بعد عشر سنوات من الثورات العربية.. كيف تحول الموقف الأوروبى؟ - العالم يفكر - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 4:14 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بعد عشر سنوات من الثورات العربية.. كيف تحول الموقف الأوروبى؟

نشر فى : السبت 26 ديسمبر 2020 - 7:45 م | آخر تحديث : السبت 26 ديسمبر 2020 - 7:45 م

نشر موقع فوربس مقالا للكاتب Guney Yildiz، يتناول فيه تحول أوروبا عن دعم الحراك الشعبى فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بهدف تحقيق الحرية السياسية إلى التعاون مع حكام المنطقة للحفاظ على الاستقرار خاصة بعد أن أدت الانتفاضات إلى زعزعة أنظمة الدول ونتج عنها موجة هجرة غير مسبوقة إلى أوروبا... نعرض منه ما يلى:
بعد عقد من الزمن، تثير ذكرى الربيع العربى مشاعر غامضة فى الشرق الأوسط وأوروبا. فلقد ولت منذ زمن بعيد الحماسة الأوروبية بشأن الانتفاضات من تونس إلى سوريا.
اليوم، أوروبا تعترف بضرورة إعطاء الأولوية للاستقرار السياسى فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على حساب الحريات السياسية. والاستقرار، فى هذا السياق، يشير بشكل أساسى إلى إدارة الهجرة وتعزيز التعاون الأمنى والاقتصادى. وغالبا ما يأتى هذا التعاون مع الحكام المستبدين على حساب دعم الحركات الجماهيرية التى تسعى إلى التحول للديمقراطية.
***
لم تكن النار التى أشعلت الانتفاضات، من تونس إلى مصر وليبيا والبحرين وسوريا واليمن، رمزية أو مجازية. فمحمد البوعزيزى، بائع فواكه يبلغ من العمر 26 عاما، أضرم النار فى نفسه يوم 16 ديسمبر 2011، احتجاجا على مصادرة الشرطة ــ بشكل تعسفى ــ ميزانه وخضراواته. أثار موته حشدا وسخطا فى المنطقة ضد الأنظمة والحكومات الاستبدادية فى جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
على سبيل المثال، أنهت الاحتجاجات التونسية حكم زين العابدين بن على الذى استمر 23 عاما. بينما كان الليبيون والمصريون والسوريون والبحرينيون واليمنيون يراقبون الأوضاع عن كثب.
ما يسمى ــ بالربيع العربى ــ لم يتبع المسار المنظم والسلمى ــ نسبيا ــ كما حدث فى تونس. فليبيا وسوريا واليمن انزلقت إلى الفوضى والحرب الأهلية. جاء ذلك بسبب أن النظامين السورى والليبى ردا على التظاهرات السلمية بالعنف، وتسببا فى دفع الدولتين إلى حافة الهاوية السياسية متمثلة فى حروب أهلية ودمار مستمر ــ مع الأسف ــ حتى يومنا هذا. إذن، أدت هذه الانتفاضات وردود الفعل العنيفة إلى زعزعة استقرار الأنظمة. وبالتبعية أنتج الربيع العربى موجات هائلة من الهجرة التى استهدفت أوروبا. كما وصلت التهديدات الأمنية المنبثقة من سوريا بشكل أساسى إلى أوروبا، حيث استهدف المسلحون المدنيين فى عدة دول، بما فى ذلك فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة. وبالنسبة لمصر، رأى المصريون أن الثورة أطاحت بنظام محمد حسنى مبارك لكنها لم تحدث التغيير المنشود فى مؤسسات الدولة. اليوم، يتمتع التونسيون بنظام سياسى أكثر حرية، لكن المشكلات الاقتصادية التى يواجهونها، والتى كانت السبب الرئيسى وراء تضحية بوعزيزى بنفسه، تتبع دورة تسير من وضع سيئ إلى وضع أسوأ.
وتتبعا للتغييرات على الأرض عبر الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال المراحل الأولية للربيع العربى، تبنى الاتحاد الأوروبى سياسة جوار جديدة، تاركا النهج السابق ذى التوجه الأمنى، لصالح سياسة التواصل والاستجابة للشعوب. وقد فتح ذلك الطريق أمام الاتحاد الأوروبى لزيادة مشاركته مع الجهات الفاعلة المحلية ــ بعيدا عن الحكومات ــ وتقديم الدعم للمحاولات التصاعدية لتوسيع الحرية السياسية، كل ذلك كوسيلة لتحقيق استقرار سياسى طويل الأمد وتوسيع التعاون مع المنطقة. وتحقيقا لذلك، تدخلت أوروبا فى ليبيا، بينما فشلت محاولة المملكة المتحدة والحكومة الفرنسية تكرار النموذج الليبى فى سوريا بسبب تصويت البرلمان البريطانى ضد أى تدخل عسكرى فى سوريا.
بعد عدة سنوات من الواقع السياسى والاجتماعى الجديد الذى أوجده الربيع العربى فى المنطقة، عادت أوروبا تدريجيا إلى المربع الأول، معطية الأولوية للاستقرار على حساب الحريات السياسية. فاليوم، يتخذ الاتحاد الأوروبى موقفا أكثر تحفظا يعطى الأولوية للتواصل مع القيادة ومؤسسات الدولة على حساب المجتمع المدنى والحركات الجماهيرية. فى قلب هذا النهج لا يقتصر الأمر على إدارة الهجرة فحسب بل يشمل أيضا زيادة التعاون الأمنى والاقتصادى.
وتطبيقا لهذا النهج، التقى القادة الأوروبيون مع نظرائهم العرب فى مصر فى فبراير 2019 فى أول قمة أوروبية عربية على الإطلاق، كانت الصيغة الرئيسية التى تلخص الاجتماع هى «الاستثمار فى الاستقرار». كان ذلك الاستثمار فى «الاستقرار» والتعاون، على حد تعبير المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، «حيويا لمصير الاتحاد الأوروبى». فالهجرة والضعف الأمنى هما اللذان حولا المشهد السياسى فى أوروبا لصالح اليمين المتطرف وجعلا التعاون من أجل الاستقرار أمرا حيويا لأوروبا.
***
يحاول الاتحاد الأوروبى تحقيق المستحيل بمحاولة إعادة عقارب الساعة إلى الوراء. رغبة فى العودة إلى الوضع السابق على نشوب ثورات الربيع العربى فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
لكن بالمقارنة مع الشرق الأوسط قبل عقد من الزمان، يواجه الاتحاد الأوروبى اليوم منافسة قوية من قوى مثل إيران وروسيا وتركيا التى تتنافس لفرض نفوذها على المنطقة. لم يكن هذا هو الحال فى عام 2003 عندما تمت صياغة سياسة الجوار الأوروبية. فهذه الدول تملأ الفراغ السياسى الذى خلفه فك الارتباط التدريجى للولايات المتحدة، على الرغم من أن الإدارة الأمريكية المقبلة لجو بايدن قد تكون أكثر التزاما من إدارة الرئيس دونالد ترامب، إلا أنه لا يزال من غير المرجح أن تتعامل الولايات المتحدة مع المنطقة كما فعلت قبل عقد من الزمان.
الخلاصة، من غير المحتمل أن تسفر سياسة أوروبا الحالية عن النتائج المرجوة. فالمشهد السياسى فى المنطقة يتغير بشكل دائم منذ الربيع العربى. ونظرا لكونه الطرف المتلقى للأزمات فى المنطقة لأكثر من عقد من الزمان، أصبح الاتحاد الأوروبى اليوم أكثر ضعفا. علاوة على ذلك، يستغل الحكام فى الشرق الأوسط هذه الأزمات للدخول فى علاقات مع أوروبا بهدف تأمين مزايا لهم (خصوصا إدارة الهجرة) مقابل التعاون الأمنى والاقتصادى.
إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى: هنا

التعليقات