال السنوات الأخيرة، عن مستقبل الصحف الورقية أمام رياح نظيرتها الإلكترونية التى تكتسب أرضا جديدة بوتيرة متسارعة يصعب ملاحقتها.

ومع تهنئة الزملاء فى الصحف الثلاث باحتفالاتهم، فإن بعض الخبراء المولعين بالطفرات التكنولوجية التى تفاجئنا بكل جديد يوميا فى عالم التواصل بين البشر، قد تكون لديهم رؤية تمشى عكس التيار الحريص على بقاء الصحف الورقية، حيث يتوقع بعضهم زوالا غير بعيد للمطبوع، وأكثرهم تفاؤلا يعطى مددا تتراوح من 15 إلى 20 عاما على أكثر تقدير، لينتهى زمن الورق لصالح العصر الرقمى.

هذه الرؤية المثارة فى أكثر من مكان على الصعيد العالمى، وصل صداها إلى أروقة صناع الصحف والصحفيين فى مصر، ليحتدم الجدل، على سبيل المثال، فى أكثر من ندوة ومائدة مستديرة، دعا إليها الزملاء فى منتدى المحررين المصريين، وشاركت فى عدد منها، حيث كان الهم الرئيسى لمحبى الورق، ونظرائهم المنتصرين للصحافة الإلكترونية: كيف نصل لأكبر عدد من القراء، والحفاظ على «صحافة» مهنية أكثر أزدهارا، لا يهددها شبح الفناء بانصراف الجمهور عنها.

وعلى الرغم من اختلافى مع بعض الزملاء فى منتدى المحررين المصريين، بشأن مستقبل الصحف الورقية، الذى أرى أنه محاط بذئاب ووحوش كاسرة، يجعل من الصمود أمام الوسائط الجديدة أمر صعبا، لا بد أن أعترف أن ما يطرح عبر الموائد المستديرة وما يتم تقديمه من اجتهادات عبر مطبوعات المنتدى ونشرته الـ«نيوزليتر» الأسبوعية الإلكترونية، التى يشرف عليها الزميل طارق سعيد، خفف كثيرا من الرؤية الضبابية بشأن الصحف الورقية.

ولعل فى كتاب «العضة»، القصة المعمقة التى كتبها الصحفى الأمريكى، جوناثان كولمان، وترجمها إيهاب عبدالحميد، أحد مسئولى المنتدى، محاولة لتقديم تصور لما يمكن أن تقدمه الصحف الورقية للتشبث بولاء قرائها.

وحسب، طارق عطية، مدير ومؤسس البرنامج المصرى لتطوير الإعلام، وأحد تلاميذ كولمان فى جامعة فرجينيا، فإن «العضة»، قصة صحفية «تغوص فى تفاصيل حادثة بسيطة وقعت فى بلدة أمريكية صغيرة، حيث اتهمت فتاة زميلتها بعضها أثناء مبارة لكرة القدم فى دورى المدارس».

ولأن «حياة الناس العاديين ليست عادية على الإطلاق، بل قد تكون أهم من حياة أولئك الذين نراهم مشاهير أو نجوما» استغرق كولمان ثلاث سنوات كاملة فى ملاحقة تفاصيل متشعبة، وتتبع عشرات المصادر، ليقدم بروح الروائى، وعقل المحقق، حكاية ليست «مجرد قصة محلية، بل هى مرآة تنعكس فيها العلاقات الأسرية، والخصومات الرياضية الشرسة، والاضطرابات النفسية، والفساد الخافت فى العلاقات لدى ذوى المناصب».

«العضة» التى فجرت صراعا داخل مجتمع صغير فى إحدى الولايات الأمريكية، قدمت بطريقة غير مباشرة إطلالة للقارئ العربى على العنف فى عالم الرياضة بالمدارس والجامعات الأمريكية، الذى كان عدد من أولياء الأمور طرفا فيه، كما تعطينا فكرة عما يدور من صراع خفى وآخر منظور بين «السود والبيض»، وتفسر لنا بشكل عرضى، ربما، لماذا يقع العنف فى المدارس الأمريكية، ما استدعى الرئيس دونالد ترامب إلى الدعوة لتسليح المدرسين؟.

لا تخلو «العضة»، من تفاصيل شيقة كتبت بخفة ظل، وأسلوب جذاب يجبر القارئ على متابعة قصة عائلة «آل دوميك» المهووسة بالمنافسة لكسب المواقع والمناصب فى عالم الرياضة والتدريس، قبل أن تتهم ابنتها زميلتها بعضها خلال مبارة لكرة القدم، ليصل الأمر إلى ساحات المحاكم.

مثل هذه القصة البسيطة، التى تحولت إلى كتاب، يراهن الزملاء فى منتدى المحررين المصريين على إمكانية أن تكون رافعة لابقاء الصحف المطبوعة بعيدا عن خطر الفناء، فهل لدى القائمين على صحفنا الجرأة على منح محرريهم ومراسليهم الفرصة والوقت الكافى لإنجاز مثل تلك القصص؟ هذا هو السؤال الذى يطرحه طارق عطية، وأضم صوتى إليه.

التعليقات