ليلة الخميس فى القاهرة الكبرى - الأب رفيق جريش - بوابة الشروق
السبت 7 ديسمبر 2024 1:17 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ليلة الخميس فى القاهرة الكبرى

نشر فى : السبت 26 أكتوبر 2024 - 6:55 م | آخر تحديث : السبت 26 أكتوبر 2024 - 6:55 م

من الصعب وصف شوارع القاهرة الكبرى فى وقت الذروة خاصة ليلة الخميس، حيث يشعر المرء بأن كل سكان القاهرة الـ20 مليون فى الشارع، مما يسبب زحامًا شديدًا، ويجعل شوارع القاهرة رغم الكبارى الجديدة أشبه بالمكرونة، إذ كل السيارات تدخل وتتداخل وتتصارع. فمعروف أن ليلة الخميس هو يوم الخروجات العائلية والشبابية بالذات، حيث المقاهى مليئة والكافيهات على آخرها، ومواكب الأفراح تزيد الطين بلة، وماتشات الكورة المذاعة على التليفزيون فى القهاوى والأكشاك، إضافة إلى المواعيد المتأخرة لغلق المحلات والمولات، وكل ذلك يقترن بخروج الموظفين والعمال فى نفس التوقيت من أشغالهم. فأى مشوار الذى قد يأخذ نصف الساعة فى الأيام العادية يأخذ يوم الخميس ساعة ونصف الساعة كأن نزهة ليلة الخميس لازم ولا بد أن تبدأ بالأعصاب المشدودة والمتوترة وتداخل السيارات والمارة وشقاوة سائقى الموتوسيكلات واستهتار التكاتك فى غياب من الظابط والرابط. سائقو الموتوسيكلات فى الغالب لا يلبسون خوذة، كما يتطلب ذلك قانون المرور، وخطر أيضًا على الغير، وحدث ولا حرج على الحوادث التى تتم. أظن هناك ثلاثة أسباب رئيسية تتسبب فى ذلك الهرج والمرج:
أولًا: قادة السيارات والموتوسيكلات والتكاتك والمشاة هم أول المتسببين فى هرج الشارع ويسيرون دون احترام كامل للقانون والالتزام به والالتزام بحارات المركبات كما ينبغى، وإصرار الغالبية على إرسال رسائل نصية والتحدث فى المحمول أثناء القيادة مخالفة بذلك القانون.
ثانيًا: غياب الوعى الشعبى بأهمية احترام ليس فقط القانون لكن احترام الآخر وحيز سيره، وهذا يتأتى برفع الوعى الشعبى، وربما أجهزة الإعلام لها دور فى ذلك بدلًا من الاهتمام بالهيافات وحياة أهل الفن الشخصية، فإعلامنا يجب أن يكون موجهًا إذ الدولة تمتلك قدرًا كبيرًا من وسائل الإعلام فلتستخدمها فى رفع الوعى الشعبى وتوجيهه لما هو صالح.
ثالثًا: غياب شبه تام لشرطة المرور خاصة فى أماكن الزحام ويندر أن تجد ضابطًا ولا عسكريًا موجودًا لتنظيم المرور وأخذ المخالفات اللازمة وإلى آخره من الأعمال الشرطية، كأن لسان حال البعض يقول للمواطن «كل واحد مع نفسه» أو بلاش نزعل المواطن يكفى ارتفاع الأسعار عليه، وهذا إذا كان صحيحًا فيكون فكرًا كارثيًا، لأننا بذلك لن نرسى دولة القانون بل نرسى كل واحد مع نفسه أى الأنانية المطلقة فى التعامل مع بعضنا البعض، إن لم يتعلم المواطن احترام القانون بدءًا من الشارع فلن يحترمه قط فى الدواوين الحكومية، وهنا يعشعش الفساد. أدعو المسئولين أن ينزلوا إلى الشارع فى وقت الذروة، ويشاهدوا بأم أعينهم معاناة الشعب من كارثية الهرج والمرج فى الشوارع.
ختامًا: كل ما أخشاه أن اهتمام الدولة يكون موجهًا نحو المشاريع الكبرى خاصة المدن الجديدة والجميلة والمنظمة وتترك المدن القديمة، مثل القاهرة الكبرى، فهى أشبه برجل اشترى بدلة جديدة فلم يعد يلبس بدلته القديمة بل يتركها للزمن والعتة أن تأكل فيها.

الأب رفيق جريش الأب رفيق جريش
التعليقات